لست فتاة قادرة على أن تعيش حياتها ببساطة،لم أملك من قبل شيء ما أشعر بشغف تجاهه،أو أخاف خسارته.
أعيش على شق بعيد،لا أحد فيه غيري،فقط أنا،بقلب لا يعرف شيء سوى نفسي،بروح مجروحة كفاية لتكمل ماتبقى لها من حياة دون أي ردة فعل.
لم أحب من قبل،لم أقترب من احد من قبل،لم يجذبني شيء ما من قبل،لا أحد يتخيل كمية الفراغ التي تسكن جسدي.عُدت للمنزل في وقت متأخر،الليلة باردة جدًا بعد ما أمطرت،دخلت الى المنزل لأجد أمي التي نهضت وهي تلُف ما سقط من الشال الصوفي حولها..
-هل تعلمين كم من الوقت أنتظرتكِ!
قالت بنبرة قوية،وهي على وشك أن تقتلني،لست أدري كم من الأيام يجيب أن اتظاهر انني سأفعل كل ما يُطلب مني،كفتاة مُهذبة تستمع للكلام دون أن تقاطع.
-أنا أتحدث معكِ!!،أين كُنتِ؟
-في الحديقة العامة القريبة من هنا
-في هذا الوقت المتأخر من الليل؟،أستمعي إلي جيدًا،أنا لست في حال يسمح لي أن أذهب ورائكِ كلما خرجتي من المنزل!،كأنني أبحث عن شيء ضائع،الى جانب أنك لستِ حتى مستقره نفسيًا!!،لا أحد يدري ماذا ستفعلين في الخارج!أوه،ماكان ينبغي أن تقول هذا،ابدًا،ماكان ينبغي أن تقول هذا.
لم أقل شيئًا،صعدت إلى الأعلى وأنا أحترق،بقلب طفلة تعرف أن كل من حولها يقولون الشيء ذاته عنها،وجسد امرأة غير قادر على أن يفعل أي شيء يوضح هذا!
أسقطت نفسي على السرير،دون أن أبدل ثيابي،الغريب أني لا أذكر أنني بكيت في تلك الليلة،لقد كان الأمر غريبًا،وعاديًا ومألوفًا في الوقت ذاته،بشكل مخيف.
اغمضت جفنّي لخمس دقائق،كان هذا النوم يكفيني،ثم نهضت مجددًا أنظر لغرفتي كأني في مكان غريب،ليس مكاني.
وفجأة،كان هناك،يجلس على الكرسي الرمادي،متكئ بظهره جهة الحائط،في يده سجارة يدخنها بشراهه،ناظرًا لي بنظرة أعرفها.-ماذا تريد
-كالمعتاد..أريد إخافتك!كان هذا خوفي،يحضر للغرفة كل ليلة،بهذه الهيئة،يدخن بشراهه،بوجه نحيل،طويل القامة،بشكل مريب لا يتخيله أحد،ونبرة عميقه.
كل ليلة يحضر،ويجلس على هذا الكرسي،ولا يرحل حتى يأتي الصباح،لتكون الليلة كألف عام،معه.
يتحدث بطريقة مقرفة،عن كل شيء،عن نفسي،وجهي،وهيئتي.
عن تفكيري،أحلامي،ماذا أريد أن أفعل،عن كوني سأبقى مكتئبة هكذا،للأبد!-لم تمل من هذا؟
-لما قد أصاب بالملل؟،الأمر ممتع..
نفخ دخان سجارته،ثم نظر لي مجددًا
-من هو الرجل!
-لا أعرف رجلًا
قلت وأنا استلقي مجددًا،لا يجب أن افكر به،الخوف سيجعلني أخافه،سأفقد الشغف الوحيد الذي أشعر به تجاه شيء في حياتي!-الرجل الذي بلا أسم..
قال وهو ينهض من الكرسي،تمشى قليلًا في الغرفة،ووقف أمام النافذة الكبيرة
-صاحب المعطف..
شعرت بقلبي ينقبض..
-الليلة لن تطيل،فأنتِ أصبحتِ ذكية على عجل وفجأة،عُدتي متأخره تحسبين أنني لن أحضر في آخر ساعة في هذه الليلة،ربما سأرحل حينما يأتي الصباح كالعادة،لكن تأكدي أنكِ لن تستطيعي أن تبقي خارجًا طوال عمركِ!
ستأتين عاجلًا ام آجلًا،ستأتين قبل أن أطفئ سجارتي القادمة.-لماذا تفعل هذا؟
-لماذا لا أفعل؟ لاشيء يمنعني!قالها ثم رحل..بعدمها تملكني الخمول،لأنام بألم .