الفصل الخامس

405 28 6
                                    


نعتذر على  التأخير يا سادة،  لكن حصلت ظروف كثيرة ، أول شيء عيدكم مبارك كل عام و أنتم و أحبتكم بخير و ينعاد عليكم بالصحة و العافية يا رب،  ثانية اعتبروها عيدية و صوتوا أرجوكم
و إتمنى لكم قراءة ممتعة. 
_______€€__€_________

تربص بفريسته جيدا،  تركها ترتاح جيدا،  و الأن حان وقت الهجوم  ، لم يكن يوما عدائيا اتجاه اي احد ، لكنه يريد الانتقام بشدة ، كرامته المجروحة،  لقد صرح لها باحتياجه لها في حين أنها كانت مجرد ممثلة ، لكن ممثلة من طراز عالمي تستحق جائزة أوسكار على تمثيلها العبقري ، لقد خدع تماما بها ، و الأن هو في طريقه لها،  لقد حضر كل شيء ، و معه ميس التي ستكون المصيدة لها ، هو غاضب و   مجروح ، لكن هل يريد فعلا الانتقام ، لقد رأى في عينيها الصدق و البراءة، هل يقومون بتزييف هذه المشاعر أيضا ؟ ، لا ينفك يفكر في العذاب الذي ستلقاه على يديه ، هي من جنت على نفسها .

من كان يظن أن الأمر سينتهي بها على متن طائرة خاصة مع هشام البحيري،  لقد شرح لها ما عليها فعله ، لكنها تشعر بالفضول ، عن سبب إصراره على الحصول على هذه الفتاة،  عملت لمدة 10 سنوات مع رجال عصابات ، مافيا ، تجارة في الممنوعات لكنها اول مرة تطلب في تنفيذ مهمة مثل هذه ، هو صامت طوال الوقت لا يتحدث بالكثير ، و هي لم تجرأ على سؤاله ، لايزال الموقف الذي جمعهما في المكتب   يتردد في رأسها ، الطريقة التي اهانها بها ، حتى تلك  النظرات المشمئزة التي يرمقها بها ، تجعلها تحس انها مجرد حشرة ، أنتهت رحلتهما  و وصلا إلى الجزائر

لم يتوقع أبدا أن يزور هذا البلد ، لكنه ها هو الأن هنا ، وقفت ورائه بعد ترجلا من المطار ، ليتلفت إليها و قد احسن بفارق الحجم بينهما،  لكنها رسمت ملامح الصرامة على وجهها ليخبرها بنبرة صارمة و أمرة في نفس الوقت
- أريدها في المساء ، لا تثيري الشبهات و نفذي  بحرفية .
- لا تقلق بهذا الشأن ، انا محترفة جدا .
لم يعقب على ثنائها لنفسها و تركها و مشى لتتبعه في صمت .
__________________________
  في بيت مريم
كانت الاختان تضحكان بصوت مسموع ، فقد بدأت مريم تستعيد نفسها ، فقد اكتشفت أنها لن تعيش اذا ظلت تبكي على أطلال الماضي
لذلك قررت أنه لا بكاء بعد اليوم،  ستشغل نفسها بالعائلة ، الاصدقاء ، الجامعة و اي شيء يجعلها لا تفكر فيما فعلت  ، صحيح أن شعورها بالذنب سيضل يطاردها إلى اخر لحظة في حياتها،  لكنها ستهرب ، هذا ما تعلمته جيدا ، الهرب من المشاكل ، من المشاعر ، الخوف دائما من المواجهة،  توقفت الاختان عن الحديث حين سمعا صوت جرس الباب ،  فتحت مريم لتجد سيدة بشعر قصير و بشرة سمراء تقابلها بإبتسامة لتقول بلهجة مصرية
- عفوا يا آنسة هل هذا بيت مريم شهدي .
ارتبكت مريم و احست بنبضات قلبها تتصاعد ، لقد امسكوا بها حتما ، لقد انتهى أمرها،  هزت رأسها في رعب لترد السيدة المصرية:
انا من السفارة المصرية ، انا هنا لأن الجامعة التي كنتي تدرسين بها في مصر قد قامت بمراسلتنا من أجل أمر انك تركتي الدراسة
تنفست مريم الصعداء و زفرت بصوت مسموع و هي تضحك بارتباك
- تفضلي،  تفضلي انا اسفة ظننتك هنا من أجل أمر آخر
سألت ميس بخبث
- أي أمر؟
لتتدارك مريم الموقف و تجيب
- لا شيء مجرد أمر شخصي ، حسنا أخبرني عن موضوع الجامعة .
- بالتأكيد،  لقد حاولت  ادارة الجامعة التواصل معك لكنها فشلت ، كذلك انتي لم تتخد اي إجراءات من أجل إيقاف سنتك الدراسية في حالة إنك تردين عدم الدراسة .
و أخرجت من حقيبتها ورقة اشعار من الجامعة ، تناولتها  مريم و ذهبت بالذهول فهي لم تعلم أن هناك إجراءات لكل شيء و قالت بتردد و ارتباك
- في الواقع ، لم لكن أعلم أن الموضوع في إجراءات و إلا كنت قمت بها .
- على العموم يا آنسة مريم ، عليكي التقرب من السفارة من أجل تسوية امورك لكي  لا تبقى عالقة و يتم منح المنحة إلى طالب اخر من أجل استكمال دراسته بالجامعة .
ردت مريم و قد شعرت بالإحراج مما سببته من مشاكل ، لا يكفيها ما فعلته لعائلة البحيري الأن أصبحت تضر كل شيء حولها حرفيا .
- حسنا ، سأمر غدا على السفارة و اسوي الموضوع. 
لعنت ميس بداخلها ، عليها أن تقنعها بالذهاب معها ، فكرت جيدا فيما ستقوله لتقول بمرح كبير
- انا عائدة إلى السفارة الأن بإمكانك الذهاب معي، تنهين الموضوع برمته .
فكرت قليلا في الموضوع،  أختها الصغرى جالسة مع هاتفها في الطابق الاعلى ، و ابواها في الخارج ، بإمكانها الخروج و إنهاء الموضوع بدون أن يعلموا،  لكنه اذا فعلت ذلك غدا فأكيد أنهم لن يتركوها في حالها بدون أسئلة،  كما أنها تريد أن تطوي صفحة مصر إلى الأبد. 
- حسنا يا... ، عفوا ما اسمك؟
- ميس إسمي ميس .
- حسنا يا ميس ، سأذهب معك ، امنحيني خمس دقائق لأجهز .
- خدي وقتك .
صعدت مريم إلى الطابق الاعلى و بقيت هي في الأسفل   أخرجت هاتفها و ارسلت له رسالة نصية تخبره انهم في الطريق،  أقفلت هاتفها و جلست تتأمل ذلك البيت البسيط،  لكنها الأن محتارة أكثر و قالت في نفسها "ماذا يريد هشام من مريم هذه ، مع أن وجهها مألوف لدي ، كأني رأيته من قبل ، لكن أين سأراه ، اللعنة،  هذه الذاكرة لم تعد تنفع في شيء ، ثم ما دخلي انا ، حتى لو قطعها قطع صغيرة لا يهمني ، سأنهي مهمتي و اعود إلى مصر لاصرف الشيك الجميل الذي ساخده لقاء خدماتي العظيمة ، و اكيد اني سأعرف شيئا عن مريم هذه فقط علي أن اراقب تعامل هشام معها جيدا. "
تجهزت مريم جيدا و أوصت أختها أن صديقة لها قد مرت من هنا و تريد الخروج معها ، لم تعر لها اهتماما كبيرا فقد كانت مندمجة في محادثة على أحد مواقف التواصل الاجتماعي مع صديقاتها ، خرجت مريم مع ميس و ظلت ميس تحكي قصص خيالية عن عملها بالسفارة و مريم مبهورة بها،  ركبت مريم مع ميس في سيارتها لكن ميس كانت تسير في طريق اخر ، بدأت مريم تقلق
- ليس هذا هو الطريق
أجابت ميس باقتضاب
- أخد طريقا مختصرا انتي تعلمين العاصمة دائما مزدحمة
- نعم هي كذلك،  خاصة في الصيف.... بدأت مريم حديث جانبيا ، فيما إبتسمت ميس بثقة ، تبدو هذه الفتاة غبية للغاية ، فهي تصدق كل شيء بسهولة،  ربما هذا هو السبب ، هو يريدها لأنها سهلة و يمكن تعطيه معلومات يحتاجها،  لكن اللعنة هي لاتزال تحس انها رأتها من قبل، لا يهم فقد شارفت على الوصول إلى بناية قديمة في أحد أحياء العاصمة ، نزلت ميس ، لتتبعها مريم و هي تصيح بتردد
- هذا ليس مبنى السفارة.... لتضحك ميس بسخرية كبيرة و تستدير مريم بسرعة كي تهرب فتحس بقبضة رجل قد أمسك بها و وضع شيئا على فمها لتذهب في نوم عميق .
إبتسمت ميس في رضا و هي تآمر الرجل أن يأخذها إلى الطابق الاعلى  و أخرجت هي سيجارة لتدخنها بينما تتكئ على السيارة .
_______________________

جالس في ذلك الكرسي مثل ملك على عرشه ، يتأملها جيدا ، تبدوا مسالمة و بريئة و هي نائمة،  لكن الحقيقة أنها مخادعة،  كاذبة ، كان يحس بالقرف من المشاعر التي تجتاحه و هو يراقبها،  لماذا فعلت هذا به ، حسنا يمكنه أن يتفهم أنها انتحلت شخصية إبنة عمه ، لكن لماذا اوقعته في حبها و تركته يتخبط فيه ، اكيد كان ذلك جزء من خطة نجود ، إبتسم بخبث و هو يعلم أن عمه الأن سيقوم بتحويل حياة نجود تلك إلى جحيم امت عمر ذلك فلن يستطيعوا حتى جمع إشلائه ، يريد أن يكرهها ، يريد أن يخرج قلبه الغبي و يمزقه اربا اربا و يرميه لكلاب الشوارع ، لكي لا يحب مجددا ، حسنا يكفيها نوما ، لتبدأ المتعة نهظ من مقعده و أحضر كوبا من الماء المتلج و رماه على وجهها ، نهضت مفزوعة لتنظر أمامها و تجده بقامته الطويلة ينظر لها بنظرات غاضبة و حادة ، تقسم أنها لم تحس بالرعب من ملامح أحدهم كما شعرت الأن،  تجمد الدم في عروقها ، بينما قال لها بصوت يشبه فحيح الافعى
- اظننتي انك ستهربين مني يا عاهرة ؟
ليصفعها بقوة ، لتسقط ارضا
شهقت بقوة و هي تحاول البحث عن الكلمات لتدافع عن نفسها،  أمسك بخصلات شعرها و اجلسها على الأريكة ، لتحاول الكلام بين شهقاتها
- انا... انا لم أفعل شيء ... نجود....
ليصفعها مجددا صفعة ادمت شفتيها ، احس بالألم في صدره ، لم يتعود على فعل هذا ،تركها مرماة على الأريكة تنتحب و خرج و اقفل الباب عليها. 
وقف و هو يفرك وجهه بقوة و يحدث نفسه
" ما بك ، أليس هذه من اذتك و اذت عائلتك،  ستسمح الأن بمشاعرك بالتحكم فيك ، وعدت نفسك و عمك بأن تعجلها تدفع الثمن،  ثمن كل شيء، ماذا استفدت من ذلك القابع في يسار صدرك سوى الألم،  دع عقلك هو من يتحكم ، كن مثل الآلة نفذ بدون رحمة و لا شفقة و لا ترحمها فهي مجرد ممثلة ، كل ما تفعله تمثيل في تمثيل،  مجرد ممثلة بارعة و ستاخد جائزة رائعة مني "
احس ان الألم في صدره قد اختفى ، انه يتحول فعلا إلى وحش سيدمر كل شيء من حوله فقط من أجل قلبه الذي كسر .
___________________________
في جزيرة بالي
كانت نجود قد بدأت تستفيق للتو ، و تحاول تذكر ما حصل لتجد شخصا قد دخل إلى الغرفة التي هي ، تبينت هويته برؤيتها المشوشة ، نعم انه هو ، انه كابوسها الذي هربت منه ليخبرها بصوت فيه كل أنواع السخرية
- مرحبا بزوجتي العزيزة استمتعتي بشهر عسلك .
تحطم كل ما عملت من أجله في لحظات ، كان عليها الاستماع لتحذيرات  عمر لكنها كانت عنيدة للغاية ، أرادت أن تثبث  انها  انتقمت و ربحت المعركة ، في عز نشوتها بالنصر إكتشفت أن هناك حربا خفية لا تزال قائمة و الأن قد خسرت هذه الحرب ، ماذا تفعل الان،  شل لسانها تماما ليسترسل هو بنبرة تحمل الكثير من السخرية  :
- تبدين غير سعيدة برؤيتي عزيزتي ، ألم تشتاقي إلى زوجك. 
نظرت نجود حولها لتتبين أين هي ، لاحظ الأسئلة التي تدور في رأسها ليجيبها
- لازلنا في بالي، عزيزك ذلك أعطيته رحلة مدفوعة الاجر...... ليقترب من اذنها و يهمس ... الي جهنم
سرت قشعريرة في جسدها و إبتلعت ريقها بصعوبة و هي تنظر إليه في رعب شديد بينما هو نظر لها بثقة ممزوجة بالشر و لمس رقبتها لمسات رقيقة سرعان ما أحست بيده تلتف حول رقبتها ليشد قبضته عليها، و تبدأ في الاختناق
- عبثتي مع الشخص الخطأ عزيزتي ، لأنك حتى لو كنت في باطن الأرض كنت سأجدك .
تركها لتسعل بقوة كبيرة ليكمل بصوت هادئ
- الموت رحمة لأمثالك،  لكن أعدك أن تتمنيه و لن تجديه ، و تركها خرج .
لأول مرة منذ أن كانت إبنتها أحست برغبة في البكاء ، لتنهار حصونها و تبدأ في نحيب قوي ، لم تعد تريد شيئا ، لم تعد تريد الانتقام،  لم تعد تريد سوى الخروج من هنا ، لكنها وقعت على شهادة وفاتها بيدها،  كيف لها أن تلعب مع دب بري ثم تطلب منه ألا يلتهمها   ، الواقع أنها ظنت أنها ذكية جدا، و هي من جنت على نفسها ، ظلت في نوبة البكاء الحادة إلى حين نامت من التعب .
____________________________
يتبع

إنتقام الروح (الجزء2:صرخة روح)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن