عادتي السيئة الرابعة

23 5 9
                                    

- باتت تعابير كتابتك مجعدة كوجه رجل عجوز ..

- هذا بديهي حين أكتب في عتمة غيابك.
°•°•°•°•°•°•°•

لم أشعر بحاجة لجرعة منوّم لأنني رفضت فكرة النوم بإرادتي هذه الليلة، الساعة الحادية عشر حيث وقت إخلاء الشوارع النمطي من زخم البشر الرتيب و بدء حياة شبابية أكثر إثارة ..
وقتٌ مناسب لارتداء هوديٍّ شتائي يغطي شعري المبعثر، برفقة أفضل قائمة موسيقية عبر سماعات الأذن.. سرت بلا وجهة حتى وجدت نفسي أمام متجر الكتب الذي غافلتني قدميّ إليه، راودتني افكاري لإلقاء نظرة عما في داخلها واثناء جولتي الصغيرة وقفت أمام روايتي المسروقة بشجاعة هذه المرة دون أن أشيح بنظري خائبًا، لكن شيئًا آخر أوقفني هذه المرة؛ وضع أحدهم يده على كتفي مُبلسِمًا ألمي بكلماته : لا أنصحك بشراء هذه الرواية فقد تم فضح كاتبتها بالسرقة مؤخرًا.. والكاتب لا يسرق، أليس كذلك؟

"لا تبتسم، لا تبتسم!"
خاطبت نفسي محاولًا كبح سعادتي بنجاح تأثيري على القارئين، التقطت الكتاب والتفتُ ناحيته

- لا ضيرَ إن قرأها كاتبها الأصلي فلن يتم خداعه بهذا الغلاف.

أنهيتُ كلامي بشقّ ما أشرت إليه وسرت لأغادر فاستوقفني صوت الذي خلفي

-أنت.. من تكون؟!

أبعدتُ غطاء الهودي عن رأسي ونظرت إليه

- هارولد ريتشارد، تذكر اسم هذا الكاتب جيدًا.

ما إن غادرت المتجر حتى وقفت أمامي سيارة Jeep مظللة يقف أمامها رجلين متأنقين بملابس رسمية طالبني أحدهما بمرافقته الى بيت كوريناي، في الواقع كنت بانتظار هذه الدعوة التي توقعت مجيئها فوافقت مباشرة وما كانت الا دقائق حتى أصبحت في حضرة نجمتي المنطفئة كو، إلتهمَت جرأتي بملامحها الغاضبة حتى هربت بنظري عنها مبرمًا قيطان ياقتي حول إصبعي وشفتاي تستغيث من قواطعي التي قضمتها بها هلعًا، ولم تنفك يدي الأخرى عن ازاحة نظارتي تقربًا لعينيّ حتى نطقَت هي: هل ضرب أحدكم هذا المجنون على رأسه؟

عادتي السيئة الرابعة، تتقطع أسلاك عقلي أثناء توتري الشديد في مواقف معينة، فماكان جوابي إلا تأكيدًا لسؤالها ولم أفعل شيئًا سوى الانفجار ضاحكًا كالأبله.. أقسم أني أحاول الإتزان لكن شيئًا أصاب عقلي ولم يبرحه حتى قام أحد حراسها بلكمي معيدًا إلي رشدي، ثم جلستُ بثباتٍ على الأريكة المقابلة لها عائدًا أدراجي حيث شخصيتي الصحفية المستقرة ما أعطى كوريناي الإشارة الخضراء لبدء استجوابها أخيرًا..

- كم تريد؟

تمنيتُ لو أن علامات الاستفهام التي على رأسي تُرى بعد سماعي سؤالها الغريب، فوضحّت هي فورًا: كم تريد من المال لتتوقف عن محاولة التشهير بي؟

- من قال أن هدفي هو المال؟

- ما غايتك إذن؟ كم دفعوا لك لتحاول تدميري بهذا اليأس؟

- انا الذي دفعت، صحتي وحالتي النفسية وطموحي وسنوات عمري ثمنًا لشهرتك اللاقانونية.

- لا أعرفك حتى فكيف لي أن أفعل بك ذلك؟! يمكنك النجاح في مجالك بأي طريقة سوى أن تشتهر بلقب الإعلامي الذي يهابه المشاهير لتحطيمه كبارهم.

- وهل تركتِ لي فرصة النجاح فيما أحببته؟ تذكري وجهي جيدًا كوريناي! لولاي لما وصلتِ إلى ما أنتِ عليه الآن.

نظرَتْ ناحية الحرس طالبة منهم الخروج لتنفرد برفقتي لا غير، ثم أكملَت الحوار

- أتعرف نظام عملي السري؟

- سرقة روايات المبتدئين وتنجحين بها، ببساطة.

- أنا لم أسرق احدًا من قبل، هم الذين يبيعون موهبتهم لي من أجل المال وما أحصل عليه أنا هو الشهرة وأضعاف المال الذي دفعته لهم.. لولاي لتعفنت رواياتهم في منازلهم لكنهم وافقوا على نشرها باسمي بدلًا من ذلك، أين الخطأ الذي ارتكبته أنا؟

قهقهتُ كطفلٍ مدللٍ يستمع لقصةٍ ساخرة

- يمكنكِ خداع أي أحد بهذا الكلام يا كو إلا أنا.. لم يتم إخباري عن أيٍّ مما قلتِه، نمتُ وصحوتُ على نشر روايتي بإسمك دون معرفتي بذلك.

-عن أي رواية تتحدث بحق الجحيم؟!

- السابعة مساءً في التاسع من أكتوبر عام ٢٠١٦، كنتِ ترتدين فستانًا صوفيًا باللون الأخضر الملَكي وتمسكين بيدي اثناء انتظارنا صدور روايتي الأولى "شتاء في الجحيم" من دار النشر "أورنادو".

تعالى صوتها اثناء وقوفها بغضب

- لا تمزح معي، لقد دفعتُ لك 10,000$ وهذا ما لم أفعله مع أحد من..

قاطعتها مجيبًا بنبرة أعلى واستقمت مقابلها

- لم تدفعي شيئًا ولن أقبل ببيع موهبتي حتى وإن دفعتِ لي كامل ثروتك وروحكِ ثمنًا.

تساءَلتْ عما حدث وكانت فرصتي لسرد الوقائع التي مررت بها مفصلًا منذ اعتقادي بمساعدتها للكتّاب الناشئين حتى لحظة حديثنا، فما كان منها الا استدعاء مدير أعمالها وأخيها السيد "براين بافيل" للتحقق من صحة ما رويته مطالبةً إياه بالأدلة وتوبيخه بعد رفضه أوامرها، لم يكن أمامه سوى الإعتراف مذعنًا

- أظننتِ أن شخصًا مثله قد يبيعك روايته العظيمة تلك؟ بالنظر للتقدم الذي أحرزتِه بفضلها ماكنتِ لتتنازلي عنها آنذاك لذا اختصرت عليكِ الأمر ولم أترك خلفي دليلًا سوى عدم انهائي حياة هذا المختل.

أنهى حديثه بالكشف عن مسدسه الذي كان يخفيه تحت سترته وتصويبه على رأسي لتقابله عينيّ اللامبالية، و رد كوريناي : أُعجبت بهذا الذي دعوته مختلًا.

نجمَتي كَو حيث تعيش القصص. اكتشف الآن