الفصل الثاني عشر

320 73 251
                                    

النسمات الخريفية الباردة تحرك السحب الكثيفة التي تغطي سماء المملكة ؛ ومع حركتها المتسارعة تتطاير اوراق الأشجار التي فقدت خضرتها وتلونت باللون الذهبي كأنما تجاري الكون بألوانه الخريفية الزاهية ..
وتحت تلك السماء التي تختبئ شمسها خلف الغيوم فبل ان تعود وتظهر نفسها باختيال كأنها طفلة تلاعب الكون الغميضة
وقف الملك بسكون يراقب كلارا وهي تسحب السهم بقوسها الى اقصى حد قبل ان تطلقه بقوة فأصابت متن الهدف بدقة معلنة ان تدريباتهما الكثيفة أتت بثمارها أخيراً .

وباعتزاز نظر اليها فخوراً بما هي فيه من تقدم ملحوظ بينما صفق بيديه مستدعياً انتباهها لكلماته : احسنتِ صنعاً ؛ يمكنني القول انكِ أفضل تلميذة دربتها في حياتي !

نظرت اليه بطرفها قبل ان تسحب سهماً اخر وتضعه في قوسها لتسحبه وتوجهه نحوه مباشرة بينما تراه يتقدم منها ببطء
ابتسامته المتباهية بها تلاشت تدريجياً بينما ثبتت نظراته عليها بلا أي تعابير محددة في ملامحه الحادة المنيفة
شيء بداخلها يحفزها لاطلاق ذلك السهم والذي من هذه المسافة القريبة التي تفصلهما سيقتله بلا ادنى شك حالما يخترق جسده
وشعور غريب يلمع كما البرق في شتاء ليل عاصف جمد أطرافها فما كانت لها السلطة على اناملها لتؤذيه ..!

وبينما كانت تخوض حربها الداخلية تلك في ضياع ؛ كان هو قد وصل اليها تاركاً رأس سهمها يلامس صدره العريض دون ان يهتز له جفن
رغم انها توجه سهمها نحوه وتضع حياته على محك ضربة واحدة منها ؛ الا انه شعوراً واحداً كان يسيطر عليه
ليس الخوف من الموت هو ما يرهبه ؛ شعوره نحوها الذي لا يصل الى قلبها ؛ حبه الكبير الذي تقابله بالنكران واهتمامه الذي تردعه بالبغضاء ..
ماذا لو أطلقت سهمها عليه ؟
هل سيؤلمه جرحه بقدر ما سيؤلمه قلبه لانها هي دوناً عن غيرها من غدرت به !!

لكن عزاءه الوحيد امام قسوة أفعالها كان ذلك التردد الذي غزا نظراتها فكانت يده الأسبق ليمسك ذلك السهم بقبضته وشد عليه بقوة حتى كسره نصفين وألقاه جانباً
تراجعت خطوة للوراء تزدرد رمقها بارتباك من نظراته الأشد حلكة من الظلام وأكثر حدة من نصل سيفه ..

ببرود وصوت حازم أجفلها للحظات هسهس : لم اعلمكِ الرماية لأكون اول وجهة لسهمكِ سيدتي ..!

استعادت صلابة قلبها وتخلصت من ذلك الارتباك الذي أفقدها قوتها للحظات بينما تكلمت باعتداد : كان عليك ان تخشى حدوث ذلك جلالتك بينما تعلم يقيناً بمدى جدية وعودي التي قطعتها لك من قبل !

تبسم بخفوت مجيباً : ألا تعلمين ان اول بوادر الضعف والهزيمة هو التردد ؛ كان عليكِ ان تطلقي بدون تفكير بينما كنت هدفاً واضحاً امام عينيك !

" القمر الأزرق | Blue Moon "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن