الدوامة العمياء

6.6K 96 1
                                    

6 - الدوامة العمياء

عندما اقترب اليخت من هيدرا رأت تارا الجزيرة في وهج غروب الشمس ، و بدت كأنها عروس بحر تطفو على سطح الماء الهادئ .
في خليج سارونيك . و بالرغم من وضعها لفت نظرها هذا المكان الذي ستعيش فيه .

عرفت تارا شيئا عن تاريخ الجزيرة من جملة ما قص عليها ليون .
كانت مركزا لقراصنة البحر ، اما الآن فانها تستهوي الكتاب و الفنانين و اصحاب السفن و غيرهم .
و المباني الضخمة القائمة على سفوح التلال يملكها الاثرياء ... و كان ليون أحد هؤلاء .

قال لها انه كان في وقت ما أحد ملاك البواخر الا انه تحول الى فن الازياء . يملك مؤسسة هيرا و هي من ارقى بيوت الازياء النسائية المشهورة .
تذكرت تارا الآن لماذا ذكر ليون في احاديثه السابقة معها عبارة " نماذج و دمى "
وعرفت ان ذوقه دقيق للغاية .
و اشهر فساتين هذه المؤسسة صممها ليون بنفسه فأكسبتها شهرة عالمية .

رفعت هذه المعلومات من قيمته في عينيها و اعتبرته اقل و حشية من ذي قبل ، و لكنها لم تتخل عن فكرة الهرب في اول فرصة ممكنة تواتيها على الجزيرة .

كانت واقفة عند سياج اليخت عندما انضم ليون اليها :
- سأدلك على بيتنا عندما نقترب من الجزيرة .

احست بدغدغة في معدتها لدى سماعها كلمة " بيتنا " لانها دلت على ان مستقبلها تقرر و انتهى .
و لا شيئ في العالم يستطيع ان يغير منه شيئا .
اصبحت ملكا لزوجها ، و المبنى لهما كليهما ، ستسكنه حيث ستكون قطعة اثاث و عبدة مطيعة لليون كباقي نساء اليونان .
التفتت اليه و دفع الهواء شعرها فغطى وجهه ، و عندما تكلمت كانت في صوتها مرارة اليأس :
- أنه بيتك انت ! لن يكون ابدا بيتنا نحن الاثنين !

اغضبته هذه العبارة و قال محتدا :
-ما معنى هذا ؟ هل مازلت تفكرين بالافلات مني ؟
- سأكون نموذجا لامرأة او دمية تعيش في عبودية ، لذا سأحاول الهرب .

توقعت ان يرفع صوته عاليا ادهشها هدوؤه عندما قال :
- يجب ان تؤمني بما قلته لك و هو انك ستباركين هذا الزواج . فقد يولد لنا طفل في وقت ليس ببعيد ... قد يكون على الطريق الان ... و عندئد ستقبلين نصيبك .

احست بانقباض في قلبها .
طفل على الطريق ؟
فعلا ، بعد تلك الليالي التي امضتها معه ربما صار هذا حقيقة واقعة .
لم تفكر في ذلك مطلقا . دعت الى الله ان ينقدها من ذلك ، و اذا صح انها ستنجب طفلا ، فسيسد عليها هذا الطفل طريق الهرب .
و لن يفرط ليون بطفله لتأخذه معها ذات يوم .
و هذا سيرغمها على البقاء .
لاحظ ارتعاشها و هي تعلق على كلامه :
- أصلي من كل قلبي الا يحصل هذا . هل نسيت اني احب رجلا آخر ؟ اخذتني زوجة لك ، و لكنك ستندم !
- او ستذهبين الى الشرطة اذا هربت ؟ هل هذا الذي سيجعلني أندم ؟

بانت لها قساوة صوته كقساوة جبل من جليد ، و لكنها تابعت كلامها بحدة لم يعهدها فيها :
- قلت لك قبل هذه المرة اني لن اخبر الشرطة اذا تركتني اذهب . رجوتك فرفضت ، و لكنني هذه المرة سأذهب ! و صديقك الكاهن سيكون مأواه السجن ... برفقتك طبعا !
- ماذا عمل لك الكاهن ؟ انك لم تتذمري ابدا و هو يقوم بمراسيم الزواج .

اريد سجنك! (آن هامبسون) / روايات عبير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن