- لا أصدق أنك واصلت الكتابة رغم تعرضك لتلك السرقة.- سرقتهم لن تنفي حقيقة أن ذلك الكنز ملكي، على الأقل أنا اؤمن بهذا.
°•°•°•°•°•°•أشدّ الاشياء أسفًا أن تهدر أعوامًا أخرى من عمرك ثائرًا لما ضاع منها بالفعل، دفعت من حياتي ثمنًا اربع سنين أخرى في دراسة الإعلام كي أصبح الصحفي الذي يستضيف الآنسة كوريناي في نشرة أخبار الليلة بعد تعرضها لصراعات طائلة أردَت بسمعتها الفنية من قِبل مواقع نقد المشاهير بإدارة صديقي كريس وقيامه بعملٍ نافعٍ للمرة الأولى في حياته..
لم أبعد ناظريّ عن إطلالتها الفاتنة خلال الاستجواب الروتيني في بداية المقابلة، لكن لن توقفني معجزة عمّا أتيت لأجله فابتدأت خطتي باسئلةٍ لم يكن متفقًا عليها
- ما ردكِ على الإتهامات الموجهة لكِ إن كانت تسقيطًا أو حججًا واهية لا تخدش تقدمك في المجال الأدبي؟
أجابت بصوتها الذي استمتع بسماعه كلحنٍ موسيقي مُبهِج في أيام بائسة
-أي فنانٍ يخشى النقد ليس جديرًا أن يكون في هذا المجال حتى، فكلما تقدمتَ ستواجه المزيد من العقبات وإيمانك بنفسك هو النصل الذي سيقطع شكّهم.
سأجعل من نصلكِ أداة لانتحارك فور انتهاء مقابلتنا ايتها النجمة الهابطة.
- إذن ليفسر لنا إيمانك هذا سبب تغيبك عن المسابقات الأدبية تكون فيها المنافسة مباشرة أمام العلن، كاتبة بموهبتك لن يصعب عليها تقديم سطرٍ يقمع أفواه المُتهكمين.
-هذا ما يجعل بقية الكتّاب متخلفين عني بأعوامٍ من الخبرة يا عزيزي، لو أنفقوا وقتهم في تطوير أساليبهم البالية بدلًا من محاولة إثبات مواهبهم في مسابقات مضيعة للوقت لنافسني أحدهم ربما.
لن أبقَ عزيزكِ حتى نهاية هذا البرنامج، ستكتبين روايتك القادمة بدمائي حبرًا لقلمك المزيف.. واصلي غروركِ المثير هذا.
- عذرًا آنستي الموهوبة لكن لا يمتلك الجميع أموالك لترويج أعمالهم وهذه إحدى دوافعهم للمشاركة في مثل هذه المسابقات على سبيل المثال..
التقطت الجهاز اللوحي متحكمًا بمحتوى شاشة العرض الخلفية التي جذبت انتباههم ناحيتها مواصلًا تقريري المصغر
- هذه إحدى صفحات رواية "لحنٌ سماوي" كُتبت في عام ٢٠٠٤ بقلم جوناثان رودي، شخصيات الرواية كارل، مايكل وجين الطبيبة البيطرية المتطوعة لمعالجة الحيوانات المشردة، ونتيجة لرفضها من قِبل دور النشر العالمية والمحلية لم تتجاوز شهرتها خمسة امتار عن بيت الكاتب رودي، تم التلاعب باسماء الشخصيات و وظيفة جين لتصبح طبيبة بشرية منقذة للمتسولين وكذلك اسلوب الكتابة حتى باتت تبدو كرواية أخرى تمامًا.. لكن لو تتبعنا أحداث الرواية وأدوار الشخصيات لتمكنا ببساطة من اكتشاف انها ذات رواية "بقايا الغَيم" التي نُشِرَت بقلم كوريناي عام ٢٠١٩.
لم تستطع الإعتراض على زمان كتابة الروايتين فالتقنية تطورت بما يكفي لاكتشاف الفارق الزمني بين الكتب المطبوعة، فكان ردها كما كنت انتظره : الأفكار البشرية لا تخلو من التشابهات، ليس غريبًا أن نجد الكثير منها في الروايات خاصة كما حدث مع روايتيّ "محطّم" و "فيلوفوبيا" ، حتى النهايات كانت متطابقة.
ابتسمت بثقةٍ مجيبًا: قد تنطلي هذه الخدعة على الهواة لكن الأدباء لا يخطئ حدسهم في التمييز بين المصادف والمقصود.. قد تتشابه الاحداث لكن مجراها يكون مختلفًا على الأقل، والأغرب هو استخدام ذات الأسطر الأدبية المتخفية بين الصفحات.. تفاصيلٌ لن تمر بسلام على ذوي الذاكرة الحادة.
عادتي السيئة الثالثة، ربما هي مرض وليست عادة.. الهايبرثيميسيا، متلازمة فرط الذاكرة المصاب بها إحدى وستون شخصًا فقط في العالم.. في الواقع انا الرقم الثاني والستون الذي لم يُكتشف بعد لقدرتي على إخفاء كمٍ هائل من التفاصيل التي تنصب في ذاكرتي اللعينة دون قدرتي على نسيانها وأظنها إحدى أسباب أرقي المزمن.
أجابت بعد لحظاتٍ من الصمت بحثًا عن منفذ: في الواقع كنت مبتدئة ولا أعلم كيف احصل على الاستفادة من خبرات الآخرين، لذا كنت أنسخ بعض الأمور في ذاكرتي دون شعوري بذلك.
هل أهانت نفسها للتو؟ نطقتُ باستغراب: مبتدئة؟ في عام ٢٠١٩ ؟ بعد أربعة أعوامٍ من الشهرة!!
- أعني أني كتبتها مسبقًا ولم تسنح لي الفرصة لنشرها.
رمقتني بنظرة أشبه بصفعة فابتسمتُ والتفت ناحية جمهوري الذي يشاهد المقابلة خلف آلاف الشاشات مختتمًا حلقة المقابلة بترك الحكم على تبريراتها للمشاهدين في حسابات التواصل الاجتماعية لبرنامجنا ، مودعًا إياهم في نهاية حديثي ثم غادرت الاستيديو فور انتهاء التصوير دون منحها فرصة النظر في وجهي للمرة الأخيرة حتى.
أنت تقرأ
نجمَتي كَو
Romanceتتسلل إلى مخيلتي كل ليلة، تغفو على حوافِ أناملي تلهمني أوتار كلماتٍ يترنم بها ورَقي مُلهِمتي.. "نجمتي كو"