كانت فتون طول الوقت تمسك يد مليكة وتحاول التخفيف عنها وتهدئتها إلى أن شعرت أنها هدأت قليلا امسكت بها واخذتها إلى الاريكة حيث جلسا الاثنان ، كانت تود أن تسألها ما القصة لكنها لم تتجرأ فقدمت لها كوب ماء وما إن شربت قطرة منه اعادت الكأس إلى الطاولة وامسكت كلتا يدي فتون وقالت بتوسل :" هل انت واثقة يا فتون انك رأيت هذا الشاب الذي في الصورة" ردت فتون :" نعم انا واثقة وقد تحدثنا إليه واخبرنا أن اسمه ضياء" ولما لاحظت علامات الذهول والشتات على وجه مليكة قالت بدون تردد :" مليكة ماذا يجري ؟ انا واثقة أن هناك خطأ ما ارجو أن تخبريني بالقصة اذا لم يكن هناك مانع " نظرت إليها مليكة وقالت باستسلام :" بما انك اصبحت تشاركنني في منزلي فقد اصبحت انت وعائلتك جزءا من اهلي، لهذا سأخبرك بكل شيئ، ضياء هو أول من منحني شعور الامومة، عندما رزقني الله اياه كدت أطير فرحا، وبعده جاء كريم وقد كان يحمل من رائحته شيئا، وبعد سنوات أقبل أمين، كانوا هؤلاء هم كنزي وفخري في هذه الحياة وقد كنا نعيش في سعادة وهناء ولم تكن هناك مشاكل كبرى غير تلك المناوشات التي تحدث في كل عائلة، أنت تفهمين قصدي؟" اومأت فتون ايجابا ، لقد كانت مندمجة مع القصة بكل جوارحها، فأكملت مليكة قصتها قائلة :" قبل سنتين وبدون سابق انذار إختفى ضياء، حل الصباح ولم اجده في سريره وبدون اي سبب !" اتسعت عينا فتون ذهولا وقالت :" ارجوك اشرحي اكثر لم افهم ؟"
-" نام ضياء بشكل طبيعي في غرفته وفي الصباح لم نجد له اثرا كل ما وجدنا في سريره هذه..." ونهضت بهدوء واتجهت إلى خزانة الغرفة فتحتها واخرجت ورقة مطوية بعناية كانت مخبأة في احد زوايا الخزانة، ثم عادت الى مكانها وقدمتها إلى فتون، عندها فتحتها بتلهف وقرأت ما فيها وكان كالاتي :
امي، اعتذر انني اختفيت فجأة ، لكن انت اكثر شخص تعرفين كم أحب السفر وان امنيتي هي أن اسافر الى بلدان اخرى واكتشف العالم، اذا هاد قد حان الوقت لأكتشف زوايا هذا العالم الواسع، كما انني سأكتشف اشياء اخرى تحدث في ثناياه، قد تكون بعيدة وقد تكون في اقرب مكان لنا... ارجوك يا أمي لا تغضبي لانني حين اعود سأحمل معي حقائق صادمة، حينها فقط ستدركين أن قراري صائب، اعتني بنفسك واعتني بكريم وامين جيدا، وسأرسل لك دائما لكن لا تحاولي تعقب مكاني لانك لن تعثري عليه... تذكريني دائما واغمريني بدعواتك... ابنك المخلص ضياء..
قرأت فتون الرسالة اكثر من مرة ثم نظرت إلى مليكة وقالت بذهول كبير :" هذه أغرب رسالة قرأتها في حياتي...كيف لشخص أن يترك عائلته ويختفي ثم يجعل السفر حجة لغيابه ؟ إضافة إلى ذلك ماذا يقصد بقوله حقائق صادمة؟!!...انا واثقة أن هناك أمر ما في هذه القصة" قالت مليكة دون أن ترفع رأسها :" انا كذلك اشعر بغرابة كبيرة في هذه الرسالة لكنني لم اجد تفسيرا لها" هنا قالت فتون :" هل وصلتك رسائل اخرى من ضياء بعد هذه الرسالة ؟" اجابت مليكة :" كثيرا" وارتها بعض من هذه الرسائل، لقد كانت مكتوبة بنفس الخط ونفس الأسلوب لكن المريب في الامر أن كل الرسائل كانت من عنواين مزيفة وبعضها لم يكن يحمل أي عنوان ، بقيت مليكة وفتون تتناقشان وتحاولان حل هذه القصة الغامضة وبعد أن لاحظت فتون أن الوقت قد تأخر اعتذرت من جارتها ووعدتها أنها ستعود في الغد وتساعدها اكثر في هذه القضية.
ما إن دخلت فتون الى المنزل حتى جاء الاولاد يركضون من غرفهم وما إن لمحوا وجه امهم قالوا بصوت واحد :" ماما هل حدث شئ؟" ثم بدأ كل واحد يسأل وامطروا عليها وابل من الاسئلة " ماما لماذا تأخرتي ؟" "لماذا وجهك شاحب" "هل حدث امر سيئ؟" انهت الأم اسئلتهم قائلة :" تعالوا نجلس يا اولاد لدي ما اخبركم به، ولما انتهت من سرد قصة ضياء كان الجميع في حالة ذهول حتى تكلمت سلسبيل قائلة :" هذا ما يفسر الجملة التي قالها ضياء عندما كنا معا" هنا ضرب اسحاق يديه ببعضهما وقفزت يمنى من مكانها مصعوقة وقالا بصوت واحد :" هذا صحيـــح !!!" نظرت اليهم الأم مستغربة وقالت :" اي جملة هذه" فأخبروها بدورهم عن جملة ضياء التي قالها عندما اخبرهم أنه يتمنى أن يلتقي بهم مجددا يوما ما، هنا هدأ الجميع وبقيت الام شاردة ثم قالت :" انا واثقة أن هناك شئ ما يحدث في هذا المنزل ... شئ ربما كبير وغامض نوعا ما" ردت يمنى :" ليس في المنزل فقط ....بل مع هذه العائلة وحتى في كل الحي....."

أنت تقرأ
قدر إلى نوريميا
Adventureأحيانا يجعلنا القدر نسير في طرقات لم نتوقع يوما أن نسيرها... وهذا ماحدث مع يمنى وعائلتها التي جعلهم القدر يغيرون مكان سكنهم لمدينة هادئة وجذابة وإلى حي ومنزل يبدو للوهلة الاولى أنه أجمل مكان قد تصادفه لكن مهلا، ليس على المرء أن يحكم على الكتاب من عن...