الفصل العاشر

109 12 2
                                    


رغم إنذاراتي المتتالية يصر على تلبية ما يمليه عقله، و على الرغم من معرفته بعدم رغبتي بلقاءه، أتى لمكان عملي.

نزلت بسرعة لأخبره بالرحيل، لكنني لم أجده، تساءلت إن كان مقلبا لولهلة لذا نظرت في الأرجاء ليقف أمامي رجل مرتديا خوذة و يحمل في يده اليمنى كيسا.

بمجرد حديثه أدركت أنه آرلو.

"آسف، لم أستطع منع نفسي."

"حسنا، لابأس."

كيف لي أن أصرخ في وجهه و أخبره بالرحيل؟ لا أعتقد أن أحدا ما أراد زيارتي لهذه  الدرجة.

"ألم تطلبي طعاما؟"

"أدركت مقصده لأستلم الكيس محاولة عدم الابتسام.

"شكرا لك."

"هناك هدية رفقة الطعام بمناسبة أول يوم لك في العمل."

"هدية ماذا؟"

قطبت حاجباي مستغربة، أردت معرفتها قبل رفضها، الهدايا أصبحت بدون معنى.

"حصلت على تذكرتين للمتحف، إن أردت ربما نذهب سويا."

تلألأت عيناي تأثرا، كيف له أن يتذكر؟ أفضل هذه الهدية أكثر من أي ملابس غالية أو قطع موجهرات ثمينة.

أحدهم يكسرني ثم يأتي بباقة ورود، يشتمني ثم يجلب ملابس غالية، و أحيانا يكتفي بتيهشيمي فقط و يقول أنني المخطئة رغم فعلي لا شيىء.

"بالطبع، سأجيبك عن هذا لاحقا."

إنه يجعل الأشياء التي بدون معنى تمتلك معنى، مهما بدى الأمر قاتما دون فائدة يرجع إليه بريقه.

غادر لأعود لعملي، لن يبقى الكثير حتى أتجه للمنزل على أي حال. بعد تفقدي للهدية راسلته.

-لما هناك تذكرتين في الكيس؟

-في حالة عدم رغبتك في مرافقتي، ظننت أنه بإمكانك الذهاب رفقة أحد آخر.

كيف أخبره أنني لا أملك أحدا؟ إنه الشخص الوحيد الصالح في حياتي..قبل أسابيع كنت أتحدث إلى نفسي.

سحقا للجميع، سحقا له و لوالداي.

-لنذهب.

-حقا؟

-أجل..في حالة عدم وجود حالة مستعجلة، أنا بالتأكيد و بدون تردد سأرافقك.

صغت حديثي بهذه الطريقة حتى لا أقطع وعدا دون أن أفي به، فلا علم لي بمزاج جاهيون المتقلب و إن كان سيتواجد في المنزل أم لا.

الشيطان يكمن في التفاصيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن