الفصل السادس عشر

327 76 206
                                    

قطرة ماء صغيرة لامست ملامحه أيقظته من شروده بها فتبسم ثغره على حالها كيف ارتبكت في مكانها وهي تنظر الى السماء التي اخذت ترمي بأمطارها عليها بغزارة
ولكم بدت لوحة فنية جميلة وهي مبللة بزخات المطر حتى لأن ثوبها التصق بها يضم جسدها مفتوناً بقوامها كما تبللت خصلات شعرها البنية غير مبالية بيديها التي رفعتهما فوق رأسها كأنها تقي نفسها من هجوم قطرات المطر التي عانقت جسدها بشوق اثار غيرته ..!

بحماقة يتمنى لو كان قطرة من مطر ؛ يسافر فوق السحب في السماء الفسيحة بحثاً عنها ويتخطى جميع المحرمات وينام على كتفيها او يلامس شفتيها ..!

ضحك على حماقة افكاره قبل ان يتقدم منها ويرفع المظلية التي كانت في يده فوق رأسها مما لفت انتباهها اليه فاتسعت عينيها ولمع قمرهما دهشة لوجوده هنا ....
لتوها فقط كانت تفكر به ؛ منذ ايام لا يمكنها ان تشغل عقلها بسواه ومهما فعلت لتشتيت فِكرها عنه فهي تعود للدوران في حلقات متوازية حوله دونما كلل او ملل !
فكيف له ان يخرج من فكرها ويتجسد امامها هكذا بدون اي شعور منها !!

لازالت في حيرة من أمرها ولا تكاد تفهم حقيقة شعورها حوله ؛ ان كانت نادمة على مساعدته فلماذا هرعت لمساعدته منذ البداية ؟
لماذا كان فكرها منحصراً على كونه بخطر وانه لن يتمكن من انقاذ نفسه وهو جريح الجسد أعزل بمفرده امام كل اولائك الرجال !

تجرعت دهشتها رويداً رويداً وهي ترى في عينيه مجرة تتألق فيها النجوم وتلمع شهبها أنواراً امام عينيها
شعره الأدهم المبلل بقطرات المطر ؛ وملامحه الهادئة التي تبدو تائهة في تقاسيم وجهها تحكي مشاعر يصعب عليها فهم شيء من أبجديتها رغم وضوحها .!

اما هو فكان غارقاً في سماء عينيها ؛ قلبه يطوف في قباب قمريها وكأنها شملت الأكوان بين أهدابها
ومتعثرة نزلت نظراته تلاحق شيئاً من قطرات الماء التي كانت تتعلق بأهدابها ونزلت بعشوائية نحو شفتيها المرتجفتين تنهل منهما قبلاً فبدا كما لو انها نبيذ سكب على عقله الثمالة وانساه كل ما حوله بينما لا يرى سوى شفتيها الكرزية الندية وكم بدت فاتنة جذابة تكاد تخرجه من سطوة العقل وتجره اليها ولهاً ....!

بخفوت همس وهو لا يستطيع انتشال عينيه عن شفتيها : كلارا ....

بدا صوته مثيراً متجانساً مع وقع قطرات المطر للأرض والشجر ؛ تفوح منه رائحة الحب كما لو انه زهرة ندية أيقظها المطر !
كان من الصعب عليها اقتباس برودة صوتها في خضم ذلك الدفئ الذي كانت ترسله نظراته اليها رغم برودة الجو فخرج صوتها تائهاً بين رجاحة عقلها وسهو قلبها : نعم جلالتك ..؟

ساءه ان تجيبه برسمية وهو على اعتاب الجنون بها ؛ بعد ان وصلت به حدود الهذيان وساقته الى وديان الحب حافياً كيف لها ان تظل على صمودها ونأيها وملتزمة بحدودها التي رسمتها امامه منذ البداية بخطوط عريضة ؟

" القمر الأزرق | Blue Moon "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن