الجزء الأول : إنه حلم !

22 2 0
                                    

    لقد إشتقت إلى ذلك المنزل الصغير، جدرانه البيضاء مزركشة برسوماتنا،و نوافذه تطل على حديقتنا الصغيرة. كنا نتسابق من باب المنزل لنلعب فى تلك الأرجوحة التى سنصعها لنا والدنا فى التبني.

نعم!! أخبرتنا امنا فى التبني انهم وجدونا انا واخى التوأم امام منزلهم ،بحثوا عن والدينا لكن دون جدوى كأننا نزلنا من السماء.

كانت ملامحنا بارزة ، شعرنا الذهبي و اعيننا الزرقاء وبشرتنا البيضاء تأكد اننا خارج هذه البلاد، فقرروا ان يبعثوا رسالة عسى ان يجدوا اسرتنا.

مكثنا عندهم يوم ثم اسبوع حتى مرة السنوات، فقررت هذه الاسرة التى أوتنا بتبنينا و اهدونا افضل الاسماء : هدى و إسحاق.
لقد ظننت أن هذه الحياة المليئة بالدفئ و السلام ستستمر الى الابد. 

أتذكر جيدا ذلك اليوم، في ١ مارس ذهب ابونا فى رحلة عمل و لم يعد، كنت انا و اخى نلعب فى حديقة المنزل طوال اليوم مع اخوتنا الاربعة، و كلما دق جرس الباب ركضنا
مسرعين لفتحه ، نأمل أن يكون والدنا.

مرة  ٦ سنوات منذ رحيل والدي العزيز ، رغم ذلك لازلنا ننتظر مجيئه. في يوم من الأيام كنت أروى النباتات التى زرعتها لنقتات منها فجأة رأيت ظل شخص واقف امام البيت، فاتجهت اليه مسرعة و البسمة تعلوا ناظري لكنه اختفى عن الأنظار ووجدت ورقة صغيرة
مكتوب عليها عنوان مجهول
ظننت انه ليس بتلك الأهمية فقمت برمي الورقة.
وفي اليوم التالى، جمعتنا امنا الحبيبة لتناقش معنا موضوعا ما، كانت يدي امي مغطاة بالجروح لانها لا تترك عملها لتعيل عائلتها الصغيرة، فبعد ذهاب والدنا أصبحت امنا تلعب دور الاب و الام. كنا في  ذلك الوقت صغارا لا نقدر على العمل لكننا لم نقف مكثوفي الايدي، كنت و لازلت أزرع بعض الخضروات فى حديقتنا الصغيرة، و كان اخى يعمل عند البقال، كان ذكيا يجيد الحساب واخوتنا الصغار يساعدون امي فى خياطة الملابس و بيعها. كنا نعيش متضامنين مع بعضنا البعض حتى جيراننا لم ينفكوا من تقديم المساعدة ، أجواء الفرح و الدفئ كانت تعم المكان.
فاجأتنا والدتنا بما قالته لنا : "عزيزتي هدى،  عزيزي إسحاق، كيف مضى الوقت بهذه السرعة، أصبحتم بهذا النضج والجمال. لقد حان الوقت لتبحثوا عن أسرتكم و لا تقلقوا سنكون بخير".
لقد رفضت و اخبرتها بانني اريد العيش معهم لكنها أسرت على ذهابنا يبدو عليها القلق على أسرتنا الحقيقية . وفي غد ذلك اليوم لم تبخل امنا وقدمت لنا اغلب مؤنتها، ودعناهم  و قد اجهشت بالبكاء ، ضممت إخواتي الأربعة وقلت لهم " أريد أن أراكم تحققون أحلامكم، عنذئد سأحقق حلمكم فى زيارة بلدتنا لا بل زيارة دول العالم".

كنت ساذجة عندما وعدتهم بمثل هذا الوعد لم يمض عليه سوى بضع دقائق، كنا قد ركبا سيارة الاجرة متجهين خارج البلدة حتى نتفاجؤ بسماع صوت صادر من السماء،لم نكمل لفتنا حتى رأينا ما تركناه خلفنا ضمار!!!
إرتطمت سيارة الأجرة بالحائط بقوة، مسكني أخى الذي ينعم ببنية قوية ثم لا أذكر سوى صراخ الناس و حطام المنازل يرتطم بالأرض ، لقد نوجنا من هذا الإصطدام بأعجوبة، خرج اخى بعد كسره زجاج السيارة ثم ساعدني فى الخروج و اتجهنا لنساعد سائق السيارة، لكنه توفي. مسكت فمي منصدمة لكني سرعان ما التففت من حولي لاجد مشهدا لم أرى مثيله من قبل، غبار و حطام فى كل مكان ،أناس يصرخون و  يبكون ، و ما صدمنى اكثر هي الجثة المنتشرة فى زقاقنا، فجأة أستذكر أسرتنا فأركض مسرعة وسط الدخان و انا اقول فى نفسي ارجوك يا رب إحفظ عائلتنا!!

--
لم أصدق ما رأيته لقد كنت أقول انه حلم ! فقط حلم مزعج !!
لكنه كابوس حقيقي...

ما وراء الجدران || Behind The Wallsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن