الفصل الرابع

14 2 6
                                    

شكره رامي و قام ليذهب إلى مدام إيفون، كانت مدام إيفون سيده جميلة الملامح في منتصف خريف العمر، فهي سيده نصف مصرية و نصف فرنسية من ناحيه الأم ولذا فهي تجمع ما بين الجمال الفرنسي و الأصالة والدفئ المصري، فهو تبدو و كأنها أم رغم أنها ليست كبيرة في السن لهذه الدرجه، و هي متواضعة ومحترمة ومعروفة بطباعها اللينة و مع ذلك فهي مثقفة جداً و ناجحه في عملها مما يجعلها تبدو و كأنها قائده.

نظر إليها رامي من شباك المكتب و طرق الباب ليستأذن بالدخول و أذنت له فدخل، و بمجرد دخوله إرتسمت على وجهها إبتسامه عريضة كما كانت تنتظر عوده إبنها لها و قالت بصوت هادي: أهلاً يا رامي إتفضل إدخل أرتاح.

فجلس رامي أمام مكتبها و سألته: تشرب إيه الأول؟، فأجاب: لو ممكن نيسكافيه بلاك نص معلقة سكر و ماء من فضلك ( رامي من عشاق القهوة فهمو يشرب قهوة مرة في كل وقت و في أي مكان و تحت أية ظروف بكميات تصل إلى عشرة فَنَاجِيْن في اليوم و في الغالب يفضل أن يقوم بتحضيرها بنفسه)، فطلبت النيسكافيه و الماء من الساعي رجب، و إلتفتت لرامي مبتسمه قائلة: عامل إيه في الشغل يا رامي؟ فأجاب رامي: كويس الحمدلله.

قالت مدام إيفون: أستاذ محرم مبسوط منك جداً في الشغل و بيشكر فيك قدام السيد محسن الدَرَمَلِّي، و إبتسم رامي و هو يومئ برأسه مرتين لتكمل هي: أنا عارفه إنك إنسان شاطر و جدع و يعتمد عليك سواء جوه الشغل و بره الشغل، و عايزة أقولك إن لولا مجهودك إنت و الزملاء هنا و توجيهاتك لهم أحياناً ما كناش قدرنا نوصل للصفقة الكبيرة أوي دي. فأجابها و هو ما زال مبتسم: متشكر.

لكن إبتسامتها إختفت لتسأله بدافع قد يبدو أمومي بعض الشيء: بس إنت مالك الأيام دي شكلك مش عاجبني، لا بتاكل كويس ولا بتنام كويس، حتى شغلك ما بقيتش بتعمله بحماس زي الأول، صحيح إنت بتعمله كله صح جداً و في الوقت المطلوب لكن أنا حاسه إن الروتين غالب عليك لدرجه مخلياك إنت نفسك مش رامي بتاع زمان، ليجيب هو: للأسف مفيش حاجة بتفضل على حالها. فسألته بتعجب: يعني أنا كلامي صحيح؟ فأجابها بغموض: مش شرط فقالت له بشيء من الحزن: أنا عارفه يا رامي إن من يوم وفاة مي خطيبتك الله يرحمها و إنت ما بقيتش زي الأول، كأنك إنطفيت و إنعدمت فيك رغبات كتير أوي كانت عاملة جو لينا إحنا سواء زمايل في الشغل أو بره، فين رامي النشيط اللي كان يدخل يهزر مع ده و يضحك مع ده و يجيب معاه فطار و شيكولاتة و يجامل ده ويخرج مع دول؟.

نظر إليها و هو يعرف أن كلامها صحيح جداً ولم يقدر على الرد فهو لا يملك أي رد من الأساس، فقالت له معتذره: يا ريت يا رامي ما تزعلش مني و لا من كلامي في الآخر أنا بتكلم عشان مصلحتك و إنت لو ما تهمنيش كنت كلمتك في الشغل و خلصنا.

قاطعها هو قائلاً: أنا مش زعلان أنا فعلاً بحاول أعدي الحاله اللي أنا فيها دي و مش قادر بس ما زلت بحاول بأي طاقة والله.

المرآة الغامضةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن