اليوم قرأت عن خبر وفاة ممثلة احببتها كثيرا...
لم اشعر بالحزن تحديدا..
لكن شعرت بشيئ ما من الأسى..
حتى ان صدى ذاك الخبر كان يتردد في اذني بستمرار كأسطوانه مشروخه..و اردت ان اتخيل عالم من دونها لكن وجهها كان يملئ التلفاز و الاخبار و كل زاوية في الانترنت..
كأن خبر موتها لا فرار منه..
كأنه اغنيه احدث صيحه..
كأن وجودها ذات يوم لن يفنى ابدا كما فَنت هي..و اردت ان اتخيل موت الشخص الوحيد الذي احببته يوما..
و يا ألهي كان هذا حابسًا للأنفاس..!
حتى انني لن احاول وصفه ابدا...
في الحقيقه كانت اسرع مره ابكي بها في العالم...
شعرت بزوايا عقلي تنكمش على بعضها وتنبض ولم اقوى سوى على البكاء...لم اكره الموت يوما وعلاقتي به دوما كانت وطيده و مفعمه بالود..
و كلما فهمته و تفحصت مكنوناته كلما صرت اكثر سعادة..
حتى انني لا امانع ان اموت الآن في قلب هذه اللحظه..لكن موت اخرين..؟
إن ذلك مرعب..!فهؤلاء الناس قد عشنا معهم ولو لثوانٍ..
لمسناهم..
ضحكنا معهم..
بل كان يشغلون حيزًا من المكان..
وكانو يتحدثون و يفكرون و يبكون..
و يبكون كثيرا..
كثيراً..!
و الأهم كانو يشعرون بأشياء لن نعرف شيئا عنها ابدا..كانو موجودين للحظه وفي طرف لحظه أخرى..
لن ننعم بحضورهم مجددا...
لن نمسك بهم..
و سيكون من العته ان نرسمهم في طيف مستقبلنا..
وسيكون من الجنون ان نفكر بأنهم يفكرون بنا في مكان ما..لكننا سنظل نتوسل جنونًا ما..
كيف يموت كيان كان موجودا لهذا الحد...
ولا يعود ابدا؟!
.
.اليس من المفزع التفكير في شيئا كهذا؟
.
.كيف ان الأمس لن يتكرر مجددًا..
وكيف ان تلك الفكره مؤلمه بقدر حقيقة أن الأمس فعلا ًيتكرر كل يوم..!
الأشياء التي تستفز الذاكره تظل موجودة كما هي لا تشيخ..
و يعيد المشهد نفسه مرارا وتكرارا ونعلق هناك..
و تذوب الالوان في كل مره و تزيدنا كآبه..عندما اغمض عيني..
اتخيل الموت يبتلعنا جميعا..اوليس هذا حلماً جميلاً..؟
فأن النصيب الاكبر من العذاب لصالح من سيبقى..
لا،ليس في الدنيا..
اعني على حافه الدنيا..
بين موت وحياة..
يترنح في المنتصف جاهلًا الى اين هو ماضٍ والى اين كان ينتمي..
يتمسك بكل الاشياء التي احب وقد سرقها الموت منه..
وألم الحداد والفقدان لا مفر منه..فكل نفساً ذائقة الموت..
و موتنا حين يموت من نحب..
اشد مرارة من الموت نفسه..
بل هو الموت الحقيقي...لا اهتم ان كان بعد الموت حياة اخرى او محض سواد بحت ولا اهتم بجنة او نار او اية خزعبلات..
ما يذهلني و يؤلمني بحق...كيف تموت الاشياء...
.
.و رغم انها لم تعد موجودة..
.
.صارت موجودة اكثر مما ينبغي..!
موجودة اكثر من ما كانت حية يوما..
كأن الموت يحيها..!
فتغدو ثقيله و كثيفه و حقيقية كما الجبال والسماء و الهواء..
و كذاكرة ضبابيه تضربنا في كل ليله..
فنحاول امسكها..
لكننا لن نظفر بها قط..أن الموت بعد ان يأخذ منا من نحب يهدينا فراغً صغيرا..
نحمله على اكتافنا من مكان لآخر،على خيوط السرمد و دوماً حتى اننا سنكف عن ادراكه و ملاحظته من فرط وجوده الدائم..
فيظل موجودا وحقيقيا اكثر من الواقع..
اكثر من من نحب..
اكثر من الموت...
و كل الاشياء...