في صباح أحد الايام كانت دوريما تجلس في الارجوحة وتقرأ رواية الرجل الغامض للكاتبة اجاثا كريستي ، كانت اوراق شجرة الساكورا الوردية تتناثر في كل مكان حتى على شعرها العسلي، لكنها لم تعرها أي اهتمام بل كان كل تركيزها على الرواية، قالت بحماس:" وااو ترى لماذا يظهر الرجل الغامض كوين في الاوقات المناسبة ثم يختفي دون أن يترك اي اثر؟" كانت دوريما تحدث نفسها وهي تنظر إلى الكتاب لكن حدث شئ ادهشها فقد جاءها رد يقول:" لأنه بطل القصة" استدارت بسرعة لترى من المتحدث فهي واثقة أنه لم يكن صوت لوهان ولا كيان، لم تخطئ دوريما فالمتحدث كان شاب طويل القامة يقف في باب الحديقة مرتديا سروال أسود يكاد ينافس السماء في لمعانها و سترة زرقاء يخيل للناظر أنها بحر يمتد على الاف الامتار، لقد كان مبالغا في اناقته لكن ما كان يجذب أكثر هو عيناه الفضيتان لما رفع قبعته قليلا ليتنسى له النظر إلى دوريما التي كانت بدورها تنظر له بملل ثم قالت في نفسها :" هذا ما كان ينقصني سوى هذا المتبجح، يا الهي يكفي ذلك اللوهان المزعج، من أين ظهر هذا الان" و إلى أن قال لها :" هل سأبقى واقف في باب الحديقة إلى أن يحل الظلام" عندها وضعت دوريما الكتاب على حافة الارجوحة ووقفت وهي تعدل فستانها ثم قالت :" وكيف لي أن اعلم أن شخص يرتدي أفخم ما عنده لكي يزور مدينة ألعاب" نظر إليها الشاب من أسفل القبعة دون أن يرفعها وقال ببرود :" ومن قال لك أن هذا أفخم ما لدي؟ هل القيتي نظرة على خزانتي من قبل ؟" حاولت دوريما جاهدة أن تمسك لسانها لكي لا تدخل معه في حوار عقيم ينتهي بجدال ربما حاد إلى أن انتبهت أنه يترجل إلى الحديقة فصرخت قائلة :" هاي هاي هااي قف عندك، يجب أن تدفع ثمن تذكرة الدخول قبل أن تطأ قدمك أرض الحديقة" قال الشاب وهو يبحث في جيبه عن النقوذ:" هل هذا قصر بكينجهام أو حديقة ديزني لاند" واخرج قطعة نقذية قدمها لدوريما واكمل يقول :" لا تطلبي المزيد لأنه تبقى مبلغ يكفي لشراء طعام لكلبي الجائع فقط" تمتمت دوريما :" سحقا لك ولكلبك" نظر لها الشاب وقال :" ماذا قلتي لتوك" ردت دوريما :" لا شيء، اذن هل قرأت رواية الرجل الغامض من قبل ؟" قال بدون تردد:" خمس مرات منذ أن ولدت وخمس قبل أن اولد" نظرت له دوريما باستغراب فقال موضحا :" قرأتها أمي خمس مرات حين كنت في بطنها" صمت قليلا ثم ابتسم وقال :" هذا ماجعلها تسمي مولودها "كوين" صاحت دوريما بذهول :" وااو اذن اسمك كوين، هذا فعلا أمر رائع" لم تكن الابتسامة تفارق وجه كوين وقال :" شكرا لك، ماذا عن امك، ترى ماهو الاسم الذي اختارته لمولودتها ؟ قالت دوريما بابتهاج :" دوريما..لقد احسنت صنعا حتى في اختيار الاسماء" انزل الشاب رأسه قليلا ثم ابتسم ورفع رأسه ليثبت عينيه الفضيتين في عيني دوريما البنية وقال :" هل يمكنني أن اناديك ريمي" اتسعت عينا دوريما من الصدمة فقد تذكرت شخص تحبه كثيرا، لاحظت دوريما أن الرؤية قد اصبحت غير واضحة بسبب الدموع التي ملأت عينيها فأشحات بوجهها بسرعة لكي لا يلاحظ الشاب ذلك وقالت :" يمكنك أن تناديني كيف ما تشاء" وبينما هما يتبادلان اطراف الحديث كان لوهان يراقبهما من شرفة المنزل وينقر على زجاج النافذة بقلق ما جعل كيان وبورا ينظمان إليه ثم بادره لوهان بالسؤال :" من ذلك الشاب" رد لوهان بانفعال :" لا أدري" نظرت بورا إلى لوهان وقالت :" لوهان، مابك هل أنت بخير" رد لوهان دون أن ينظر إليها :" لا أدري لماذا لا يروق لي هذا السافل" وبقي الثلاثة ينظرون إلى النافذة وهم يحملون شعور غريب في داخلهم....