كنت قد وصلت إلى المركز وصعدت لأدخله، وصلت إلى صفي لكنني توقفت عندما وجدت الآنسة نادية تقف بالخارج، كنت على وشك الترجل نحوها لكن أحدهم سبقني إليها.
"نادية،" ناداها ذلك الشخص ووقف يتحدث معها بالإنجليزية التي لم افهم منها إلا بعض الكلمات العابرة .. لكن لماذا يناديها هذا الوغد نادية بدون أن يضع (آنسة)! ما هي مشكلته؟ يجب أن يوقرها، كما أوقرها أنا .. لو الأمر بيدي لصححت له جملته وأخبرته أن يناديها بالآنسة نادية ..
وقفت ونظرت إليهما يتحدثان، كانت تبتسم كالعادة أثناء حديثها، تتحدث بأريحية بلكنتها الإنجليزية الرائعة التي تجعلني فقط أشعر بأنني أريد الابتسام بالمقابل، لكنني لم ابتسم الآن؛ لأن كل ما شغل بالي كم تمنيت لو أنها تقف وتحدثني وتفهمني وأفهمها كما تفعل مع ذلك الغريب، تمنيت أن أمر بها كل يوم لأحدثها عن يومها وعما فعلت بالأمس .. أن أخترع أي سؤال لأسألها عنه فتجيبني وأستمع لها .. لكن هيهات؛ فهي لا تتحدث التركية وأنا لا أتحدث العربية أو الإنجليزية ..
لكن آنسة نادية، صدقيني أنا أفعل ما بوسعي للتعلم، أعلم أنني ما زلت في الأبجدية الإنجليزية لكنني بالأمس حفظت جملة إنجليزية لأخبرها بها، سهرت طوال الليل كي أرددها بلكنة جيدة .. حتى انني دفعت لأختي عشرة ليرات لأتدرب أمامها كيف سأقول لها "فستانكِ جميل آنسة نادية."
لوهلة تنبهت أن الآنسة نادية اليوم لا ترتدي فستانًا! بل كانت ترتدي بنطال واسع أبيض اللون وسترة صوفية باللون اللبني السماوي ...
الآن ماذا سأفعل؟ ما معنى سترة بالإنجليزية؟
أخرجت هاتفي بسرعة ووقفت جانبًا مستعدًا لفتح جوجل لكنني سمعت صوتًا أعرفه جيدًا ينادي بلغته الإنجليزية "أركان." التفت للآنسة نادية فأشارت لي بابتسامة نحو الفصل في إشارة منها أن الحصة ستبدأ
ابتلعت لعابي وترجلت وأنا ما زلت اعبث في هاتفي لكنها أوقفتني قبل دخول للفصل "أركان، الهاتف."
عرفت في ذلك اليوم أن الآنسة نادية لا تحب أن يلمس أحدهم الهاتف في فصلها، حسنًا آنسة نادية، سأضعه في جيبي وسأغلقه، لكنني فقط كنت أريد أن أخبرك أن سترتكِ جميلة اليوم لأنكِ لم ترتدي فستانًا لكنني سيئ الحظ كثيرًا، سأذهب وأسترجع العشرة ليرات خاصتي من حسناء، أظنها قد أصابتني بالعين ولذلك لم ترتدي الآنسة نادية فستانًا.
"أركان، الأبجدية؟" تفوهت الآنسة نادية بالإنجليزية، ولأنها كررت كلمة الأبجدية كثيرًا على مسامعي فأنا أدركت بأنها تريدني أن أملي عليها الحروف الإنجليزية، نهضت بتوتر لكنني متأكد بأنني حفظتهم جيدًا، بدأت أملي عليها الحروف سريعًا وعندما أنتهيت كانت قد صفقت لي وشجعتني قائلةً "أنت جميل يا أركان." بلكنة تركية ركيكة معتادة،
أظنها لا تفهم أنها لقبتني بالجميل للتو لأن الجميع قد ضحك وهناك من صحح لها خطأها مرددًا "هذا جميل يا آنسة نادية، وليس أنت جميل."
أدركت خطأها واكتست حمرة طفيفة بشرتها البيضاء وكررت أمامي بنبرة مرحة "هذا جميل يا أركان."
وبالرغم من كونها أخطأت لكنني تهللت بكلمتها تلك وجلست مجددًا وأنا أشعر بالسعادة تغمرني، أنا أبلي حسنًا .. لكن ما أفرحني أنني لاحظت أن الآنسة هي الأخرى تستخدم كلمات تركية صغيرة، أياترى تتعلم الآنسة نادية التركية هي الأخرى مثلما أتعلم الإنجليزية؟ يبدو لي كذلك، أرجو أن تكون الآنسة نادية تتعلم التركية هي الأخرى.
انتهى الصف ذلك اليوم نادية ولم أخبركِ بأن فستانكِ جميل، كان اليوم ليكون سيئ كثيرًا لو لم تخبرينني أنتِ بأنني جميلٌ، حتى ولو كان بالخطأ.
أنت تقرأ
الثاني من مارس
Romance"آنسة نادية، أعرف أنكِ لا تتحدثين بلغتي، وأنا لا أتحدث بلغتكِ، لكنني أبقى مستيقظًا كل يوم للثالثة فجرًا، كي أحفظ الجملة التي سأخبركِ بها غدًا، بالأمس حفظت جملة [فستانكِ جميلٌ.] لكن لماذا قد أرتديتِ بنطالًا اليوم؟ أنتِ تصعبين الأمر كثيرًا آنسة نادية...