_1_

1.9K 74 5
                                    

نوڤيلا تــمـرد نـاضـجـة
الفصل الأول

في صباح يومٍ مُشرق بـأول أيام رمضان المُبارك توالت أصوات المُزعجين صِغار شقيقتها ولم ترحمها أصوات العصافير التي بدأت نوبة إفاقتها ومعهم أصوات جيرانهم الأعزاء البغيضين! هذا كان كافيًا لـيجعلها تستيقظ ولم يُجافي النوم عينيها طيلة الليل بسبب اختباراتها المفاجئة التي فرضت عليها كليتها الكريهة ولا ينفك الأطباء عن السطو عليهم بكل الطرق الممكنة للنيل منهم! نظرت للساعة التي تشير للثامنة وسبت بـداخلها حظها العسر ومن نادىَّ بـحقوق المرأة بالتعليم والنهوض!!  من قال أن المرأة يتوجب عليها السعي خلف الدراسة والعمل؟! لما من الأساس عليها ذلك؟! الأنثى بطبيعتها اللينة لا تستحق سوى النوم فقط! هذا ما رددته بين طيات عقلها المُتعب! حتى جامعتها لم يرأفوا بهم ويمنعوا الحضور في تلك الأجواء التي تتقاذف على البلاد من أوبئة وأمراض وخطورتها وبداية رمضان المفترض أنه شهر الطاعات والعبادات لا بل وضعوا على قلوبهم صخرة وضاعفوا أيام تواجدهم وها هي تستقل تطرق باب شقيقتها لـتخبرها بـذهابها!

نهضت تلك الجميلة التي لم يعرف الشيب سبيلًا لها طيلة العشر أعوام التي قضتهم بين ثنايا قلب زوجها الحنون وما قدمه لها من حبٍ وسكينة طمأنت قلبها أن القادم له كان دومًا أفضل، فتحت الباب لـتبتسم باتساع لـتلك الفاتنة بل المتزمرة شقيقتها الصغرى صاحبة العشرون عامًا بـملامحها الناعمة وبشرتها الخمرية الصافية وعينيها البنيتين بأهدابهما الكثيفة وفمها المعقود بـغضب وغيظ وكأنها مقدمة على فعل جريمة! توسعت بسمتها عندما صرخت شقيقتها بـحدة وصغيرها يشد وجنتيها الممتلئتين وتمتمت بـضحكة خفيفة:-

_ فكي وشك شوي اللي يشوفك يقول راحه سِجن ولا معذبينك يبنتي

مطت " رحمه" فمها بـقرف وتمتمت بـحنق:-

_ متقوليش سجن بس حتى السجن وقت ما بتحبي تنامي بتنامي مش بتلاقي مستعمرات الهكسوس بتاعتك أنتِ والهانم اللي فوق نازله تستعمر أوضتك وفوق دماغك

ضحكت " هبه" بـشدة حتى دمعت عينيها وجذبت صغيرها "يحيي"  من بين يدي شقيقتها الغاضبة وتمتمت:-

_ طب سيبي الولد لأنه خايف منك

أشارت "رحمه"  على الصغير وهتفت بـتهكم مغتاظ:-

_ دا خايف!! بذمتك يشيخه عيالك دول عندهم دم! أنتِ أصلا عندك دم!!

هزت "هبه" رأسها بنفي وهي تجاهد لخفض صوت ضحكاتها وهي تتذكر بقاء صِغارها للصباح بدون نومٍ معهم حتى يهرولوا صباحًا لـ "رحمه"  ويوقظوها بطريقتهم الخاصة وعلمهم بـعشق خالتهم للنوم وغضبها من عاداتهم البغيضة بالنسبة لها!

نوڤيلا  تمرد ناضجة التكميلية لـرواية "شظايا الكلمات"  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن