الفصل الحادي عشر: لعبةُ القدرِ الأولى

89 1 0
                                    

-
مَلك زميلةٌ رأيتها للمرة الأولى في الصف السابع، كان يُرى الحُبُ والوئامُ في عينيها، بنتٌ تمتاز بالهدوء والدلال، مشكلتها الوحيدة أنها تعاني من الربو، هذا ما كنتُ أظنه أن الربو مشكلتها الوحيدة لعدةِ أسباب، ملك تأتي يومياً بحقيبة مليئةٍ برائحة العائلة، ثيابٌ مرتبة، وتسريحة شعرٍ ناعمة تحت ذالك الحجاب، وعلبة الطعام المُختارة بعنايةٍ ودقة، والكثير الكثير من المال في جيب ملابسها المدرسية، تملكُ جميع المميزات كصديقة رائعة أما أنا فلم أكن أملكُ أي شيء، الجميع يقترب منها لأغراضها أما أنا فبعيدة جداً حتى أني لم أتحدث إليها في العام الدراسي السابع مُطلقاً  ربما كنتُ غيورةً لا أعلم حقاً ماهيةُ شعوري ، أول مرةٍ تحدثت إليها  كانت في العام الدراسي الثامن حين أخبرتني أنني فتاةٌ لطيفة وتتمنى أن تكون صديقتي ، وافقت لكن لما وافقت هذا مالا كنت أعرفه ،لو سألت نفسي هذا السؤال الآن لقلت لأنها جعلتني أشعر بوجودي على عكس البقية أو لأنها كانت تملكُ مالا أملك، رُبما كذلك أيضاً، كنتُ أخذ منها المال طلباً وكانت تعطيني شرط أن أعيده ولكني لم أكن لاعيدهُ ابداً بعد انتهاء عامي الثامن انتقل بنا خالي إلى منزلٍ آخرٍ في حيٍ سكنيٍ آخر لذلك اضطررت لتغيير مدرستي و التسجيل في مدرسةٍ جديدة .
-
تلكَ العطلة كانت عطلةً جميلةً بالنسبةِ لي حيثُ أكتشفتُ أني أملك موهبةً جديدة غير الهروب الى عالم الكُتب والقراءة ألا وهي الكتابة ،و أول رسالة كتبتها كانت إلى والدي أقول فيها إن عامي الدراسي التاسع قادم و أني أعدك بنتيجةٍ مُشرفة ثُمَّ أني اتساءل لماذا لا نعرف بعضنا حتى الآن؟ ، كان هذا اولُ نصٍ كتبته في رسالةٍ مكتوبةٍ بخط اليد موضوعةً في ظرف يحملُ رائحة أمواله التي يرسلها لخالي كُل شهر، كنت قد وجدت الظرف مرمياً على إحدى الطاولات فارغاً، أقول دائماً أنه سيأتي اليوم الذي يقرأ فيه والدي رسائلي ولو أنه نظرَ  إليها فقط لشعرتُ بخالص الحُب الذي شعرتُ به عند كتابتها، دائماً ما كُنت أعطيهِ اعذاراً متواصلةً في عدم السؤال عنّي، ربما العمل أو المسافة أو التكاليف، أرددُ رُبما بداخلي حتى لا يموت صوت ذاك الأمل الذي لطالما جعلني أعيش أيامي بانتظار لما هو أجمل.

-

في اليوم السابع من شهر آب قررتُ أن لا أفكّر في الغد أن أعيش اللحظة فقط ولكن ذلك لم يحدث مُطلقاً، دائما أجدني بين الماضي والمستقبل لم أتقبل الواقع الذي أعيشه ابداً ، كُنت قد قرأت في إحدى الكُتب مقولةً تقول أنك اذا كُنت تعاني من الاكتئاب فأنت تعيش في الماضي ،واذا كنت تعاني من القلق فأنت تفكر في المستقبل، لأن الحاضر عادةً يحمل معه شعور الرضى، ، ولكن الذي اشعر به شعور كان سيشعر به كل شخص يرى أن الجميع قد تخلى عنه، لم  أستطع النهوض بمفردي ولا حتى السقوط ، دائما أنتظر من ينتشلني من مأسآتي من مخاوفي من الآلامي ثم مني .

مولودة الشتاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن