كنت ما زلت أمام تلك السيارة أحاول استكشاف العطل الذي بها، حين نادى علي علي "أركان، ألن تتناول الطعام؟"
رفعت رأسي فجأة بأعين متوسعة، ما هي الساعة الآن؟
سارعت بالبحث عن هاتفي الذي أصلحته منذ يومان وفتحته فوجدتها الواحدة والنصف .. تبًا لي وتبًا للسيارة، الصف سيبدأ خلال نصف ساعة وأنا ممتلئ بالشحم!
"علي، أنا يجب علي الرحيل الآن، اكمل أنت العمل على تلك السيارة حتى أعود،" صحت بهذا وأنا أهرول بعيدًا ووجدت علي ينهض عن كرسيه ليصيح علي "إلى أين؟"
"لقد سجلت بصف تعليم اللغة الإنجليزية، هذا موعده،" صحت بالمقابل فوقف علي ينظر لي بضحكة على محياه ولم يلبث أن ضحك فعلًا وصاح "هل تمازحني!"
قلبت عيناي وتحركت بعيدًا متجاهلًا تعليقه الساخر، وهرولت حتى وصلت إلى منزلي ثم بدأت بالطرق عليه باندفاع حتى هلعت امي ونهضت سريعًا تفتح الباب، وبدون أن أتفوه بحرف خلعت سترتي المتسخة في طريقي إلى المرحاض
سمعتها تضرب كفًا بكف وهي تتمتم بالخارج "ماذا حدث؟"
"لا شيء أمي، احضري لي بعض الملابس النظيفة أرجوكِ،" صحت بهذا وأنا أدخل تحت المياه بالفعل لأستخدم كمية صابون تكفي بلدة بأكلمها.
كانت الثانية والنصف عندما كنت أهرول لداخل مركز تايسون، أرشدتني الموظفة إلى مكان الغرفة وتركتني ثم ذهبت، وقفت أمام الباب أحاول تنظيم أنفاسي وبحركة تلقائية بدأت بشم ملابسي لأتأكد من أنني نظيفًا كليًا وخالٍ من الشحم.
انفتح الباب فجأة وأنا أشم قميصي، ووجدت الآنسة نادية في وجهي تنظر لي بعدم فهم، هربت الدماء من وجهي وتركت قميصي من يدي ثم حمحمت وأنا أشير لها إلى الصف مرددًا باللغة التركية "أنا معكم، هنا."
ابتسمت وكأنها فهمت غير أنني متأكد بأنها لم تفهم حرفًا، ثم أفسحت لي الطريق
ترجلت للداخل بتوتر وأنا أنظر حولي، حمدًا لله لم يكونوا أطفالًا، إنهم راشدون لذا لن أبدو غريبًا بينهم.
"ما اسمك؟" سألتني الآنسة بالإنجليزية وفهمتها هذه المرة، أتذكر بعض الكلمات البسيطة في عقلي
"أركان،" أجبت فابتسمت ورحبت بي بلكنة تركية ركيكة "مرحبًا بك أركان."
أومأت ثم اتخذت مكاني في آخر الصف، وها أنا ذا أتابع كل حركة تفعلها الآنسة نادية بتركيزٍ شديد، أظن أن فكرة التسجيل في تلك الدورة فكرة جيدة؛ فمن هنا أستطيع مراقبة الآنسة نادية براحتي دون أن أبدو مخبولًا.
التقت عيناي بعيناها السوداوين للعديد من المرات، كانت تشرح وتحاول الإبقاء على تواصل بصري بيني وبين جميع الطلاب كذلك .. أنا لست مميزًا للآنسة بعد.
انتهت المحاضرة بعد ساعة ونصف، ودعتنا الآنسة نادية بلكنة تركية ركيكة مرة أخرى، وجلست تتفحص هاتفها على إحدى الكراسي، لكنتها التركية تضحكني لأنها لطيفة بشدة وهي تحاول نطقها بشكلٍ صحيح ولا تنجح، أريد معرفة الكثير عنها لكنها لن تفهمني وأنا لن أفهمها ..
سأخبركم عني بشيء، أنا ملك القرارات الخاطئة، وحتى قلبي اللعين كان قد أخذ قرارًا خاطئًا هو الآخر؛ فمن بين كل فتيات العالم قلب أركان قد انتقى فتاة لا تفهمه ولا هو يفهمها.
رفعت رأسها إلي عندما شعرت بنظراتي نحوها، وضعت الهاتف بعيدًا وابتسمت لي لتنطق بالإنجليزية "أركان، هل تريد شيئًا؟"
لم أفهم سوا اسمي (أركان.) .. ابتلعت لعابي وأشرت إلى الخارج وأنا أقول بلغتي التركية التي بالتأكيد لم تفهمها "أنا سأرحل."
قطبت جبينها وأومأت لي فتحركت للخارج بابتسامة واسعة، ربما لم يكن قراري بالتسجيل في تلك الدورة قرارًا خاطئًا كليًا؛ فأنا قد بدأت أستلطف حصة الإنجليزية هذه.
نادية، شكرًا لكِ لعدم توبيخي لتأخري هذا اليوم، شكرًا لكونكِ كنتِ لطيفة ومتفهمة، فلو فعلتِ غير ذلك لم أكن لأظهر أمامكِ من جديد في الحصة التالية، ولم أكن لأصبح أركان الذي أنا عليه اليوم.
أنت تقرأ
الثاني من مارس
Romance"آنسة نادية، أعرف أنكِ لا تتحدثين بلغتي، وأنا لا أتحدث بلغتكِ، لكنني أبقى مستيقظًا كل يوم للثالثة فجرًا، كي أحفظ الجملة التي سأخبركِ بها غدًا، بالأمس حفظت جملة [فستانكِ جميلٌ.] لكن لماذا قد أرتديتِ بنطالًا اليوم؟ أنتِ تصعبين الأمر كثيرًا آنسة نادية...