الفصل الثالث عشر: على متّن الطائرة

54 1 1
                                    



بعد ٣ أشهر و ثمانية عشر يوماً اجتاح والدي الصالون بينما الجميعُ غارقون في حياتهم الخاصة، زوجةُ أبي كانت تمسك بمجلةٍ للموضة تقرأ فيها وتضعُ بعض العلامات، توفيق يحمل بيده جهازاً صغيراً يحملُ بداخله الكثير من الالعاب رأفت بجانبه يعلّمه كيف تُلعب تلك اللعبة على الأغلب فهو يشيرُ كثيراً ويقول كلاماً لا أفهمه لكن كأنه يعطي تعليمات، علياء تشاهدُ عروض الازياء في التلفاز، أنا أقرأ الكتاب السابع عشر الذي اقترضتهُ من مكتبة والدي، قال والدي بكلماتٍ لا أفهمها كلاماً باللغة الانجليزية ثُمَّ انتبه أني لا أفهمه ف أعاد كلامهُ قائلاً: سنرحلُ إلى اميركا مُجدداً مع مطلع الشهر القادم، ولكني لم أكُن ضِمن كلمّة مُجدداً بل كُنتُ سأذهبُ إليها للمرةِ الأولى.

-

بعد أسبوعين كان الجميعُ قد أعدَّ عُدتهُ للسفر، والجميع قد حزم حقائبه عدّاي أنا وأبي، أبي لأنه ما زال يبحثُ عن أشياء ليضعها في حقيبته، أنا لأني لا أملكُ حقيبةً أصلاً، تسللتُ إلى مكتب أبي أدخلت رأسي عبر الباب الخارجي وألقيتُ نظرةً تفحصيّة، وقلت الحمدلله أنه ليس هُنا، سأختار كتاباً بتمعنٍ هذهِ المرّه وبينما أنا أفتش في الأرفف على كتابٍ جديد سمعتُ صوت باب المكتبِ يُغلق، عندما نظرتُ للخلف كان والدي هو من أغلق الباب ينظرُ إليَّ بنظرةٍ مليئةٍ بالتعجب أما شفتاه فقد كانتا تدسان ضحكةً عميقة، فقال ماذا تفعلين هُنا؟
أجبتُ: لاشيء ، أنا فقط أبحث عن كتابٍ جديدٍ لاقرأه.
والدي: أنتِ لصُ الكتبِ إذاً؟
سارا: لم أكن أنوي فعل شيء سوى قرأتها وإعادتها، لا شيء آخر.
والدي: حسناً، وأي كتاب أخترتي؟
سارا: لم أختر بعد، قد فاجأني مجيئك، لم أكن أنوي إزعاجك.
والدي: رَغم أنكِ تزعجينني، سأساعدك في اختيار كتابٍ تقرأينه، أي نوعٍ من الكُتبِ تُفضليّن؟
سارا: أحبُ الكُتب جميعاً ولكني أفضل الرواياتِ.
يتقدّم والدي تجاه أحد الأرفف يُلقي نظرةً خاطفة ثُمّ يقول والدي: أمممم، حسناً ما رأيك بهذهِ الرواية كَ بداية.
سحب الكتاب من بين الأرفف كان أسم الرواية سعادة السفير، كُنت قد قرأتهُ من قبل ولكني لم أتردد لحظةً في اختيارِ أبي فقلتُ: حسناً سأقرأه.
هممت مُسرعةً تجاه والدي الذي ما إن رأى لهفتي لالتقاط الكتاب حتى أبتسم وقال: لماذا تجيدين الكذب يا صغيرة إلى هذا الحد.
فنظرتُ في عينيه بتمعّن كانت أول مرةٍ يحدثني فيها والدي بلطافة فقلتُ: ولِمَ قد أكذب .
والدي : لأني رأيتك قبل أيامٍ تقرأين هذا الكتاب، فهذا يعني أنك قد قرأتيه.
سارا: نعم قرأته لكن المرةَّ الأولى قرأتهُ كونه اختياري، وهذه المرة سأقرأه كونهُ اختيارك.
والدي: بابتسامةٍ عريضة حسناً لكِ ذلك.
سارا: كُنت أود سؤالك إن كان بإمكاني أن أذهب إلى منزل خالي وأخذ أشيائي من هُناك.
والدي: ليس هُناكَ أي داعٍ لذلك كُل شيء قديم لن ينفعكِ في حياتك الجديدة.
سارا: وأين يمكنني أن أضع اشيائي القليلة.
والدي: سأخبر زوجتي بأن تشتري لكِ حقيبة خاصّة.
أنا مغادرةً مكتب والدي حسناً، شُكراً لك.
والدي أسماء نسيتُ أن أقول لكِ تستطيعين أخذ الكتاب معك.
نعم، والدي قال لي أسماء ، لعلَّ ما جعلهُ يتحدثُ معي ذلك اليوم بوجهٍ بشوش هو وجهُ الشبهِ بيني وبين والدتي، لعلَّ ذلك فقط ما جعلهُ يختار لي كتاباً. غادرتُ المكتب وما إن دخلتُ غُرفتي حتى أمعنتُ النظرَّ في المرآة وتحسست ملامحي كاملة باحثةً عن وجه الشبه الحقيقي بيني وبين والدتي .

مولودة الشتاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن