١- توماس

888 24 14
                                    







- 1918
-اقصى شرق النرويج



مطلع تشرين الثاني .. الساعة التاسعة. تصطدم طيور القرْقُفِ بالنافذة.



احياناً تنطلق مترنحة بعد الاصدام. واحياناً تهوي أرضاً، وتتخبط فوق الثلج الطري إلى أن تنجح في التحليق من جديد.


لا أدري ما تريده تلك الطيور مما أملكه. أرنو من النافذة الى الغابة. أقطن في بيت صغير في النرويج بالقرب من نهر يصب في البحيرة، لمحت ضوءاً مائلاً الى الحمرة فوق الأشجار.

على الرغم من انه في كل خريف يجري النهر بوتيرة عالية، غالباً مايغدو في الصيف ضحلاً

في هذا النهر يعيش سمك السلمون الذي سبق لي أن اصطدت منه ومصبّهُ لايبعد عن هنا الا بضع مئات من الامتار .


وما إن تسقط أوراق اشجار البتولا حتى يتسنى لي أن أراه من نافذة مطبخي.. مثلما هو الحال الآن في تشرين الثاني .



ثمة بيت ريفي عند ضفة النهر يُتاح لي أن اراه حينما تُضاء انواره اذا خرجت ووقفت أمام عتبة بيتي. في ذلك البيت يعيش رجل أعتقد أنه يكبرني سناً من هيئته وطوله الواضح منذ مسافة

أو هكذا يبدو لي .


ولعل هذا يعود الى انني انا نفسي أجهل ماهو عليه مظهري. أو لعل الحياة قست عليه أكثر مما قست عليّ .فبدا بذلك المظهر المُهيب.



أنها احتمالات لايمكنني أستبعادها. ذلك الرجل يمتلك كلباً ويخرج به عدة ايام في ساعات محددة لينزهه ثم يعود في نفس الوقت تماماً .


لديّ معلف طيور قائم على سارية في ناحية ما من فناء بيتي. وحينما يشعشع نور الصباح آجلس الى طاولة المطبخ مع فنجان قهوة، واراقب الطيور تٌقبل مرفرفة.


لقد رأيت الان حوالي ثمانية أنواع مختلفة منها،  وهذا يفوق ماسبق لي أن رأيته في اي مكان آخر عشت فيه.


وانا الآن في الخامسة والثلاثين من عمري، ولا ازال أعيش وحيداً، بعد لحاق أختي وابي إلى أمي، الى الجنة.

اعتدت الحياة هنا. حينما يبدأ نور الصباح بالانثباق اكون قد صحوت قبله بساعات،  واوقدت المدفأة، وتجولت في المنطقة


وآكون أيضاً قد استمعت إلى اذاعة الأخبار، غالباً ما اترك المذياع مفتوحاً معظم اليوم. ومع انني أداوم على سماع الاخبار،  بحكم عادة لم اتخلص منها، ماعدت أدري ما الفائده التي أجنيها منها.



DEPRESSION حيث تعيش القصص. اكتشف الآن