الفصل الثامن

18 3 0
                                    

على الجانب الآخر من المرآة، أو بمعنى أدق على أرض الواقع كان راميس يعتبر منزل رامي هو منزله بل كان يعيش حياة رامي و كأنها حياته هو، و قد تخلص من جميع المرايا في المنزل حتى لايرى فيها رامي و لا يحاول الخروج من العالم الآخر، وقف راميس أمام ثلاجة رامي و هو يصدر أصوات غمغمه و كان من الواضح أنه يأكل بنهم و شراهه و كأنه لم يأكل من سنوات و لكنه كان يأكل كل شيء تقع عليه عينه محدثاً فوضى و ضوضاء في المطبخ، إلى أن سمع صوت جرس الباب و أدار رأسه في عصبية و غضب و ذهب نحو الباب في ضيق مغمغماً بكلام غير مفهوم ليرى من بالباب و عندما فتح الباب فإذا به شريف صديق رامي و يبدو عليه بعض القلق ليباغته بسؤال سريع: إنت فين يا بني كل ده؟ يومين مختفي و عمال أدور عليك و موبايلك مقفول، حاول راميس أن يستعير صوت رامي قائلاً: مفيش تعبان شوية الأيام دي، حاول شريف الدخول و لكن راميس كان يقف بجسمه كاملاً أمام الباب فسأله شريف: إنت مش عايزني أدخل ولا إيه؟ فإنتبه راميس و هو يحاول الحفاظ على نبرة صوت رامي: لا إزاي؟ إتفضل، و تحرك جانباً ليسمح بشريف بالدخول، و عندما دخل شريف المنزل وجده غارقاً في الظلام حيث أن راميس كان يعيش في عالم مظلم لسنوات طويلة و لم يعتد بعد على أي ضوء عالي، و سأله شريف: إيه يا بني الضلمه دي كلها مضلمها على نفسك ليه كده؟ و ذهب ليضيئ الأنوار ليندفع راميس نحوه و يمسك يده ببعض القوة ليمنعه من فعل ذلك قائلاً: إحم أنا حقيقي الأانوار بتتعب أعصابي و أنا تعبان خليني كده أنا مرتاح، نظر شريف ليده و هو مستغرب من تصرفاته و يدلك مكان قبضة يده قائلاً: تعبان إيه بس إنت كنت هتكسر إيدي و بعدين إنت شايف طريقك إزاي في الضلمة الكُحل دي؟ ليقول راميس بصوت منخفض جاف: معلش ما كانش قصدي و بعدين ده بيتي فطبيعي أكون حافظ طريقي.

جلس شريف على الكنبة و قال لراميس بقلق واضح: طيب ما بتروحش لدكتور ليه عشان تكشف؟ ليجيب راميس بنفس الصوت: ما بحبش الدكاترة و لا بثق فيهم، أنا هبقى كويس لوحدي دي مش أول مرة، فأجاب شريف و هو يحاول جاهداً التعود على هذا الظلام فهو لا يرى بوضوح بل لا يرى أبعد من يديه: طيب مفيش حتى دكتور مرتاح له نكلمه يجي هنا يشوف مالك؟، ليجيب راميس بصوت جاف و غاضب بعض الشيء: قلت لك لأ ما بحبش الدكاترة و هبقى كويس لوحدي، إنزعج شريف من طريقة كلام صديقه و أحس أنه ربما جاء في وقت غير مناسب، و لكنه قال محاولاً أن يبدو عليه الهدوء: طيب أنا هقوم أجيب مايه أشربها قبل ما أمشي ليشعر بيد راميس على كتفه تمنعه من القيام و هو يقول: خليك إنت أنا هجيب لك المايه، و قام ليحضر له بعض الماءو لكن شريف قام ليقف بهدوء شديد و حاول أن يسترق النظر إلى المطبخ حيث أن نور الثلاجه يوضح ما في داخل المطبخ و رأي الفوضى في كل مكان حول الثلاجه و حين أحس بعودة راميس جلس مسرعاً و كأن شيئاً لم يكن و حاول تصنع الإبتسام رغم معرفته بأن الغرفة مظلمة و لكن الرؤية بدأت تتضح بعد أن إعتادت عيناه على الظلام، و أعطاه راميس كوب الماء و شرب شريف على مهل و شكره و قام ليرحل و لكنه سأله مرة أخرى قائلاً: إنت متأكد إنك هتكون بخير ليجيبه راميس وهو يحاول السيرطة على غضبه: قلت لك أنا هبقى كويس، و عند مرور شرير بجوار راميس نظر في عينيه ليجد بها بعض الوهج الخافت و حاول أن يبدو طبيعياً حتى لا يثير غضبه و خرج من المنزل بسرعه.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 12, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

المرآة الغامضةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن