الليلة الثانية.

574 34 17
                                    

اشعر ببرد قارس،قادر على إطفاء قرية بأكملها لألف عام،بردٌ متأصلٌ يأتي من الداخل،ينبع فيّ،بلا نهاية.
لا ادري لماذا أجري في سبيل الشيء،حتى أصل،ثم بلحظة واحدة،اشعر ان تعب الوصول كله،افقدني لذة الوصول بذاته،بشكل مقرف ومتكلف اتقبل كوني وصلت،على مضض اكمل طريق النهاية،كاني مُجبره.
لطالما شعرت أني أمقت نفسي،بكل تفاصيلها،واعلم اني سأفعل مهمًا مضت الايام ومهما حاولت ان اتغير،انا التي اعجز عن فعل شيء واحد،وهو التغيير.

في مكان آخر:
-كيف تمضي أيامك؟
-لابأس..
-أنتِ لا تتحدثين كثيرًا معي،ولا تخبرينني بماذا تشعرين،وبهذه الطريقة انا سأواجه المزيد من الصعوبات في محاولة أن اساعدكِ..

نظرت لها بعدما تحدثت،صرفت نظري إلى النافذة على عجل،صمتَت قليلًا ثم اكملتَ قائلة:
-على أي حال..لابد من تفاقم الأحداث مع الأيام..لكن دعيني اسألك،كيف حال الذي كُنتِ تتحدثين عنه،الشخص المدعو،خوف؟

لقد أرعبني ذكره،واعلم تمامًا انه في مكان ما يضحك على هذا،هو كان يستمتع بتعذيبي،يريد أن استمر في الغوص دون رجعه،كان يأكلني كل يوم دون أي مقاومة مني..
-لايزال موجودًا..
-ماذا عنه؟،مالذي حدث مؤخرًا معه؟
-لا اعلم،اصبح اشد من قبل،لكن تعلمين اني احيانًا...
صمتُ فجأة لافكر،هل انا أعني تمامًا ما انا على وشك قوله؟
-احيانًا ماذا؟
-احيانًا اشعر اني..لست خائفة!،وهذا شيء غريب،او احيانًا اشعر اني لم اعد أُبالي..اعني انني في بعض الاوقات،اقول لنفسي،حتى لو قتلني..لم يعد يهمني الأمر.

آوه أجل ،لقد كنت أعني ماقلتُه تمامًا،انا اليوم لا أُبالي،واعلم اني غدًا ساشعر انني خائفة،وانني سأُبالي بالأمر ،لكني اليوم،فارغة..بشكل ما،وبطريقة غريبة.

خرجت الى الشارع،بدأ الليل يحضر،وانا لن اعود للمنزل ابدًا،توجهت للحديقة،كما الامس،لكنه لم يكن هناك..ذهبت لأجلس على المقعد ذاته،الجو متجمد،والليل يُخيم على الأرض بسرعة فائقه،وفي وسطِ لحظات تأملي،قاطعني جلوسه بجانبي ،بعدما حضر من العدم،لم اسمع صوت قدومه او شعرت به،لربما اني كنت مندمجةً في كل هذا التفكير.

وجوهٌ فارغة..تُشبهك!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن