امر مريب....

10 3 6
                                    

طرق إسحاق الباب طرقات متتالية، ففتح الباب وظهر منه شاب طويل القامة له عينان خضروتان وشعر بني، نظر إلى العائلة بابتسامة لطيفة وقال :" يبدو أنكم العائلة التي ستجاورنا في الطابق الآخر" فرد الأب بوقار :" نعم يابني لقد أصبت" اتسعت ابتسامة الشاب وقال مرحبا :" أهلا بكم انا ضياء  سعيد جدا بقدومكم، تفضلوا أمي ليست بالمنزل لكنها ستعود قريبا  "
نظر إسحاق إلى يمنى وسلسبيل وهمس قائلا :" يبدو أنني قد عثرت على صديقي ، يتوجب عليكما العثور على صديقة لكما الان  " فدفعته سلسبيل وهو يضحك  ودخلت العائلة إلى البيت الكبير.
بقيت العائلة تتجول في المنزل رفقة ضياء وكان هو بدوره يقودهم إلى الغرف ويعرفهم بهيكلة المنزل الذي كان صغيرا بعض الشئ لكنه أنيق ومرتب . بعد أن انتهت جولتهم في المنزل قال ضياء :" انا آسف علي الذهاب الان فأنا مستعجل بعض الشئ، كان بودي لو أنني جلست معكم اكثر لكن لدي بعض الأعمال لأقوم بها، اتمنى أن نلتقي مجددا" وغادر مسرعا ، اثارت آخر جملة قالها ضياء انتباه كل من يمنى، سلسبيل واسحاق فألقى الجميع نظرة خاطفة على وجوه بعضهم البعض ولما وجهوا انظارهم إلى الأم والاب رأوا انهم منهمكين في اكتشاف المنزل ولم ينتبهوا لجملة ضياء، فاقتربت يمنى من سلسبيل وهمست في حيرة :" لماذا قال اتمنى أن نلتقي مجددا المفروض اننا سنلتقي كل يوم أ لسنا نتشارك نفس المنزل ؟!" ردت سلسبيل :" هذا ما كنت افكر فيه لقد كانت فعلا جملة غريبة" اما اسحاق فقد كان يضع كلتا يديه في جيبه وينظر بشرود من النافذة والنسيم يداعب شعره إلى ضياء الذي كان يبتعد عن المنزل حتى إختفى نهائيا.
بعد مدة وجيزة فتح باب المنزل ودخلت منه سيدة ترتدي فستانا حريري أزرق اللون يليق بسيدات في مثل عمرها ، كانت تحمل بعض الأكياس وما إن رفعت رأسها حتى رأت العائلة تقف في مدخل المنزل فصرخت بفرح:" يبدو انكم العائلة المستأجرة، اهلا بكم انا آسفة لانني تركتكم تنتظرون مدة طويلة" عندها  تقدمت لها الأم مبتسمة وقالت :" مرحبا أنا فتون الأم المستأجرة سعيدة جدا بلقائك " ومدت لها يدها فعانقتها السيدة بقوة وقالت بفرحة :" انا مليكة سيدة المنزل، سعيدة جدا برؤيتك" ثم نظرت خلف فتون وقالت :" لديك عائلة جميلة" فأشارت الأم إلى الابناء بأن يتقدموا لالقاء التحية على السيدة مليكة وهكذا فقد تعرفت العائلتين على بعضهما ودعتهم السيدة مليكة لشرب القهوة معا في منزلها فأمضوا وقتا عائليا رائع. بعد مدة شعر الابناء بالتعب الشديد فاعتذروا من امهم والسيدة مليكة وعادوا لمنزلهم رفقة والدهم الذي خرج لشراء حاجيات المنزل الجديد اما الاولاد فقد ذهبوا لغرفهم لاخذ قسط من الراحة فيما بقيت الأم فتون ومليكة يتبادلون اطراف الحديث عندها لاحظت الأم صورة لضياء في خزانة الغرفة فقالت بلطف :" ذلك الذي في الصورة ابنك ضياء إن لم اخطئ، إنه شاب وسيم ولطيف" ارتبكت مليكة وشحب فجأة لون وجهها وقالت بتلعثم :" نع...نعم انه ابني لكن.... لكن كيف تعرفيه وكيف تعرفي اسمه؟؟؟" ردت فتون بابتسامة :" لقد كان في المنزل عند وصولنا فاستقبلنا وتجول معنا في المنزل..." لم تكمل فتون حديثها فقد وقع فنجان القهوة من يد مليكة وتغيرت ملامح وجهها تماما حتى يخيل للناظر أنها تكاد تختفي من وجهها لتتركه مجرد مساحة بيضاء ووقفت تركض وتتمايل فقد كانت الدنيا تدور حولها واسرعت إلى الصورة التي في الخزانة وخلفها فتون وهي تنادي بقلق :" سيدة مليكة... ماذا حدث ارجوك اخبريني هل أنت بخير" لكن مليكة لم تكن في وعييها ولم تكن تسمع او ترى اي شئ إلى أن وصلت إلى الصورة وحملتها وهي ترتعد ثم نظرت إلى فتون وقالت بذعر :" ارجو... ارجووك ركزي في الصورة ...اكثر ...هل هذا الشاب... الذي استقبلكم...انا واثقة انك مخطئة...قد يكون كريم اخوه الاصغر..." كانت كلماتها متقطعة وكانت تبكي وتتحدث فلم يكن كلامها مفهوم بعض الشئ، قالت فتون :" انا واثقة ان الشاب الذي في الصورة هو الذي كان هنا قبل قليل... واثقة تمام الثقة" هنا انهارت مليكة وعانقت فتون وهي تبكي بحرقة وتصرخ قائلة :" انك مخطئة يا فتون انا واثقة أنه ليس ضياء.." لم تستوعب فتون شئ إلى أن لاحظت أن مليكة تضمها بقوة وبكائها يزداد شيئا فشيئ فعانقتها فتون وجلسا الاثنان على الارض، لم تترك مليكة فتون لفترة طويلة كما انها لم تتوقف عن قول جملة :" انك مخطئة يا فتون انا واثقة".....

قدر إلى نوريميا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن