يقولون أن الإنسان في العصر الحجري كان يختبئ في جحره لينجو، لكنه كان يخاطر فقط بترك عشه الآمن والخروج للبحث عن الطعام وعن شريك، أنثى واحدة كفيلة بجعل الرجل مغفلًا كفاية ليخرج ويواجه أخطارًا عديدة، أنثى واحدة كفيلة بجعله يغطس في المياه ليزيل العفن عن جسده ويستحم بعد سنينٍ من عدم النظافة، أنثى واحدة كفيلة بجعله يترك همجيته ويتصرف بطريقة متحضرة كي تُعجب به، أظنني من زُمرة هؤلاء الرجال.
كانت الثانية فجرًا عندما طرقت أختي الباب ودخلت تنظر لي باستغراب، رفعت رأسي عن الورق الذي بيدي وحمحمت "حسناء! لماذا ما زلتِ مستيقظة في ذلك الوقت؟"
شبكت ذراعيها أمام خصرها ورفعت حاحبيها "بل الأصح، ماذا تفعل أنت في ذلك الوقت؟ وما هو هذا الورق؟"
"هذا .. هذا ورق اللغة الإنجليزية .." تمتمت وابتلعت لعابي فقطبت حسناء جبينها وتقدمت باستغراب لتجلس على السرير أمامي بدون فهم
"وماذا تفعل بورق اللغة الإنجليزية؟"
"أذاكره،" رميت بكلمتي ونظرت إلى الأسفل، لكنني رفعت عيناي بتردد نحو حسناء لأجد فكها قد وقع ارضًا "تذاكره؟ منذ متى!"
"لقد سجلت في صف اللغة الإنجليزية، حسناء هلا تساعدينني أرجوكِ؟ أنا أريد تحدث اللغة الإنجليزية،" هرعت بترجيها فنظرت لي بدون تصديق ثم ضيقت عينيها ونظرت لي بنظراتٍ متشككة
"سأساعدك لكن بشرط."
أومات فأكملت "ستخبرني لماذا تذاكر اللغة الإنجليزية؟ وستخبرني بالحقيقة."
"هل تتشرطين علي؟ أنسيتِ من يدفع مصاريف جامعتكِ ومصاريف ملابسكِ ومساحيق تجميلكِ وكتبكِ وطعامكِ! اذهبي حسناء، لا أريد منكِ أي شيء، لدي الآنسة نادية وهي تعلمني جيدًا،" أردفت بغضبٍ مفتعل لكي أجعلها تنسى سؤالي عن لماذا أريد تعلم الإنجليزية لكنها قد تطرقت إلى شيءٍ آخر، فقد ابتسمت ابتسامة ماكرة وكررت "الآنسة نادية؟ من هي الآنسة نادية؟"
حاولت أن أجيب بثبات "معلمتي." لكن ظهرت ملامح متوترة على وجهي قد جعلت حسناء تشك في أمري
"آه، قلت لي .. معلمتك! ما عمرها بالمناسبة؟"
لقد افتضح أمري، حسناء أصبحت تعلم.
"أربعة وعشرون."
"إذًا أركان .. هل هي لطيفة معلمتك تلك؟ أعني كيف تبدو؟ هيا اخبرني .. أظنك لن تذهب لتأخذ معها درسًا في اللغة الإنجليزية -التي أنقرة جميعها تعلم بأنك تكرهها- إلا لو كانت المعلمة جميلة."
ألم أخبركم أن أمري قد افتضح؟
صمتت فجلجلت ضحكاتها في أرجاء الغرفة ثم ضربت بكفيها معًا "أتعلم، الآن قد تأكدت بأن الرجال قد صنعوا الحضارة لأجل النساء؛ فلولانا لم تكونوا قد تحضرتم وتعلمتم وخرجتم من كهوفكم، ولولا الآنسة نادية لم تكن يا أركان قد بدأت تذاكر من جديد."
غضبت ونهضت أصيح عليها مدافعًا عن جنسي، جنس الرجال "هراء، نحن أذكياءً بالفطرة ونسعى دومًا للتطور."
"نعم، تطورون لكي تحصلوا على انتباهنا، جميعنا نعلم ذلك."
"لا، نتطور لأجل أنفسنا."
"إذًا انظر في عيناي واخبرني بأنك لم تسجل في ذلك الدرس لأجل المُعلمة،" وضعت يداها في خصرها ورمقتني بتحدي، وهي قد ربحت .. لأنني صمتت.
ضحكت قليلًا ثم تنهدت ورجعت بظهرها لتستند على السرير ثم رمقتني بابتسامة جانبية واعتدلت فجأة لتومئ "حسنًا، سأساعدك، ماذا تريد أن تعرف؟"
"أريد أن أخبرها بأن فستانها جميلٌ بالإنجليزية، ساعديني لأحفظها بلكنة جيدة وبدون تلعثم.".
نادية، لقد قضيت ساعة كاملة أحفظ تلك الجملة في تلك الليلة، وعندما أتقنتها كنت في أوج سعادتي أنتظر الغد ليأتي بفارغ الصبر لكي أخبركِ إياها عندما تمُرين بجانبي، لا أعلم لماذا فعلت كل هذا لأجلكِ حقًا، لا أجد مبررًا كافيًا حتى الآن، كان يمكنني نسيانكِ بعد رؤيتكِ أول مرة، لكنني لم أفعل.
أنت تقرأ
الثاني من مارس
Romance"آنسة نادية، أعرف أنكِ لا تتحدثين بلغتي، وأنا لا أتحدث بلغتكِ، لكنني أبقى مستيقظًا كل يوم للثالثة فجرًا، كي أحفظ الجملة التي سأخبركِ بها غدًا، بالأمس حفظت جملة [فستانكِ جميلٌ.] لكن لماذا قد أرتديتِ بنطالًا اليوم؟ أنتِ تصعبين الأمر كثيرًا آنسة نادية...