الفصل الثاني: قُطِعَ دابرُ الشك

194 10 4
                                    

أركضُ من مجموعة أثوارٍ هائجة تلاحقني لتصلَّ بي إلى الشاطئ ثم لا أستطيع الهرب منهم حتى أقصد الدخول إلى البحر قاصداً النجاة فأغرق ، إستيقظت وأنا أتصبب عرقاً وضعتُ يدي على وجنة أسماء برفق لأتحسس حراراتها لقد انخفضت تمتمت دون صوت بدأت ألعبُ بشعرها كالعادة ولكني أحسستُ برودة جسدها كانت باردة جداً وشفتاها زرقاوان أبعدتها عني حتى تتسنى لي رؤيتها جيداً ، بدأت اتحسس وجهها محاولاً أيقاظها لكن لا جدوى لقد ذهبت لم أستطع التقبل لا ذالك اليوم ولا حتى اليوم بأنها رحلت، حاولت ايقاظها بكل الوسائل الممكنه ،كانت تستيقظ عادةً اذا لعبتُ بشعرها ، استيقظي اسماء ارجوكِ لقد بدأت ساره بالبكاء إنها تحتاجك تريد أن ترضع حليبك ، حتى بُكاء ساره لم يستطع ايقاظها هُنا تماماً قُطِعَ دابر الشك بكونها على قيد الحياة .
رحلت في اليوم الذي وجدت فيه ما كانت تنتظر منذ ٧ أعوام لم تشبع منها لم تشتم رائحتها بالقدر الذي اشتاقت أو حتى بالقدر الذي انتظرت و تعبت ، الخطوة الأولى الكلمة الأولى الضحكة الأولى كُلها كانت في محطات إنتظارها خيالياً، رحلت قبل أن تشهد م كانت بإنتظارهِ .
- سارة بمثابة نقلةٍ نوعيةٍ في حياتي ولكن للأسوأ ، حينها كنتُ سفيراً في كندا وكنت أستغرق كثيراً في عملي لم يكن لدي الكثير من الوقت لها ، بعد مرور ١٥ يوماً على ولادتها هاتفتُ والدتي في ليلةٍ ظلماء بعد الكثير من الألم ،المعاناة والبكاءوالشعور بالندم على م أتخذتُ من قرار:
إنها طفلة بحجم اليد لا أستطيع الإعتناء بها قلت لوالدتي هل بإمكاني إرسالها لكِ ل تعتني بها؟
-
أنا الإبن الوحيد لوالدتي، ولم أكن لأتخيل والدتي ترفضُ لي طلباً ، لكن والدتي أسرعت بفتح موضوع الزواج فإقترحت علي أن تبحث لي عن زوجة اخرى ولكني لم أكن متقبلا للفكرة أنذآك وكُل ما كنت أشعر به هو احتياجي للراحة ،حاولت أمي اقناعي لكن دون جدوى ، سارة طفلة لا تستطيع الهدوء أو التوقف عن البكاء ، كان منامها كالمعجزة بالنسبة لي حتى أستطيع تقليب بعض أوراق العمل، حتى إستحضار الحليب كان صعباً علي يجب أن يكون دافىء بين البرودة والحرارة ويجب أن اختبرهُ قبل أن أُعطيها إياه بوضع نقاطٍ منه على معصمي حتى هذا يأخذ مني جُهداً أكبر من إبرام اتفاقيةٍ مع سفارةٍ أُخرى ، تستيقظ في الساعةِ الثالثة فجراً تصرخُ دليلاً على وجود غازات في بطنها أنهضُ من على الأريكةِ لأحملها و أطبطب على ظهرها كما رأيتُ أسماء تفعلُ من قبل ثم أعود لأنام في الساعةِ السادسة صباحا ، أنامُ ساعةً فقط قبل بدأ الدوام .
-
لم أجد الكثير من الوقت لأفكر في أسماء ولكنها تزورني كثيراً في منامي ولا تفارقني ، أسماء كانت زوجتي وإبنة خالتي وحُب طفولتي لقد كانت كل شيءٍ بالنسبة لي ، تقدمت لخِطبتها بعد إنهائي لدراستي الجامعية في مِصر عام ١٩٨٧م وحصولي على شهادةِ تقدير عُليا في كوني قُنصل ، لم تبرح أمي يومان بعد عودتي إلى عدن حتى خطبت لي أسماء إبنة خالتي بعد خطبتي ب أسبوع قُِبلتُ في عملٍ لدى مكتب السفارة اليمنية في عدن، إستمر عملي هُناك لمدة عامٍ كامل ثم حصلتُ على الترقية كوني سفير للجمهورية اليمنية في دولة عربية ألا وهيَّ دولة مصر.
-
أصررتُ على الزواج قبل السفر إلى جمهورية مصر والسبب في أنني قد حدثت أسماء عن كل الأماكن فيها ف وددت لو أنها ترافقني ، قُمنا بعقد القرِآن بعد ذالك حفلة صغيرة تشمل العائلة والجيران المقربين بعدها ب أسبوع سافرنا إلى مصر كانت تلك السفرية بمثابة شهر عسلٍ لنا تجولنا و تنزهنا و أريتُها جميع الأماكن التي كنتُ أتردد إليها أثناء دراستي الجامعية، أذكرُ أني طلبت منها تذوقَّ الكشري " طبق مِصري مشهور " فقد تحدثتُ عنهُ لها من قبل ولكن معالم وجهها أختلفت قالت لي أن الكشري ليس جميلاً كما أخبرتها من قبل ثم بعد عامٍ واحد بدأنا أنا وهي نراجع طبيب النساء والتوليد، كانت تريد أن تحمل ولم تَكن تستطيع أن تتنازل عن هذهِ الفكرة بأي ثمنٍ كان .
-
في السابع من نيسان عام ١٩٩٣م صدر قرارٌ بنقلي وتعييني سفيراً لليمن في بريطانيا سافرنا مجدداً ، انا كثير العمل والإنشغال بطبيعة الحال وأسماء تملُ الجلوس في البيت تدور وتجول في رأسها فكرة الحمل دون خلاص من ذالك.
ذات مساءٍ بعد عودتي من العمل منهكاً فاتحتني أسماء بموضوع الحمل مجدداً وقالت ما رأيك أن نذهب لدكتورٍ هُنا يُقال أن الأطباء الأجانب يملكون خبرةً أكبر .
*أسماء كُفي عن التفكير في هذا أرجوكِ ، أشعرُ بصداعٍ مُزمن؟
- لكن أحمد...
*م رأيكِ أن تبدأي بالدراسة الجامعية ؟
- كما تشاء .
إقترحتُ عليها فكرة الجامعة حتى تتخلص من فكرة الحمل والإنجاب وأتخلص أنا أيضاً .

يتبع...

مولودة الشتاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن