"لِمَ أنتِ هنا؟"
سأل ماڤرك، كان يجلس على حافة نافذة عشوائية يقرأ كتاباً ما، بينما كنتُ أرتفع وأهبط مجدداً على ذراعي، أقوم بتماريني الصباحية في حديقة الملحق الشرقي الخلفية.في هذا الملحق من قصر ريغان يقطن الكثير من الشبان والشابات، وأغلبهم ينتمون إلى دائرة عمرية مشابهة لعمري.
أما في الملحق الغربي، فيقطن كبار السن والبالغون مع صغارهم. أما القصر الرئيسي، فلا يقطنه سوى رب العائلة مع أقرب الناس إليه مكانة، والأفراد المميزين المهمين ككبار الأسرة، والطاقم الطبي، والأرشيف، وقوات التعليم.
أما بالنسبة لطاقم الخدم من البشر، فيتم توزيعهم حول القصر الرئيسي والملحقين. عددهم ليس كبيراً، لكن بهذه الطريقة نضمن توزيع الأعمال بالتساوي عليهم، ونتأكد أيضاً قدرتنا على حمايتهم في حال حدوث أي شيء غير متوقع.
"هذا سؤالي."
علّقت لاهثة.غرفة ماڤرك تقبع في مكان ما في القصر الرئيسي بلا أدنى شك، لكنه يتسكع حولي الآن.
"هل أصابكَ الفضول عن سبب وجودي في منزلي؟" استفسرت وأنا ألتقط المنشفة لأمسح بها وجهي المبلل بالعرق، ثم رفعت عيني نحوه، هو الذي لم يُخرج عينيه من كتابه بعد.
"والدي قَلِقٌ عليكِ، يُريد أن يعرف السبب الذي جعلكِ تعودين إلى القصر بعد رحيلكِ بيوم وبياتكِ فيه لمدة ثلاث ليالٍ على التوالي."
نَبَس، هو لا يُخفي حقيقة أنه هنا فقط ليستجوبني."عيد ميلاد كاثي."
غمغمت."كان الشهر الفائت."
تَنَهَّدَ بقلة حيلة."ذِكرى مولد رشاد؟"
سألتُ عَلَّهُ يُساعدني بإيجاد حجتي، لكنه رد كالمرة الأولى بهدوء:
"بعد شهرين."لن يتعاون معي، وهذا جعلني أستدير نحوه برأسي وأهتف به مُعترِفةً بِحَنَق:
"لا يوجد سبب! شعرتُ بالملل مؤخراً من الروتين في الغابة وحَسب.""إنه عملكِ الذي تُحبين، يُبقيكِ بعيدةً عن ضجة ريغان. أنتِ لا تُخدعين أحداً."
أنفاسي تعلّقت لثانية في صدري عندما توقفت أنامله فجأة عن قلب الصفحة، وأضاف مستفسراً:
"أنتِ تتدربين طوال النهار وتلازمين غرفتكِ طوال الليل. ما نوع هذا الروتين الجديد؟"قبضتُ أناملي، أما ماڤرك فقلب صفحته أخيراً مُعلِناً عن نيته:
"لستُ هنا لأُجبِركِ على الاعتراف بأي شيء يا أميسيا، بل لأتأكد من أنكِ سليمة."مددتُ ذراعي حولي وهتفت:
"انظر! أشبع عينيك وأخبر رشاد أنني بخير!"عندما نظر إليَّ حقاً، أحسستُ بأنني قد ابتلعت لساني. عيونه الراكدة المخيفة لا تُظهر كالعادة أي شعور واضح.
"اسمحي لي إذاً..."
أغلق الكتاب ورماه في فجوة مكانية سوداء قبل أن يهبط على ساقيه بخفة في الباحة، ويقترب مني على مهل. دار حولي مرةً واحدةً في دقيقة توقفتُ خلالها عن التنفس تماماً. جروحي تعافت منذ الليلة التي تحصَّلت فيها عليها، لا يمكن أن يجد أي أثر فيزيائي، لكنني لا أضمن أنه لن يجد ما هو نفسي، فماڤرك دقيق ويصعب إخفاء تفصيلات الأمور عنه.
أنت تقرأ
أوريـون
Paranormalعقوبـات سيليـن لحراس التـوازن كانت من النوع الذي لا يؤرقهـم يوماً، لكنها مؤخـراً غيّرت الخـطة وأعطتهم كل ما قد تستطيع تقديمه بعـطاء، قوة القمـر، الشكل الحيـواني و... رفيـق مقـدر. سلسلة حراس التوازن الكتاب الثالث: أوريـون (٢٠٢٤)