على الجانب الآخر من المرآة، أو بمعنى أدق على أرض الواقع كان راميس يعتبر منزل رامي هو منزله بل كان يعيش حياة رامي و كأنها حياته هو، و قد تخلص من جميع المرايا في المنزل حتى لايرى فيها رامي و لا يحاول الخروج من العالم الآخر، وقف راميس أمام ثلاجة رامي و هو يصدر أصوات غمغمه و كان من الواضح أنه يأكل بنهم و شراهه و كأنه لم يأكل من سنوات و لكنه كان يأكل كل شيء تقع عليه عينه محدثاً فوضى و ضوضاء في المطبخ، إلى أن سمع صوت جرس الباب و أدار رأسه في عصبية و غضب و ذهب نحو الباب في ضيق مغمغماً بكلام غير مفهوم ليرى من بالباب و عندما فتح الباب فإذا به شريف صديق رامي و يبدو عليه بعض القلق ليباغته بسؤال سريع: إنت فين يا بني كل ده؟ يومين مختفي و عمال أدور عليك و موبايلك مقفول، حاول راميس أن يستعير صوت رامي قائلاً: مفيش تعبان شوية الأيام دي، حاول شريف الدخول و لكن راميس كان يقف بجسمه كاملاً أمام الباب فسأله شريف: إنت مش عايزني أدخل ولا إيه؟ فإنتبه راميس و هو يحاول الحفاظ على نبرة صوت رامي: لا إزاي؟ إتفضل، و تحرك جانباً ليسمح بشريف بالدخول، و عندما دخل شريف المنزل وجده غارقاً في الظلام حيث أن راميس كان يعيش في عالم مظلم لسنوات طويلة و لم يعتد بعد على أي ضوء عالي، و سأله شريف: إيه يا بني الضلمه دي كلها مضلمها على نفسك ليه كده؟ و ذهب ليضيئ الأنوار ليندفع راميس نحوه و يمسك يده ببعض القوة ليمنعه من فعل ذلك قائلاً: إحم أنا حقيقي الأانوار بتتعب أعصابي و أنا تعبان خليني كده أنا مرتاح، نظر شريف ليده و هو مستغرب من تصرفاته و يدلك مكان قبضة يده قائلاً: تعبان إيه بس إنت كنت هتكسر إيدي و بعدين إنت شايف طريقك إزاي في الضلمة الكُحل دي؟ ليقول راميس بصوت منخفض جاف: معلش ما كانش قصدي و بعدين ده بيتي فطبيعي أكون حافظ طريقي.
جلس شريف على الكنبة و قال لراميس بقلق واضح: طيب ما بتروحش لدكتور ليه عشان تكشف؟ ليجيب راميس بنفس الصوت: ما بحبش الدكاترة و لا بثق فيهم، أنا هبقى كويس لوحدي دي مش أول مرة، فأجاب شريف و هو يحاول جاهداً التعود على هذا الظلام فهو لا يرى بوضوح بل لا يرى أبعد من يديه: طيب مفيش حتى دكتور مرتاح له نكلمه يجي هنا يشوف مالك؟، ليجيب راميس بصوت جاف و غاضب بعض الشيء: قلت لك لأ ما بحبش الدكاترة و هبقى كويس لوحدي، إنزعج شريف من طريقة كلام صديقه و أحس أنه ربما جاء في وقت غير مناسب، و لكنه قال محاولاً أن يبدو عليه الهدوء: طيب أنا هقوم أجيب مايه أشربها قبل ما أمشي ليشعر بيد راميس على كتفه تمنعه من القيام و هو يقول: خليك إنت أنا هجيب لك المايه، و قام ليحضر له بعض الماءو لكن شريف قام ليقف بهدوء شديد و حاول أن يسترق النظر إلى المطبخ حيث أن نور الثلاجه يوضح ما في داخل المطبخ و رأي الفوضى في كل مكان حول الثلاجه و حين أحس بعودة راميس جلس مسرعاً و كأن شيئاً لم يكن و حاول تصنع الإبتسام رغم معرفته بأن الغرفة مظلمة و لكن الرؤية بدأت تتضح بعد أن إعتادت عيناه على الظلام، و أعطاه راميس كوب الماء و شرب شريف على مهل و شكره و قام ليرحل و لكنه سأله مرة أخرى قائلاً: إنت متأكد إنك هتكون بخير ليجيبه راميس وهو يحاول السيرطة على غضبه: قلت لك أنا هبقى كويس، و عند مرور شرير بجوار راميس نظر في عينيه ليجد بها بعض الوهج الخافت و حاول أن يبدو طبيعياً حتى لا يثير غضبه و خرج من المنزل بسرعه.
أنت تقرأ
المرآة الغامضة
Mystery / Thrillerذات ليلة يكتشف رامي إن مرآته ليست مرآة عاديه و أن ورائها أسرار عجيبه تقلب حياته بالكامل، فما هو السر الغامض وراء مرآة في بيت قديم منعزل يعيش فيه رامي وحيداً حيث تعصِف المفاجآت برامي وتنقلب حياته رأسًا على عقب، ليصبح ما بدأ كمحاولة لاكتشاف حقيقة المر...