السابع والأخير..

1.2K 76 8
                                    

تمرد ناضجة
الفصل السابـع ( الأخير) 

ليس من الجيد التشبث بـاللحظات التي تركت خُطاها داخلنا سواء كانت جيدة هي أم بشعة، ليس من الأهم وضع الثقة والوفاء لـقلوبٍ عابرة قضت نحبها ومن ثُم جردتنا من معتقداتِنا، ليس من الطبيعي ترك زِمام الأمور والجلوس غير مُبالين بـما قد يُحدثه الوقت بعد ثانية من الآن، ليس من المُعتاد ترك حواسُنا تنجرف بـقوة نحو المُنحدر مُتغَنينَ بـجموح أفكارنا الضعيفة!  ليس من الجيد أبدًا منح كامل الثقة.....

لاشك أن لكلٍ مِنا نصيبه الوافي من الألم وهذا ما سبق ذِكره بـكِتابنا ولكن هذا الألم يعتمد على عدة عوامل وتفضيلات يتغنى القلب بها دومًا مُتجاهِلًا صُراخ العقل ويعتمد أيضًا على سُمك الحواجز التي أنشأناها بـإحترافية شديدة لـتقمع الوافدين لنا وتكشف هوية المُرابطين عندها ونظن بذلك أننا نجونا من فخ " الحب" واثقين تمامًا بـقسوة أفعالِنا الصبيانية التي تنم فقط عن ضعفٍ خالص وأنين صامت ووهنٍ حاد بكل ذرة مِنا....  لا عجب على قلبٍ قرر الفُراق فـحزم حزنه، ألمه، حسرته، ندمه والقليل من حبه وولىَّ ظهره رافضًا الخنوع لـنظرات الرجاء والتوسل وربما البُغض!  لا لوم مُطلقًا على اللحظات الدافئة التي جمعت شتات الفؤاد بها فـجعلته من أساسٍ قارص البرودة والصقيع لـحالة من الدفء العجيب المصحوب بـالراحة والطمأنينة السارية!!  العجب وكل الندم واللوم على قلبٍ ظن أن بـرحيله يحمي ما تبقى منه وكأنه لا يعلم أن شفاءه يقع بين طيات المُحب.... 

تحركت تلك النائمة بـكسل من فراشها مع أول خيوط الشمس ونهضت تنوي أخذ حمامٍ دافئ يُزيل عنها غُبار الألم الذي طال أمده....  وقفت تحت المياه الباردة غير شاعرة بحجم تأثيرها على جسدها المشوه من وجهة نظرها...  ابتسمت بـتهكم وتلمست مواضع الرضوخ والكدمات التي تركت ظل أثرها قائمًا بـجسدها الغض للآن ومن بعد مرور ثلاثة أشهر على تلك الليالِ القاسية التي مرت بها صحيح أن "حمزه" وجدها قبل الضربة القاضية والأخيرة لها وخفف عنها هو جريمة اغتصابها التي لو حدثت لكانت في تعداد الموتى الآن ولكن هناك أعمق وأشد ألمًا من محاولة اغتصابها التي باءت بالفشل ....  لا تَرغب حقًا بجعل عقلها يطوف بذاك الرُكن السوداوي منه فـتحسست باطن يديها المُحترقين بـبشاعة والتي سبق وأجرت لهم عملية تجميلية مع إصرار شقيقتها...  أتظن أن قطع الجلد المأخوذة من مناطق متفرقة من جسدها لـتناسب كفها وضمدوها معًا لتصبح بشكلٍ آدمي هكذا شُفيت!!  هكذا أنتهى الأثر ولا حق لها بتذكره أو حتى البكاء عليه؟! هكذا عليها النهوض واستكمال حياتها وأولوياتها التي انتهت منذ تلك الفترة....  ثلاثة أشهر لا تخرج من غرفتها مُنذ أفاقت ووجدت الجميع جانبها....  لم تبكِ ولم تنتحب بل صمتت ليس ظاهريًا فقط وإنما من الداخل هي فارغة وصامتة ولا طاقة ولا المزيد من قوتها الماضية لتُحرر ذاتها التي فقدتها بين ثنايا تلك الليالِ والأيام العُجاف....  أغلقت صنبور المياه ولفت جسدها جيدًا بـرداء الحمام وخرجت تاركة الباقي من خصلاتها مُبللًا.... فتحت نافذتها تستنشق القليل من الهواء النقي لعله يُنقى روحها التي دُنست بـذنبٍ لا دخل لها به ولكنها لم تشعر بشئ فقط الفراغ....!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 18, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

نوڤيلا  تمرد ناضجة التكميلية لـرواية "شظايا الكلمات"  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن