الفصل الثاني والعشرون

54.3K 1.3K 100
                                        

بعد مرور عدة أيام، كان سفيان يجلس داخل الزنزانة، حيث تم إلقاء القبض عليه بعدما شهد الجميع عليه أنه الفاعل، وباعترافه أيضًا!

أخذ يعيد حساباته من جديد، كم كان مغفلاً وأحمق عندما سمح لهم بالتلاعب به هكذا... دمروا حياته، أو بالأصح، هو من سمح لهم بذلك. لا يعرف بأي عين سيطلب منها السماح على ما اقترفه بحقها !!!
........
بينما على الناحية الأخرى، كانت عيناها تغرقان في ظلام دامس فتحت جفنيها ببطء، فقط لتواجه سطوعًا مؤلمًا أرغمها على إغلاقهما مجددًا عادت لتكرر المحاولة، هذه المرة  مترددة، حتى اعتادت عيناها على الضوء الخافت الذي غمر الغرفة....شعرت بألم يمزق كل جزء من جسدها، وكأن النار تشتعل في أعماق خلاياها. حاولت رفع يدها، لكن وزن الجبيرة الملتفة حولها كان أقوى من إرادتها المنهكة

استدارت بنظرها نحو يدها الأخرى، فإذا بها مقيدة بذات القيد. ارتجف قلبها عندما وقعت عيناها على قدميها، حيث غطتهما الجبائر أيضًا. كل شيء كان يوحي بالضعف والعجز. ذاكرتها انفجرت كبركان غاضب، تقذف بصور تلك الليلة الكريهة إلى وعيها، كأنها وسمت على روحها إلى الأبد. ليلة لا تحمل سوى الظلم، الذل، والوحشية التي اغتصبت براءتها وألقت بها إلى هاوية من العذاب.

دمعة انحدرت على وجنتها كرسالة صامتة، لكنها لم تكن وحدها سرعان ما تبعتها أخرى، ثم أخرى، حتى امتلأت الوسادة أسفلها برطوبة انكسارها ارتفعت شهقاتها، مكتومة في البداية، ثم متفجرة كصوت قلب ينهار كانت تبكي بحرقة لم يسبق لها أن شعرت بها من قبل، كأن كل دمعة تنزف من روحها، لا من عينيها

وسط صخب بكائها، لم تنتبه لدخول الطبيب "فارس" إلى الغرفة لكنه وقف عند عتبة الباب، متجمّدًا في مكانه، عاجزًا عن التصرف...ماذا يمكن أن يقول؟ كيف يمكنه أن يضمد جراحًا لم تتركها السكاكين، بل كلمات وأفعال شوهت أعماقها؟ لا توجد كلمات في هذا العالم تستطيع أن تواسي فتاة تعرضت لكل تلك الأهوال في ليلة كان من المفترض أن تكون بداية لفرح جديد!!!

وقف صامتًا، مراقبًا الحطام البشري الذي تركه ذلك الوحش الذي يُفترض أنه رجل....لقد حطمها، دمرها كزهرة اقتلعت من جذورها وسحقت تحت أقدامه البشعة...احتقار فارس لذلك المخلوق كان يفوق كل وصف، لكن شفقته عليها كانت أعمق من أن توصف!!!!!

حمحم منظفاََ حلقه ثم ردد بابتسامة لطيفة :
صباح الخير

انتفضت في مكانها، تحدق به بارتباك بينما رسم هو على شفتيه ابتسامة مرحة، يحاول تخفيف وطأة اللحظة عنها وهو يقول:
اما انتوا البنات خميرة عكننة تموتوا في النكد، ينفع كده واحدة تصحي من النوم بعد أيام طويلة أول حاجة تعملها تعيط

لم تهتم بما قال وسألته بتعجب :
مش انت....اتقابلنا عند كارم صح  !!

اومأ لها قائلاََ بابتسامة :
مظبوط انا فارس اتقابلنا عند كارم  حضرت فرحك وانا اللي بعالجك كمان !!!

رواية بعينيكِ أسير بقلمي شهد الشورى "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن