الفصل الرابِع عشر | شاهِد قبر

1K 89 7
                                    

و أما عن عيناه ، لا أستطيع وصف جمالِهم ، رُغم سوادِهم إلا أنهُم و لِفِتنتِهم تسكُنهم المجراتُ و النجُوم المُضيئة

لرُبما تتُوه بِهم و لا تستطيع العودة للواقع فور أن تُحدق بِهم ، زوجٌ من الأعيُـن الجميلة و التِي تودُ أن تسكُن بِهما للأبد

..

أمام شاهِد قبرٍ كُتِب فوقهُ بِخط واضِح إسمه كانت تقِف زُويا بِحدقتيها الجامِدتين ، تحمِل بِيديها زُهوره المُفضلة ، النرجِس ، تلِف جسدها بِمعطف خفِيف

و بُندُقِيتيها تُحدِقان بِصمت بالقبر ، لا شيء غير الصمت ، صمت مُخيف في الأرجاء ، تعهدُه جيداً هِي ، تعودت عليه بالفعل

إنحنت لِتضع الزُهور فوق القبر الذِي تنبُث بِع العديد من الوُرود و النباتات بالفِعل ، إبتِسامة خفِيفة زينت ثُغرها بالتفكير بِه

عادت خُطوة للخلف بعد وضعِها لِلباقة ، رفعت نظرها للسماء الزرقاء الصافِية فوقها ، شيء ما جعل التوازن يختل ، جعل الشمس الذِي تجدُها جميلة و مُشرقة تبدُو ذابلة جِداً ، و السماء الزرقاء الصافِية تبدُو سوداء

شيء ما جعَل السراب يبدو حقيقة بالفعل ، تنهدت مُخرجة مِن جيبِ مِعطفها الهاتِف الذِي وصلهُ إشعار لِرسالة مِن صديقتها لُوسيا تسأل عن حالِها و مكانِها الآن

أعادت الهاتِف لِمكانِه ثُمّ أعادت حَدقتيها ناحِية القبر ، لم تشعُر إلا و بِمعطف يُوضع على كتِفيها بِحنِية ، علِمت الفاعِل فقط من رائحة العِطر التي تسللت بالأرجاء

"إشتقتِ للعراب ؟"

هزت رأسها بِنعم لِسُؤال آريس و لُوسيا التِي تُحدِق  بالقبر بِجانِبه ، تنهدت بِحنق مِن الطرِيقة التي تعيش بِها الآن و خاصة بعد موتِه ، أغلقت على مشاعِرها بِعلبة و أخفتها جيداً و لم تعرِضها إلا أحياناً و فقط لِأشخاصها المُقربين

لم تعلم كيف تتحدثُ مع العراب ، لِذلك إلتزمت الصمت و حدقت بالقبر بهدُوء ، تعالت أصواتُ بُكاء لُوسيا بِجانبها بينما هِي حدقت بِجمُود ، بِلا أدنَى مشاعِر تُوضحها عيناها ، إحترقت من الداخل بِشكل جميل دُون إضهار شيء من الخارِج

"لطالما أحببت الزُهور ، أردتُ زيارة معهُ أيضاً هذِه المرة لكِنه طرِيح الفِراش بالفعل ، هُنا بِجانبِي يقِف آريس الذِي يكبت دمُوعه  و لُوسيا التي أجهشت في البُكاء بالفعل ، كُلنا هُنا إشتقنا لك ، سيدِ العراب ، لا ، إشتقنا لك أبِي "

بِكلمتها الأخيرة أجهش آريس هُو الآخر بالبُكاء و خاصة بعد مُناداتها للعراب بِأبي ، كانت تِلك الكلمة التِي طلب منها هُو دائما مناداته بِما و معه ذلك لطالما سخرت مِنه بِمزاح و نادتهُ السيِد ، نطقت تِلك الكلمة فقط قبل موتِه بِلحظاتٍ و الآن

آريس الذِي عرِف مشاعِر زُويا لم يستطيع كبح نفسه و إنتحب في صمت ، مرت دقائق طويلة و هُم يقفُون هُناك دُون حراك

..

"إستيقظ بينما كُنتِ بالخارج و عاد للنوم ، لم يككُن بِوعيه لكِن من الوارِد أن يُعاود الإستيقاظ غداً صباحاً أو هذه الليلة رُبما !"

تسلل صوتُ الطبيب لِمسامعها و سُرعان ما غادر الغُرفة بعد إلقائه للتحِية ، تنهدت بِتعب تنظُر ناحية وجهِه الشاحِب

"وغد"

أطلقت بعض الشتائم بِإنزعاج مِنه ثُمّ نزعت حِذائها و مِعطفها و إقتربت ناحيته لِتستلقِي بِجانبه أسفل الألحِفة الحرِيرية السوداء و التي تحمل رائحته

عانقت رأسه مُقرِبة إياه لها ثُمّ و بدُون إدراك منها باشرت العبث بِشعره الأسود الجميل و الذِي تفُوح منه رائحة جميلة ، إعتنَت بِع حتّى و هُو طريح الفِراش

"ُزُويـا "

فتحت عيناها على مِصراعيها بِصدمة مِن صوتِه المُتعب ، إبتسم بِخفة رُغم التعب و المرض الظاهِر على وجهِه مُفضلها ، يده التِي تسللت تلمِس خدها و أنفاسه التِي تلفح وجهها ، كانت كفِيلة بِرسم إبتسامة بوجهها

رُغم أن الليل طويل إلا أنه لابُد و للفجر أن يبزغ ، و بالرُغم من كُل المصاعِب التِي مرت بِها ، ستعُود الشمس لتُشرق بِدفئ و السماء الزرقاء الصافِية ستُعيد النُور لها

..


دُمتم سالمين

My Romeo | رُومـيو الخـاص بِـيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن