-2- فريسة في أرض الذئاب

147 21 95
                                    

"سيتم نهشك."
الكلمات خرجت كسولة من بين شفاهي لكنها كانت كافية لإيقاف ذلك الفتى ذو المظهر الطفولي عن التوغل أكثر في الغابة الخطيرة. رائحته غريبة لا تنتمي لذئاب هذه الاراضي، لم أشتمها قبلاً لكنها ليست سيئة.

كنت قد شعرت بحركشة غريبة بين الشجيرات فظننته حيواناً صغيراً ويبدو أنني كنت مصيبة بتخميني إذ ان هذا الفتى مستذئب غير بالغ بعد.

تثاءبت بشدة ومن بين دموعي لمحته يفتح فاهه بشيء من التفاجؤ على مرأي أخيراً بعد أن راح ينظر يمنة ويسرة برعب تجلى في مقلتيه الزرقاوين البريئتين. هذا يعني بأنه لم يشعر بي رغم قربي الشديد، لابد من أنه مجرد جرو غريب تماماً عن المنطقة وأبله صغير بلا أي حواس حادة، ياللملل.

الفتى الغريب وقف هناك في الأسفل يحدق بي دون أي ردة فعل وكأنه يشاهد إنسان غاب من نوع ما وأجزم أن السبب هو كونه مازال مشدوهاً.

هل حقيقة كوني غير عدائية تثير تحفظه؟ أم حقيقة أنني أمتلك رائحة الندى والشمس ضد جسدي ولا شيء أخر يميزني ككائن حي عن الطبيعة من حولي؟

"ألا تعلم بما يحل بالدخلاء في هذه الغابة، خاصة المستذئبين منهم؟"
قمت بتمديد ذراعي في الهواء لأتمطّى قبل أن أتعلق بالغصن الذي غفوت فوقه وأقوم بالتدلي كالخفاش رأسي للأسفل وقدمي للأعلى.

الفتى رمش أخيراً ما أن أصبح وجهي مقابلاً لخاصته وكأنه استدرك أن وجودي فيزيائي وحقيقي بالكامل ثم تراجع خطوتين حين قمت بالتصفيق بكفي أمام وجهه لأوقظه من شروده الذي طال أكثر من المتوقع.
"تنفس يا جروي."
طالبت، كان يحبس أنفاسه دون شعور منه حتى غدا لونه أصفراً. أعلم أن الصغار يخافون الشاردين بسبب القصص المختلقة عنهم من قبل الكبار لكن لا أظنني أبدو قبيحة أو مخيفة أو شريرة حتى ذلك الحد. أتساءل إن كان قد خمّن أنني مستذئبة مثله في المقام الأول؟

الفتى شهق وزفر بتحشرج.
"ماذا يحدث لهم؟"
تفاحة آدم الصغيرة في عنقه تحركت بنفس خائف مع سؤاله ذاك بصوت خافت كخاصة الفتيات أما أنا فعقدت ذراعي أمام صدري قبل أن أتنهد وأجيب بصراحة فجة:
"يتم إمساكهم، محاكمتهم ثم تعليقهم لقضيب فضي في منتصف ساحة فارغة فتأكل الطيور من رؤوسهم لتقتلهم فتبقي أجسادهم طعاماً لليوم الذي يليه."

تقهقر للخلف، عيناه البحريتان إمتلأتا بالرعب الصامت الذي جعل مقلتيه ترتعشان في محجريهما، يبدو أنه لا يعلم شيئاً بحق، ألم يتم تعليمه؟ فبعد إعادة النظر الآن مجدداً وفحصه عن قرب لا يبدو صغيراً جداً في العمر. أقدر عمره بين الثالثة عشر والخامسة عشر قمراً، قد يبلغ في أي يوم قريباً.

فركت ذقني باستدراك وهمهمت بتفكير فعلى ذكر بلاهة الجراء، ما الذي يفعله طفيلي كهذا هنا؟ في وضح النهار وعلى أرضي أنا بالذات؟
يبدو أنني مازلت الشخص النائم هنا.

أوريـونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن