الفصل الخامس

228 13 3
                                    

وجهة نظر يوجين

أستحضر أنني وجدت يوما في طلعته بهجة، و في بسمته مسرة، و الأحوال تنهار، و أصبح لظهوره اٌستياء، أما لماعاناته فهناك اٌنشراح.

إن يداي مطرح كتفه و ظهره أساعده على الاستلقاء، و يا ليت ما فيها خنجر أطعنه به. لم تمر عدة ثواني حتى انطلق نحو الحمام راكضا، أصغيت إلى أنينه المتألم الذي حاول إخفاءه، إستمعت و استمتعت به
كما لو أن الطيور تغرد.

طلبت له مشروبا دافئا و أدوية تخفف عنه، أعرب عن عدم رغبته في الذهاب للطبيب بقوة، أعلم أنه يكره المستشفيات و لا يذهب سوى في الحالات القصوى، لذا اٌستغليت الوضع، و لو أن الخيارات متاحة على طاولتي، لتركته على حاله.

لم أشعر بالشفقة اتجاهه، إقترف الأثام نحوي العديد من المرات، ذات ليل بهيم عندما كنت طريحة الفراش، أتألم كما لو أنني على حافة الموت، صحت و ترجيته ليتوقف حتى كاد صوتي يغادرني، الأمر شبيه بقبضات توجه نحوك دون توقف تحبس عنك الهواء، تمنيت لو أنه اٌمتنع مرة واحدة ، و بسبب الوعي الذي ننسب له بعض جرائمنا لدى مغادرته لنا، بكل برود أتى ليزيد معاناتي، لهذا حتى لو طرق الموت بابه، سأفتح له و أرحب به كضيف عزيز، حتى لو عنى أنه سيأخدني رفقته أيضا.

"أخبرتك أن نذهب للطبيب."

رغم من يراه يظن أن سكرة الموت أتت، لا أراه في عذاب كاف، فكرت لو أزيده جرعة في كوب من الماء، إلا أنني لن أغامر في فقدانه، فلازال أمامه وقت طويل للعيش، وقت طويل يفقد فيه أي مذاق حلو للحياة.

"ألا تفهمين؟ هل يجب علي دائما تكرار حديثي؟"

يا له من شخص وقح! رغم أنه هو من يجب أن يعتني بي و ينحني اعتذارا لي.

"حسنا. هل ترغب في شيىء معين أحضره لك؟"

تحدثت كصقيع ديسمبر، فلو نطقت باٌهتمام أكثر من هذا، سأفرغ ما في معدتي.

"لا."

"حسنا."

هززت كتفاي، لقد تخلصت من حمل ثقيل. توجهت نحو الحمام و وضعت مسحوق الدواء في علبة تجميل قديمة أمتلكها، فلن أقلق من مصادفته لدليل يدينني.

مرت عدة ساعات لأرجع للغرفة حاملة معي دواء و كأس ماء، لازال يتألم، رغم أنني أريده أن يستمر في وجعه، إلا أنني مضطرة.

إعتنيت به حتى خف قليلا، و عندما أردت المغادرة أمسك ذراعي، فكيف لا يفعل و هذه إحدى هواياته.

''لما؟ سيكون الأمر أقل شبهة لو تركتني."

"ستفهم الأمر لو كنت إنسانا."

الشيطان يكمن في التفاصيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن