3|دَرَجُ التَّوبة

511 63 146
                                    

أحببت الفصلُ أنا شخصيًا وخاصةً نهايتهُ

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

أحببت الفصلُ أنا شخصيًا وخاصةً نهايتهُ.

....

أُخِذَ إلَى غُرفةِ العِنايةِ المُركّزةِ، وَدُهنت أقطابُ جِهازِ إزَالة الرّجفان الآلي بالدِّهان المُوصِّل للكَهرباء، قامَ الطّبيبُ بتشخيصِ موجةِ دقّات قلبِه، وَالّتِي غدَت في اختلالٍ علَى الشَّاشة، وبناءً على هذَا التّشخيص تَوضَّحَ أنّه من الضَّرُوري أنْ يتلقَّى قلبُ ضياءٍ صعقةً كَهربَائيّة.

وُضعَ القُطبانِ علَى ذلكَ الجسدِ المُختنقِ منْ غمامِ الهُمومِ، وضُغطَا عليه بقوّةٍ، شُحنت تلكَ الأقطابُ ثمّ أشارَ الطّبيبُ للجميعِ بالاِبتعادِ عَن هذَا الجَسدِ الضّعيفِ؛ كَي تسرِي الكهرباءُ فيه وتؤدِّي غرضهَا.

يعملُ هذا الجهازُ على توجيهِ تيّارٍ كهربائِي أعلى من التّيار المُتولد فِي القلب، بحيث يعمل التيّار على إيقاف جميع الشّارات الكَهربائية العشوائية في القلب، لِيعود بعدهَا كهربائيًا إلَى نقطةِ الصّفر، وتبدأ دقّاته بالاِنبثاق عن النّاظمة البِدَائية في أحسنِ الأحوال.

فِي تلكَ الأثناء كانَ شعورٌ خانقٌ يجتاحُ وليد وَالّذي لم يألفهُ من قَبل وكأنّهُ بدأ بِالاِستيقاظ علَى حقيقةِ ذاتهِ وبشاعةِ ما اقترفتهُ، رفعَ بصرهُ إلى والدتهِ وَالّتِي كانت تُزيلُ بقع الدّماء القانية من الأرضيةِ بِمَناديل وَرقية، أمعنَ النّظر في وجههَا فرأَى كمْ سلبَ النّكدُ من مَلامحهَا الجَميلة، أذعنت ملامحهُ لحالهَا، أحسّ وكأنّه يَرى تِلكمَا العينينِ تذرفانِ للمرّة الأُولى، وَأخذَ يتسائلُ فِي نفسهِ:
«ما الاِختلافُ اليَوم؟ لِمَ رُؤيةُ ملَامحهَا التّعيسة تُوهِنُ قلبِي، رغم أنّ كلماتِي مُعادةٌ علَى مسامعهمَا؟ لِمَ يُراودنِي ثِقَلُهَا الآن؟»

ولِجَ في التّفكير ولكنّه خرجَ من عمقهِ لحظَةَ لمحَ تلكَ القَطرة الصّغيرة الّتي عبرت خدَّ والدتهِ وانتهَى بها المطاف لِتَهوِي علَى قطعة المَنادِيل المُنتقعةِ بالدّم.

شعرَ بالألمِ رغمَ أنّه غيرُ مدركٍ لِسببهِ، تلكَ القطرة أفاقت جُيوشَ العتابِ من مَرقدهَا لِتخاطبهُ دُون أيِّ لينٍ، بأيِّ حقٍ يسحقُ قلبَ الّتِي كَانت لهُ كقطعةِ رَهُدٍ مِن الحَياة؟ أنّى لهُ الأذيةُ لمن أغدقتهُ حُبًّا منذ أن رفعَ جَفنيهِ على الدُّنيا؟

النّبضة الأَخِيرَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن