ابن الحرام 2

285 12 2
                                    

قالت إحدى الجارات محذرة لأبناءها:  "لا احد يلعب مع ابن  مديحة".

ظننتها قد تخاصمت مع الخالة مديحة..  فلا تريد لأحد من الاطفال ان يلعب مع طفلها...

كان أسلوبا طفوليا من الجارة .. 

فأمى دوما تحذرنا من ان نكون إمعة..  نتبع الآخرين دون فهم.. و ماذا فعل لنا يحيي حتى نتخاصم معه و لا نلعب معه؟!!

انه أمر غير منطقى أبدا...

اذا كانت احداهن تخاصم الخالة مديحة..  فما لنا و شئون الكبار؟!!

فلتخاصمها كما تشاء..

و لن اسمع كلام الجارة و سنلعب كلنا الغميضة..

لكن للآسف الأطفال اطاعوا الجارة.. ووقف يحيي وحيدا.. دون ان يفهم ماذا فعل حتى ينفض الجميع من حوله..  فهو مسالم..  و لطيف.. و لم يؤذى احد....

فبكى بصوت مكتوم...  و بحث بعيونه عن أمه المنزوية كحاله...  ليبكى فى حضنها دون ان يعى أن عيونها تمتليء حسرة و دموع .. كعيونه..

***

كنا صغار فلم نفهم..  ثم فهمنا.. 
يحيي هو ثمرة زنا..

قصة قصيرة محزنة..  عن فتاة لطيفة غرر بها الحب..  أو ما توهمت انه الحب.. و بعد ما اخذ ما سعى لأجله..  سالبا إياها اعز ما تملك كما يقولون...  هرب..


هرب و تركها..  مع ام عجوز.. و أخ مسافرا لاجل لقمة العيش.. لا يعلم شيئا عن شرفه المسلوب.. او اخته المدنسة..

و ك قصة شفيقة و متولى الشهيرة. ..

جلست مديحة.. و الاخرون ينتظرون عودة الاخ ليغسل شرفه كما توقعوا ...

ليقتل شقيقته التى ظهرت عليها الفضيحة كأوضح ما تكون..

و جاء اليوم..  يوم خروج يحيي للعالم...

و قد استعدت جدته العجوز..  نعم استعدت لتكتم أنفاسه و تنهى حياته قبل ان تبدأ..

لولا الرحمة بقلوب بعض النسوة اللواتى منعنها  من قتله... لانتهت حياته و لارتاح كما يقول..

ارتاح من الغمز و اللمز الذى لم يفهمه وهو صغير.. و من الإشارات خلف ظهره بأنه ابن زنا...

و جاء الخال..

لكنه لم يقتل شقيقته...  بل ذهب الى القضاة و المحاكم ليثبت نسب الطفل البريء..

ليكون له ابا ينتسب اليه فى الاوراق الرسمية..

ذاك الأب الذى رفض نسبه لسنوات طويلة..  فظل بلا نسب حتى السابعة.. و اخيرا حكمت المحكمة بانتسابه على خجل...

و علم ان هذا الأب لن يفتح له أبدا ابواب بيته.. و لن يكون له  ظهرا او سندا قط ...

علم و رضى..
رضى.. 

فحتى لو لم يرضى..  ماذا بامكانه ان يفعل؟؟!!

لا شيء..

و منذ ان شب..  عليه ان يتعلم حرفة..  ليساهم فى اطعامه..  و اطعام امه...

و رضى..
و حتى لو لم يرضى..  ماذا بامكانه ان يفعل؟!

و شاهد امه تتنازل لخاله عن إرثها مقابل الفتات..
بضعة ألوف لا تساوى حتى ربع الثمن مدعية ( يكفيه ان يربى طفلى ) ..

و لسان حالها (يكفيه ان لم يقتلنى و يقلته)

و رضى..
و حتى لو لم يرضى..  ماذا بامكانه ان يفعل؟!!

و ماتت الام.. و استراحت كما يقولون. . و لم يعد يملك شيء..

فلا باب لأب...  و لا احضان ام..  ولا شيء..
لا شيء على الاطلاق...

و رضى...
و حتى لو لم يرضى..  ماذا بإمكانه ان يفعل؟؟

***
قابلته يجر حقيبة سفر

"الى اين انت ذاهب يا يحيي؟!"

" ارض الله واسعة. . لم يعد لى مكانا هنا ".

* قصة حقيقية

خواطر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن