الفصل الأول

33 2 2
                                    

رامي شاب في أواخر العشرينات، يعيش وحيداً في منزله المنعزل عن أغلب سكان الشارع في منطقة خلفية بعيداً عن الشارع الرئيسي و إزدحامه و ضوضائه المعتاده، يجلس رامي على أريكته الناعمه متأملاً في شرود شاشه تلفاز متوسطة و يضغط على الريموت بشكل عشوائي ليتنقل من قناة لأخرى، فلاش باك يتذكر ما كان يفعله مع أخوه الكبير رامز عندما توفت أمه و قرر أبوه السفر و المعيشة في بلاد الغرب ليتزوج بإمرأة أخرى تاركاً خلفه ولديه ليتحملا معيشتهم وحدهما في مقابل إرسال مبلغ مادي كل شهر. رامز كان أكبر من أخوه بست سنوات و بذلك كان أخوه الكبير و أبوه الثاني و قد كان هدف رامز الوحيد هو العيش بسلام مع أخوه رامي في منزل والديهم اللذان فارقوهما مبكراً و قد دار نقاش حاد بين رامي و أخوه رامز حول رفض رامي لأن يتحكم أخوه الكبير في حياته لمجرد إنه ليس والده.

رامز بنبره حازمه: إنت إيه يا أخي اللي بتعمله في حياتك ده؟ عاجبك حالك؟ عاجبك مستواك الدراسي؟ عايز تعيش كده بدون هدف ولا حتى إنجاز صغير؟

رامي: ملكش دعوة بيا، أنا عارف الطريقة اللي عايز أعيش بيها حياتي و أحقق أحلامي، ثم إنت كمان ليك مشاكل في الدراسة ولا يعني جت عليا أنا؟

رامز: إنت إزاي تقارن نفسك بيا؟ أنا على الأقل بذاكر و بجتهد و فاضل لي سنه و أتخرج من الكلية، الدور و الباقي عليك إنت يا اللي مش عارف تعدي الثانوية العامة.

رامي: و إنت فاكر الثانوية دي مرحلة سهله؟ أنا اللي في سني محتاج دروس خصوصي على الأقل في مواد العلوم.

رامز: إنت عارف كويس أوي إني بشتغل جنب دراستي عشان أقدر بس أوفر حق اللقمه لكن إنت بتعمل إيه؟ يا أخي على الأقل إفتح الكتاب و ذاكر و بعدين تعالى و أنا أساعدك.

رامي: مش عايز مساعده من حد، إنت لو كنت عايز تساعد كنت عملت كده بدون ما كل يوم تفضل تسمعني الإسطوانه البايخه دي.

رامز: والله إذا كان عاجبك يا كده يا تنزل تشتغل في أي ورشة و تصرف على نفسك طالما مش عاجبك مجال التعليم.

رامي ساخطاً غاضباً إندفع إلى غرفته و أغلق الباب بكل قوة و جلس على فراشه و هو يمسك رأسه محاولاً نسيان ما حدث ليهدئ قليلاً

أما الآن فهو متخرج من كلية الهندسه و علوم التكنولوجيا و هو يعمل في أكبر الشركات الموجوده و كان يصعد سلم الترقية بنجاح باهر، مما يثير حقد و غيرة بعض الزملاء و لكنه لم يكن يعير هذا أي إهتمام فكان شغله الشاغل هو أن ينتهي اليوم ليعود إلى بيته و هدوئه و سلامه النفسي في صمت.

فجأة قطع هدوء رامي صوت رنين هاتفه المحمول لينظر إلى شاشته و هو ملقى أمامه على الطاولة بكل ملل و ضيق، إنها مريم أخت حبيبته و خطيبته مي اللي صعدت بروحها للسماء تاركة رامي وحيداً شارداً حزيناً في أغلب أوقاته.

أمسك الموبيل متباطئاً ليرد بخمول: أيوة يا مريم ... أنا بخير.

مريم: إيه يا عم مختفي فين بقالك كام يوم؟ مش هتعدي عليا عشان سنوية مي أختي؟

رامي و هو شارد مرة أخرى: حاضر يا مريم أكيد مش هنسى حاجة زي دي.

عاد طيف مي حبيبه رامي في خياله يراها مبتسمه له كالعاده، لطالما كانت إبتسامتها كفيلة بإحياء روح رامي مهما واجه من صعوبات و مشاكل.

مريم: رامي ..... رامي .... رحت فين؟

المرآة الغامضةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن