7|هِبةٌ في غِشاوة ألم

260 23 111
                                    


"فِي سُنن أبِي دَاود عن ابن مسعُود أنّه قال:
«كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فِي سفَر، فانطلق لحاجتهِ، فرأينا حمّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمّرة فجعلت تفرش، فجاء النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «من فجع هذه بولدها؟ ردُّوا ولدها إليهَا»».
فانظر كيفَ كان هذا الطّير يفرش جناحيه ويدنُو إلى الأرض مفجوعًا بفراخه، فكيف إذًا تكون مشاعر الآدميين تجاه أطفالهم؟!"
...

«تبدينَ كئيبةً للغاية؟ إنّهَا بِضعةُ أيّام فقط وسأعود إلَيكم بإذن الله»

سؤالٌ راودَ المُودّع أمام الباب فأخرجهُ لها، كانّ ظنُّه في وادٍ وسبب ليلِ ملامحها في وادٍ آخر، ورغمَ ذلكَ فضّلت مجاملتهُ ومداراةِ ذلك الظّن.
«ستغيبُ مدّةً أطول... ، لكن لاَ تقلق عليّ وعلى الأطفال وامضي في رحلتكَ، وَلا تنسَ أن تتصل بي بين الحين والآخر، واقرأ دُعاء السّفر»

اِبتسمَ لهَا وختمَ حديثهما:
«بإذن اللهِ، ألقاكِ على خيرٍ»

قبل أنْ يَنمَحِي جسدهُ خلفَ البابِ، اندفعتْ إليه طفلةٌ ممتلئة الخدّين، سوداءُ الشّعر، متعثّرة المشية، تحملُ بعض آثار النّوم، فانحنى إلَى رُكبهِ ليحملهَا.

«رافقتك السّلامة، وَالدِي»

«سُلوان عَزِيزتي جيّد أنّكِ استيقظتِ في الوقت المُناسب»

«إنّني أواجه مشاكل في ضبطِ مواعيد نَوم كتلة النشاط هذهِ، إنّ منظركما لطيف وهِي متمسكةٌ بكَ بشعرهَا المَنكُوشْ»

شدَّ عبدُ الحَمِيد على ابنتهِ جاذبًا إيّاه نحو الباب ومبتعدًا بها عن والدتها سِيرِين، قائلاً بمزاحٍ:
«ما رأيكِ أن أصطحبكِ معِي في رِحلتي ونتركُ أمّك مع أخويكِ هُنا»

صدمتهُ سلوان مُعترضةً بمدّ ذراعها اللَّطيفة اتجّاه والدتها، محاولة الفرار من بين ذراعيهِ، فاتسعت حدقتاهُ لردّ الفعل غير المتوقع، أمّا الوالدة العزيزةُ فَانحنت ضاحكةً بلطفٍ.

«حربكَ خَاسرةٌ يَا حمِيد»

انسلت سلوان من والدهَا في لحظة ارتخائهِ، وأعطت والدتها ظهرهَا وشرعت تُبين عن جوابهَا:
«أُريدُ أنْ أبقَى معَ الجميع»

تعجّب الوَالِدانِ الكريمَانِ، وَبَادرَ الوَالدُ بالسُّؤَال موسّدًا لحيتهُ:
«ولكن يا عزيزتِي كيفَ يكونُ خياركِ البقَاءَ مع الجمِيع في حين أنّكِ قفزتِ إلى جانب والدتك وأخويكِ؟»

«أنَت من تَركتنا يا ولدِي، وأنا لاَ أريدُ مُغادرة البَيت»

ضحك الزوجَانِ معًا، بعثرت سِيرين شعر ابنتهَا وزادت في فوضَاهُ:
«محظوظ من سيكون زوجًا لابنتِي! تبدو كربة منزلٍ مسؤولة ومحبّةً»

النّبضة الأَخِيرَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن