هل رأيتم يومًا نحلة تمضي في طريقها ثم فجأة تنتبه لوجود زهرة أمامها؟ ستظل النحلة تحوم حول تلك الزهرة مرارًا وتكرارًا بدون إرادة منها، سيكون من الصعب تجاهل النحلة لتلك الزهرة لأن هذا يقبع في غريزتها.
حسنًا .. أنا لست بالنحلة لكن الآنسة نادية حتمًا زهرة، وها أنا ذا أحوم حول المركز منذ الأسبوع، أتعلل بأي شيء كي أمر من ذلك الطريق وتحديدًا ذلك الشارع، حتى أنني قد أتيت لزيارة السيد حسان اليوم لكنني قد حرصت على أن أكون نظيفًا وخاليًا من الشحم ومهندم الملابس ..
ربما ستتوقعون أنني خارق الوسامة لأنني تركي الجنسية، لكن ما ترونه على شاشات التلفاز في الدراما التركية ما هو إلا ممثلون، والممثلون يجب أن يكونوا وسيمي الهيئة، ولا، أنا لست ملون الأعين ولا لست بأشقر الشعر، أنا حنطي البشرة مع حُمرة من الشمس التي أقف تحتها بالساعات، عيناي سوداء حادة، وشعري بني اللون، أمتلك لحية خفيفة تزين وجهي، حسنًا ربما أنا طويل إلى حدٍ ما وجسدي ممشوق وأمتلك أذرع قوية نظرًا لطبيعة عملي وليس لكوني أمارس التمارين الرياضية، وأختي حسناء دائمًا تخبرني بألا أقلق لأن الرجل ليس بشكله، بل بأخلاقه .. بغض النظر أن تلك المحادثة بيننا غالبًا ما تنتهي بمشاجرة وبضربي لها على قفاها لكنني أعرف جيدًا بأنني رجل مقبول الطالع، مقبولٌ فقط ولست بالوسيم.
استندت على إحدى الأشجار وشبكت ذراعي أمام صدري أنتظر خروج الآنسة نادية في أية لحظة، سأكلمها اليوم .. لا أعرف ماذا أخبرها تحديدًا لكنني سأفعل، حتى لو أضطررت لأن أسألها عن معنى شيئًا باللغة الإنجليزية، سأكلمها يعني سأكلمها.
بعد الانتظار لبعض الوقت كانت قد ظهرت أخيرًا بابتسامتها المشرقة التي ألقت بها إلى الحارس، وبتردد تحركت نحوها، رأتني أقترب وأنا أنظر إليها فتوقفت في تساؤل عما أريد، وصلت إليها وبلغتي التركية قلت لها "مساء الخير."
ابتسمت وأجابتني بالمقابل بلكنة تركية ركيكة "صباح الخير."
استغربت قليلًا لأننا لسنا في الصباح، إن الغروب يقترب!
"هل تعملين هنا؟ في ذلك المركز؟" سألتها فقطبت جبينها بدون فهم ثم تحدثت ببعض الأشياء باللغة الإنجليزية التي لم أفهم منها حرفًا، إنها تتكلم وتبدو آسفة وهي تشير إلى بأنها لا تفهم، وأي غبي كان سيدرك في تلك اللحظة أن الآنسة نادية تعتذر عن عدم تحدثها اللغة التركية ..
أومأت لها بابتسامة متأسفة وراقبتها تكمل طريقها نحو سيارتها، لم تفهمني الآنسة نادية .. لكنها كانت لطيفة بالرغم من أنني لم افهم شيئًا مما قالته، وبرغم كوني سعيدًا أنني قد خضت معها حديثًا قصيرًا لكنني كنت تائهًا أتساءل كيف سنتواصل معًا إذا كانت هي لا تفهم التركية وأنا لا أفهم الإنجليزية؟
ابتلعت لعابي وحركت عيناي مع سيارتها التي انطلقت بها، كيف سأحدثكِ آنسة نادية؟
أنت تقرأ
الثاني من مارس
Romance"آنسة نادية، أعرف أنكِ لا تتحدثين بلغتي، وأنا لا أتحدث بلغتكِ، لكنني أبقى مستيقظًا كل يوم للثالثة فجرًا، كي أحفظ الجملة التي سأخبركِ بها غدًا، بالأمس حفظت جملة [فستانكِ جميلٌ.] لكن لماذا قد أرتديتِ بنطالًا اليوم؟ أنتِ تصعبين الأمر كثيرًا آنسة نادية...