توسّل للرّب

53 6 32
                                    

السلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته

في تلك الليلة ذات القمر المنير، ووسط ذاك البحر ذي الموج الخفيف، إطمأنّ الشّابّان وفي نفس كلّ منهما رغبتها الخاصّة الّتي تسعى لتحقيقها.

ولم يخطر على بال أيّ منهما أنّ ماسيحصل لهما في هذه الليلة سيؤثّر تأثيرا بالغا على مستقبلهما بل وسيؤثّر على مستقبل هذه الجزيرة بأكملها.

كان هوتارو قد أتقن التّجذيف بسرعة ودون أن يقع في الإحراج أمام يوشيرو، فقد وضع كلّ إنتباهه وتركيزه على عمله، وهو يشعر بالرّضى لأداءه.

_هوتارو هلّا عدت بنا إلى الجزيرة.

إنتفض قلب هوتارو لسماع ذلك، توقّفت يداه عن الحراك ورفع بصره إلى مخاطبه فوجد في وجهه نظرة توحي بالحزم، تكلّف صديقنا إبتسامة باهتة ثم إستفسر مخفيا توتّره:
_لكن.. ألم تخبرني بأن لا أعود حتّى الصّبح؟

أومأ له يوشيرو وقال بلطف:
_أجل.. لكني غيّرت رأيي، أريد أن نعود الآن.

زاد جوابه ذاك هوتارو تردّدا وخوفا وزاد سرعة نبض قلبه.
'' هوتارو إذا أخبرتُك بالعودة فلا تعد.. ولا تسلّمني المجذاف مهما حصل.. لاتخف إن تصرّفتُ بغرابة أو غضبتُ علَيك.. المهمّ ألا تعود الى الجزيرة حتى الرّابعة صباحا.. ''
هذا ما أمره به منذ ساعة أو أقلّ، خطر على باله أوّل الأمر أنّه عليه الرّفض لكن سرعان ما أحاط به الشكّ والتّردد، وتساءل إن كان يوشيرو يريد حقًّا العودة.

حمله التّردد إلى عدم قول شيء فلبث على حالته يرتقب كلمة أو فعلا من يوشيرو يدلّانه على ما يجب فعله بينما يحاول جاهدا أن يبقي إبتسامة الخجل تلك على ثغره.

_كلا لن نعود إلى الجزيرة حتّى الصّبح.

قال هوتارو ذلك وقد غلب على ظنّه أنّ يوشيرو يختبره وإزداد ظنّه قوّة لمّا طال صمت رفيقه فتبيّن من ذلك أنّه لا يريد المجذافين حقّا إنّما يترقّب ردّه أي أنّه يختبره.

إرتعب لمّا تقوّس حاجبا يوشيرو وقذفه بنظرة غاضبة، لكنّ ذلك الوجه الغاضب سرعان ما عاد وجها لطيفا مبتسما وقال مادحا:
_أحسنت! إيّاك والعودة إلى الجزيرة قبل الصّبح، أنا حقّا أعتمد عليك. آسف جدا على تحميلك هذا العبئ، لكن ما باليد حيلة.

فرح هوتارو وإرتاح، كما أخجله هذا الإعتذار ليلوّح رأسه رافضا ويقول بودٍّ:
_كلا لابأس لامشكلة في ذلك.

ثمّ عمد إلى مواصلة التجذيف ليوقفه يوشيرو قائلا:
_لاداعي للدخول أكثر لقد إبتعدنا بما يكفي، خذ قسطا من الرّاحة.

نداء في الظلمات (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن