في وقت مبكر من صباح اليوم التالي كانت دوريما جالسة على سريرها وهي تفكر وتبتسم في نفس الوقت، لقد راودتها فكرة زرعت في قلبها السعادة فنهضت بنشاط وكانت العائلة لم تستيقظ بعد فأعدت دوريما فطور الصباح وملئت الطاولة بكل ما لذ وطاب ،وبعد فترة ليست طويلة دخلت الأم إلى المطبخ وفوجئت بالوان الطعام الزاهية على الطاولة فقالت مازحة :" منذ متى اصبحتي طاهية ايتها المشاكسة؟" ردت دوريما بافتخار:" منذ الامس"
-" اذن فقد كنتي تنتظرين سن 18 لتتحولي إلى طباخة ماهرة"
قالت دوريما بمكر " في الحقيقة أنا طباخة بالفطرة لكنني تاخرت قليلا في تفجير المواهب" وضحك الاثنان لكن هذا الضحك وهذه السعادة قطعها دخول الاب المفاجئ فعم السكون وكأن لا أحد يوجد بالمطبخ ، نظر الاب إلى الطاولة ثم نظر إلى دوريما وقال متعجبا ": لا تقولي لي انك أنت من حضرتي هذه الطاولة " ، قالت دوريما بتردد :" ن ..نعم"
هنا اطلق الاب صفيرا يعبر عن الدهشة ثم قال بفخر :" ها قد اصبحت ابنتي تستطيع القيام بمسؤوليات المنزل وكأنها ربة بيت فعلا" بقيت دوريما تنظر إلى والدها باستغراب فهي لم تفهم حرفا مما قاله، فيما تقلب وجه الام وكانت تكتم غضبها بصعوبة فقالت وهي تكاد تنفجر :" دوريما ايقظي اخوتك لقد تأخر الوقت" قالت دوريما ببراءة :" أمي... أمي مابك لماذا غضبتي فجأة ؟"
-" قلت اذهبي إلى اخوتك وايقظيهم بسرعة " وما إن انسحبت دوريما من المطبخ حتى التفت الاب إلى زوجته وقال :" شو ، هل حدثتي ابنتك عن زواجها"
ردت السيدة شو بغضب :" لم ولن احدثها"
-" إن لم تحدثيها أنت فسأفعل انا"
ردت شو بنبرة تحدي :" ستندم كثيرا إن فعلت، بالمناسبة من هذا الشاب الذي أراك متحمسا جدا لأن تضمه لعائلتنا وتعطيه ابنتك ؟ اخشى أنه مجرد اهوج جلست معه ربع ساعة في مقهى، أو أحد البلطجيين الذين يتسكعون في الشوارع"
ضرب السيد جونغ قبضته على الطاولة فاهتزت بعض الصحون وقال بنفاذ صبر:" يكفي يا شو ماهذه الترهات التي تتفوهين بها، هل تظني أن دوريما ابنتك انت فقط، لا تنس انها ابنتي ايضا وانا أهتم بها وبحياتها مثلك او اكثر" وحمل مفاتيحه وخرج غاضبا"، عادت دوريما إلى المطبخ وهي تنظر إلى الباب الذي أُغلق للتو بعنف"
-" أمي مابه ابي لماذا جن جنونه هكذا ؟"
-" كعادته، يغضب لاتفه الاسباب، دعينا منه وهيا نجلس وننتظر اخوتك لنتناول الفطور"
في المساء كان الجميع في غرفهم إلا السيدة شو فقد كانت جالسة في حديقة البيت وما إن فُتح الباب حتى انقبض صدرها، ها قد جاء السيد جونغ وسيأتي معه الصراخ والعناد، وبالفعل كان أول ما سأل عنه الاب هو اذا ما كانت قد تحدثت لابنتهما عن موضوع الزواج، قالت شو بعناد :" جونغ أعتقد أنه من الأفضل أن تنسى هذا الموضوع وتدعنا نعيش بسلام وتؤجل الحديث عنه حتى يحين موعده"
-" متى يحين موعده، بعد 10 سنوات أو 20 سنة"
- " حين يقدر لها الله الزواج ستتزوج "
-" افهمي يا شو لا أستطيع الخروج عن عادات المجتمع، ماذا سيقول الناس عنا وعن دوريما"
" هذا مايهمك سوى كلام الناس"، واصبح النقاش حادا وعلت الاصوات ما جعل دوريما تتوجه للحديقة وما إن لمحاها عم السكون فقالت باستغراب " امي ابي مابكما اصواتكما تملأن المكان" رد جونغ بحسم :" دوريما اجلسي لدي ما أقوله لك ..." قاطعته زوجته بسرعة :" لا يوجد شئ يا ابنتي عودي لغرفتك" هنا صرخ الاب قائلا :" شو لا تتدخلي" وعندما حاولت التحدث مرة أخرى جلست دوريما على الكرسي وقالت :" ماذا يوجد يا ابي؟"
هدأ الاب قليلا ثم قال :" دوريما لقد اصبحتي في الثامنة عشر من عمرك واصبحتي كبيرة وصاحبة مسؤولية وشابة يافعة لذا انا حسمت الامر بشأن مستقبلك"، كانت الأم جاهزة لاطلاق سلسلة من الكلام الرافض لولا أنها رأت عيون دوريما تبرق فرحا وقالت بحماس :" ياااه ابي وأخيرا شاركتني في افكاري واحترمت رغباتي يبدو انك تفكر في نفس الفكرة التي تراودني" عم الصمت لبضع دقائق ثم نظر الاب إلى زوجته وقال :" ها ارتاحي الان ابنتك تود هذا ولن اجبرها على شئ كهذا بل سيكون برغبتها" ثم نظر إلى دوريما وسألها مبتسما عن فكرتها لكن ابتسامته زالت بعد أن قالت دوريما بحماس :" لقد قررت أن ارتاد الجامعة واكمل دراستي" ورفعت كأس الماء لتشرب فقال الاب بخيبة :" عن اي جامعة تتحدثين انا كنت اقصد الزواج" فوقع الكأس من يد دوريما وشعرت أن العالم يدور حولها فاستجمعت نفسها بصعوبة وقالت :" زواج... زواج ماذا يا ابي" رد الاب بسرعة :" انظري يا ابنتي اعرف صديقا لي لديه ابن محترم ذو أخلاق عالية وقد طلبوا يدك الزواج منه واظن انك تناسبينه تماما و..... " قاطعته دوريما وهي تبكي :" كم انا غبية ظننت انك وأخيرا استطعت فهمي، كيف لي أن اتزوج وانا لدي قائمة طويلة من الاحلام والاهداف والتي ليس من ضمنها الزواج، لن اوافق على هذا العرس مهما كلفني ذلك" وفيما كانت تنصرف باكية صرخ والدها بغضب " دوريما... هذا ليس طلب، أنه امر ستتزوجين كما هو مخطط لك" وقفت دوريما قليلا دون أن تلتفت خلفها ثم ركضت تبكي بحرقة لغرفتها.