الفصل الخامس

6.7K 378 38
                                    

الفصل الخامس

مرت عدة أيام زاد الأمر سوءا وزادت المسافات بعدا ، لم تعد تنظر له مطلقا ، أصبح يقضى ساعات وهما بغرفة واحدة فإما تتظاهر بالنوم أو تطرق رأسها بصمت يصل به للجنون .

كأنها لم تعد تراه !!

ذبلت نضارة وجهها وخبت ابتسامتها ، بدأ بدنها أيضا يعلن عن حزنه بفقدان الوزن بشكل مريب .. حتى روحها أصبحت مقيدة وفقدت انطلاقها الذى كان يتلهف للشعور به وهى بين أصابعه .

يراها تتناول الطعام برفقة الأسرة بإنتظام ويسمع تقيؤها ما تناولت بعيدا عن الجميع .

طرقات خفيفة أخرجته من شروده ودعتها لرفع رأسها نحو الباب ليأمر هو الطارق بالدخول ، دخلت أم علي : الست دينا چت وبتسأل على الست آيات .

نظر نحوها وكانت عينيها نحو المرأة وكأنه خواء لتقول : چاية اهه .

وتبعت قولها بتنفيذه فتحركت بتثاقل نحو الباب مغادرة وتاركة خلفها من يعذبها ويتعذب بها .

هبطت الدرج ترسم شبح ابتسامة لتستقبلها دينا ببشاشة , رحبت بها وجلستا لتتساءل دينا : مالك يا آيات ؟ كانك بعافية ولا حزينة

اتسعت ابتسامتها الكاذبة : لا ابدا انى زينة الحمدلله .

اقتربت دينا برأسها : خوى مزعلك صوح ؟
هزت رأسها نفيا بإيجاب مستتر لتتنهد دينا : ربنا يهديك يا واد ابوى .. والله يا آيات يزيد مش كيه ما بيرسم لروحه .. ده جلبه ابيض من اللبن الحليب .

ضحكت آيات وكأنها لا تعرفه حق المعرفة !!!
أتظن دينا أنها تقدم له تبريرا !!
وهل هناك ما يمكنه أن يدفعها للتغاضى عن تحقيره !!
عن تهميشه !!
عن سحق قلبها بقسوته المجردة من الرحمة !!

تلفتت حولها مغيرة مجرى الحديث : انت چاية لحالك ولا إيه ؟؟ عمير وين ؟؟

ضحكت دينا : فى الچنينة مع چده والولد دلوك يتعاركوا وتلاجيه چاى يتخبى .

ضحكت آيات ضحكة بلا روح أثناء اقباله هابطا الدرج بتروى .. وكأن القدر ساقه فى هذه اللحظة تحديدا ليرى كم أصبحت جوفاء !!
رأى تلك الضحكة فلم تزد جلده لنفسه سوى سوطا جديدا انتفض له قلبه الذى يعذبها ويعذبه ويتعذب بهما .

اقترب لتهرول دينا نحوه : اتوحشتك يا واد ابوى .

ضم شقيقته وعينيها تراقب تلك الجالسة بالخلفية والتى اطرقت وذابت ابتسامتها الكاذبة كرقاقة من ثلج فى يوم قائظ فلم تترك حتى أثرا لتبخرها  .

ابعد شقيقته متسائلا : كيفك يا خية ؟؟ ودياب حاله كيه ؟؟

ضحكت دينا : بخير نحمد ربنا انت خابر دياب حنية الدنيا فى جلبه .
ربتت فوق صدره : مايتخيرش عنيك يا خوى .

أومأ متهربا من الغصة التى تكاد تزهق روحه ، هو ليس ك دياب بالطبع .. لقد تصالح الأخير مع نفسه وماضيه فثبتت قدمه على الطريق الصحيح لتشرق حياته بوجود شقيقته بها .
أما هو فلازال يتخبط بين ألم فقدان بالماضى ويتهرب من ألم فقدان يشعر أنه سيأتى بنهايته فلم يعد يجيد سوى الهروب المؤلم الذى سيأتى بالنهاية أيضا .

الشرف الجزء الخامس / بقلم قسمة الشبينىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن