أنا وَ أنتَ

165 9 25
                                    

الفصل الأول-

الساعة السادسة و الربع مساءً.

أوليس جميلًا ذلك الوقت؟ بذلك الشهر، الشهر الذي يكثر فيه الخير و التعفف و الحصانة، و تقل به الخطايا و الأثام و الفواحش، لكن لا تمتنع نهائيًا.. السيارات تسابق الصواريخ بذلك الوقت، و كأنما إن تأخرت عن الإفطار بضعة دقائق أخري ستموت جوعًا؛ و لذلك تكثر الحوادث، ناهيكَ عن كثرتها بالعموم، علي كلٍ بالعشرة الأواخر يزداد الزهد و قد تقوم من علي مائدتك لست ممتلئًا بما فيه الكفاية، منتظرًا لوجبة العيد المليئة بالملوحة سواء كانت تحتوي علي الأسماك المجففة أو المحاشي.. النسيم الرطيب ذو العبق المميز بتلك الأيام المباركة يدخل رئتيك كرحيق الزهور، تصاحبه رائحة 'بسكويت العيد' الطازجة، بجميع الأفران يتجهز طاقمها لموسم الحلويات الهشة، أجواء في غاية الدفئ..

لكن لما أنا بالشارع في وقت كهذا؟
أنا أبحث عن عمارة قديمة يسكنها العجائز حتي أسرق بعض مواتير المياه ببير السِلِم، أبيعها كي أخذ حق علبة سجائر أفطر عليها بعد صيام شاق.
ماذا؟ أنا أترك لنفسي بابًا للهداية، فقد يَّمن علي الله بعمل في الحلال..

تقدمت بضع خطوات نحو عمارة تتكون من ثلاثة أدوار، ربما هي عِشة أو ما شابه.. ولجت نحو باب المنور ثم أخذت أكسر قِفله بحذر بأسلحة بيضاء تتواجد بجيبي دائمًا، يكون الصوت واضح للغاية في المنور؛ لذلك سمعت أنين لمرأة يتم سحقها علي الأغلب، أخذت تدور بمخيلتي أنها تمر بوِلادة عسيرة من شدة صراخها، لذلك صعدت للدور الثالث حيث يتضح الصوت أكثر لي، فاستغربت قليلًا كون أن باب الشقة مفتوح و يقف علي عتبته شخص يقهقه بسكر و يمازح من بالداخل، و صراخات المرأة في حالة استمرار، حتي و اتضح أيضًا صوت رجل يتوسل و يبكي مقهورًا..
نظر الماثل أمام الباب إلي عندما لاحظ طلوعي الحذِر المرتجف، ثم أخذ يبتسم لي قائلًا:
-نور! يا أهلًا و سهلًا بكَ.

صافحته بخفة و سرعة حيث أنهُ أحد شركائي ببعض الجرائم، كما أنه أبن جيهتي.. و سرعان ما وقعت عيناي علي مشهد أعتدت رؤيته بجرائمه، لكن ذلك فظيع و مبالغ فيه، رجلان من أصدقائه يحاولان -أو ربما فعلوا ما هو أسوأ- انتهاك عرض المرأة الصارخة بينما يصفعونها باحزمتهم و يجرحونها بأدوات حادة، متجردة من ملابسها كاملة و مثبتة علي الأرضية في محاولة فاشلة بالمقاومة، تحاول عدم جرح نفسها بحذر من السكاكين التي تلتف حول رقبتها كالحيَّة، بينما بالناحية الأخري يتم توطيد رجل بملابسه الداخلية و يمسك أحدهم برأسه ليشاهد زوجته علي الأغلب و هي يُمارس عليها بعض الاغتصاب السادي أمام مرآه.
فخرج صوتي من حلقي متلجلجًا:
-كُن متساهلًا قليلًا يا 'مروان'، ماذا فعلا هؤلاء؟
نظر نحوي ثم قال باقطتاب:
-هي لم تفعل شئ، لكن ذلك الوغد لم يملك شئ سِوي تلك المرأة لننتقم منه بها.. إن كان له أبن لقتلته و قطعت نسله النجس.

Daddy Issues | مَشاكِل أبْوِيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن