أوريـون

-6- كره غير طبيعي

أنا وأوريون كنا على قارعة الطريق مع ساعات السحر الأولى، مشهد يتأمله البشر الذين يعبرون بسياراتهم المسرعة ذات المحركات الضخمة. الأصوات العالية التي كسرت هدوء الصباح تتسبب في جعلي، أحشر أصابعي في أذني على الفور.

سار أوريون بالحقيبة على كتفه على طول جانب الطريق، وأنا لاحقته بصمت. لا يوجد ما يُقال، وإن تحدث أي منا فلن نسمع بعضنا البعض بسهولة على أيِّ حال بسبب مسافة الأمان التي وضعتها بيننا.

إذاً... ما الخطة؟

يقول إن الألفا خاصته يود شكري، لكنني لا أجد هذا سوى غريباً ومريباً، فأيُّ ألفا في عقله الصحيح سيدعو شارداً إلى عقر داره؟
الشاردون عند المستذئبين آثمون ومتمردون وقتلة.
أنا لست -نوعاً ما- أياً من ذلك، لكنه التنكر الذي وضعته في حال وقعت الصدفة واصطدمت بأي مستذئب كما حدث مع الفتى ذاك. وعلى ذكره هل هو بخير؟ لابد أن يكون وإلا لما أرسل الألفا أوريون لإحضاري. أهو شخص مهم؟ حقيقة أنه مدلل تعني أنه ابن الألفا غالباً.

همهمت محدقةً بظهر أوريون الذي لم يُكلّف نفسه عناء الالتفات والنظر لي منذ فترة، يأخذ كلمتي بأنني لن أحاول الهروب على محمل الجد أخيراً.

اللهفة التي حملها في عينيه عندما لاحظ في ذلك المساء عبق الفتى علي جعلتني أجزم بأنه والده. هو تخلّى عن محاولة قتلي وتراجع واستمع لي عندما تعلقت الأمور بالفتى.

أعرف أن أفراد المجموعة الواحدة يعيشون معاً كعائلة، وكل فرد يشعر بأنه ينتمي إلى شيء أكبر من نفسه، لكن ربما يكون هذا هو الموقف الأول الذي أشهده شخصياً، إذ إن مورايش مجموعة مترابطة، لكن عائلتهم تنافسية. وإن وضع أحدهم نفسه في موقف يختبر قدراته، فهم لن يتدخلوا، إذ يُعتبر ذلك تقليلاً من قيمة ذلك الشخص وعدم الثقة به.

ظننت أن ادعائي لكوني شاردة سيساعدني على إخافة الذئاب الدخيلة، لا لأجل حفظ سلام مجموعة مورايش فقط، بل لحماية أكبر عدد من المستذئبين منهم، ولطرد البشر المتجولين خاصة، فهم ما أن يُقتَلوا حتى يُنذِروا مجتمعاتهم من كون المنطقة خطرة وتحتاج للمراقبة، فيتقدم الكثير منهم كالصيادين والباحثين لمحاولة اكتشاف ما لا يجب عليهم اكتشافه.

استطعت حماية مورايش من البشر، لكنني لم أظن يوماً أنهم سيحتاجون الحماية من مستذئب واحد فقط. وبعد التفكير ملياً مجدداً، أجد أن الإذعان لأوريون كان التصرف الصحيح. هو خطير، وغير متوقع، قاتل ويجب أن يتم تطهير هذا الخطر في رأيي الآن، فلو تحوّل إلى شارد بلا ألفا ليتحكم به قد يغدو كالإعصار المدمر.

لديَّ بضعة أيام قبل أن يُحاول أوريون قتلي مجدداً على ما يبدو. سأُرضي فضولي بشأن مجموعتهم أياً كانت، ثم سأعود لريغان سريعاً من أجل فحص جسدي، وقبل أن أضطر لرفع تقرير حقيقي لرشاد... سأتخلص من أوريون بنفسي لأنني لم أسامحه على تعرضه لي، ولن أفعل، خاصة إن كانت تسليته تتمثل بقتل كل من هبَّ ودبَّ، حتى لو كان ذلك لا يعنينا كحراس توازن بحق.