الفصل الاول

30K 421 24
                                    

الفصل الاول
" انت اتجننت ..؟! عايز تطلقني وتجوزني صاحبك ..؟!"
صرخت بها بعدم تصديق بينما عينيها الجميلتين ترسلان شرارات نارية ناحيته ..
" اهدي يا ميرنا .. خليني اشرحلك .."
صاحت به بإنفعال اكبر وقد ألمها حديثه بشدة :
" تشرحلي ايه وتهبب ايه ..؟!"
" يا بنتي افهمي .. دي فرصتنا انا وانتي عشان نعيش وننطلق بقى .. وفالمقابل احنه هنقدمله خدمة العمر .."
قالها بجدية وثقة لتخفت نبرتها وهي تقول بضعف :
" عاوزنا نعيش بالطريقة دي ..؟! بأني اتجوز واحد غيرك ..؟! هو ده جزاء حبي ليك يا نزار ..؟! عاوز تضحي بيا عشان الفلوس اللي هتاخدها من صاحبك الغني ..؟!"
اغمض عينيه محاولا السيطرة على الغضب الشديد الذي على وشك ان ينفجر في وجهها بسببه ثم قال بتأني بعدما فتح عينيه :
" يا ميرنا اديني فرصة واحدة بس .. باسل محتاج يتجوز .. وانا لقيت انوا دي فرصتنا .. يتجوزك مقابل مبلغ كويس ويطلقك بعدين ونرجع لبعض .."
" دي فرصتك انت مش فرصتي انا .."
قالتها بوجع ظهر جليا في نبرة صوتها المبحوحة ليقترب منها وهو يهمس بخفوت وحب :
" لا فرصتنا احنه .. الفلوس دي هي اللي هتخلينا نعمل المشروع بتاعنا .. وهي اللي هتخلينا نخلف الطفل اللي مستنينه بقالنه سنين ومش قادرين نخلفه بسبب الفلوس اللي مش موجوده .."
اغمضت عينيها وكلماته الرقيقة تنساب داخل اذنها .. لطالما احبته ولطالما كان لكلماته وقعا اخر داخلها .. فبسبب حبه جاءت هنا .. تركت كل شيء خلفها وعاشت معه .. تركت احلامها وطموحاتها بل و اقرب الناس اليها ..
ضغطت على شفتيها بقوة وهي تشعر برغبة شديدة في البكاء .. رغبة لطالما أتتها كلما عادت تلك الذكريات الماضية تتدفق داخل عقلها ..
" صدقيني يا ميرنا .. جوازك من باسل مؤقت .. فترة وهينتهي ... بس مقابل الفتره دي هناخد مبلغ محترم جدا .."
قاطعته بقوة :
" هتجوزه .. عارف معنى ده ايه ...؟! يعني هبقى مراته .. هناك فحضنه بدل حضنك .."
قاطعها بحدة :
" لا طبعا .. الجواز هيكون عالورق وبس .. انتي فاكراني اني ممكن اخليكي تكوني لواحد غيري .. يا ميرنا استوعبي .. باسل عاوز زوجة مؤقته .. فترة محددة يسكت بيهه اهله .. وبعدها يطلقك .. "
" وانت ضامن منين انوا مش هيخلي الجوازة دي بجد ..؟!"
قالتها بتهكم من ثقته الزائدة بصديقه ذلك الذي لم تره بل ولم تسمع عنه قبلا سوى بأحيان قليلة ..
" مش هيحصل .. باسل يعرف مليون وحده ومش هيوقف عليكي .. غير انوا ده هيكون شرط من اتفاقنا .. انوا الجوازة عالورق بس .. كمان انا واثق فيكي يا ميرنا .. "
قال جملته الاخيرة بجدية ممزوجة بثقة جعلتها تشعر بحسرة شديدة وهي تفكر أنها كانت تثق به بدورها ولكن ثقتها به اهتزت بشكل جعلها تشعر أن رجلا اخر غير الذي احبته يقف امامها ..
" وهو ايه اللي يخليه يوافق على كده ..؟! مهو ممكن يتجوز مليون واحده ..؟! ليه يوافق يتجوز مرات صاحبه ..؟!"
تنحنح وهو يجيب :
" مهو مش هيعرف انك مراتي .. "
" نعم ..؟!"
صرخت بها بقوة جعلتها يهتف بهدوء محاولا امتصاص غضبها :
" انا مش هقوله .. هقوله انك قريبتي او صديقتي وعندك ظروف ومحتاجة فلوس .. ولما احكيله انك ثقة وعلى ضمانتي خصوصا انوا خايف يتجوز واحدة نصابة او تستغل اتفاقية الجواز المؤقت دي اكيد هيفرح .. مش هيلاقي حد يثق فيه اكتر مني .."
" انت مبسوط اوي وانت عارف انوا بيثق فيك .. ؟! لا وكمان بتخدعه ..؟!"
تقدم نحوها بملامح قاتمه وهتف بقوة :
" اسمعي بقى .. انا قرفت بجد .. انتي ليه مش قادره تفهمي ..؟! استوعبي بقى .."
قالها جملته الاخيره بنبرة حازمة فاضية جعلت جسدها يرتجف كليا قبل ان يكمل بقسوة :
" انا مش هسمح للفرصة دي انها تضيع من ايدي .. ولو مش هتوافقي يبقى انسي كل حاجة بينا .."
اتسعت عيناها وهي تهمس بجزع :
" يعني ايه ..؟!"
اجابها بهدوء :
" يعني هطلقك وكل واحد يروح لحاله بدل منا شايل الحمل لوحدي .."
اندفع بعدها خارجا من الشقة بأكملها لتنهار هي على ارضية المكان ..
.....................................................................
اخذ دخان سيجارته يتصاعد عاليا بينما صديقه المقرب عصام يهتف بجدية :
" انا مش مقتنع باللي بتعمله ده .. باسل لو عرف بمخططك هيقتلك .."
نفث نزار دخان سيجارته عاليا ثم قال :
" ليه ان شاءالله ..؟! هو عايز عروسة مؤقته وانا هجيبهاله .. ماله هي تطلع مين ..؟! هو مش هيخسر حاجة ..؟!"
" بس دي مراتك ..؟!"
قالها عاصم بنبرة ذات مغزى ليرمي نزار سيجارته ارضا ويدعسهم بقدمه قبل ان يهمس بضيق :
" مش لما توافق هي الاول .. بلاش تنق من دلوقتي .."
" مظنش انها هتوافق .."
قالها عصام بهدوء وجدية ليرد نزار بثقة شديدة :
" هتوافق .. ميرنا بتحبني ومستحيل تتخلى عني خاصة بعدما هددتها اني هطلقها .."
تطلع عصام اليه بضيق فكيف لنزار ان يفعل هذا بواحدة مثل ميرنا .. ؟! ألا يعلم عدد الاشخاص الذين يحسدونه ويتمنون ان يكونوا مكانه والذي للاسف هو واحدا منهم .. ؟!
افاق عصام من شروده على صوت نزار وهو يقول :
" انت بس افتح الموضوع قدامه لما نشوفه واتصرف زي ما فهمتك .."
اشاح عصام وجهه بضيق بينما قال نزار بجدية :
" انت سمعتني ..؟!"
تأفف عصام وهو يردد بملل :
" ايوه ..؟!"
ابتسم نزار بهدوء وقال :
" يلا بينا زمانه وصل .."
سار عصام خلفه بقلة حيلة وهو يشعر بالنفور من هذا الصديق الذي يراه بوجه اخر مختلفا للغاية هذه المرة ..
........................................................................
كان باسل يجلس بجانب فؤاد صديقه المقرب وهو يتناول قهوته بشرود ..
لم يكن يود الحضور فهو كان يريد ان يبقى في مكتبه يعمل دون هوادة لعل وعسى ينسى كل ما يمر به ..
ارتشف رشفة صغيره من قهوته السادة بينما سمع فؤاد وهو يهتف بجدية :
" انت مش ناوي تفك ولا ايه ..؟! هي دي مقابلتك ليا بعد غياب عشر ايام ..؟!"
تنهد باسل وهو يقول :
" معلش يا فؤاد .. انا بجد مش فالمود النهاردة .."
ابتسم فؤاد بتهكم وهو يجيبه :
" وانت من امتى فالمود ان شاءالله ..؟! انت بقيتِ كده من ساعة الموضوع اياه ومش فاهم لحد امتى هتفضل كده ...؟؟"
زفر باسل انفاسه بضيق بينما اكمل فؤاد بقوة :
" الهروب مش حل يا باسل ..انت لازم تواجه .. الموضوع مش مستاهل يعمل فيك كده .."
ابتسم بتهكم وهو يقول :
" لا ابدا .. مش مستاهل خالص .."
قال فؤاد بهدوء :
" ايوه مش مستاهل .. متتجوز وتخلصنا .. ولا انت ناوي تعيش عازب كده ..؟!"
رد باسل بصوت منفعل :
" انا مش فاهم مشكلتكم ايه معايا ..؟! اتجوز او متجوزش فأنا حر ..؟! كل ده ليه ..؟! عشان ماريا هانم ..؟! يا اما اتمم جوازي منها يا اما اروح اتجوز غيرها .. ؟! ليه مش قادرين يفهموا اني مش عاوزها وانها عمرها مهتكون زوجة حقيقية ليا ..؟! انا مش هقدر اعيش حياة طبيعية مع ماريا ..؟! لازم يفهموا ده .."
تنحنح فؤاد وهو يقول :
" اهدى يا باسل .. محدش غصبك انك تتمم جوازك من ماريا .."
صاح زياد بقوة وألم :
" لا غصبوني .. غصبوني اتجوز اول ما خلصت عدتها بعد موت اخويا الله يرحمه .. ودلوقتي عاوزين يغصبوني اخلي جوازنا حقيقي .. واخلف منها .. طب مهي خلفت اتنين ربنا يخليهم بكره يشيلوا اسم العيلة .. مش لازم انا اخلف بردوا .."
زفر فؤاد انفاسه وهو يقول :
" يا باسل افهم .. هما عاوزينك تستقر فحياتك .. عاوزينك تعيش حياة طبيعية .. يبقى ليك بيت وعيلة .. هما مش عاوزين ماريا تحديدا .. هما عاوزين إنك تستقر حتى لو مع اي وحدة تانيه .. حتى لو مع اللي تختارها انت .."
تشدق فم باسل بتهكم وهو يردف :
" اختارها انا ..؟! وانا من امتى اخترت وحدة ست دخلت حياتي ..؟! روبي مكانتش اختياري .. ومارلا بردوا مكانتش اختياري .. وماريا كذلك .. كلهم كانوا اختيارهم هما وحتى دلوقتي عاوزين هما يختاروا .."
صمت قليلا قبل ان يكمل بخفة :
" عمر بيه عاوزني اكمل مع ماريا واخلف منها .. خايف الهانم تطلب الطلاق وتاخد الولاد .. عشان ولاد ابنه يعيشوا جمبه لازم انا اجبر نفسي على واحدة مبحبهاش .. و نورا هانم عاوزاني ارجع لروبي بنت اخوها رغم كل اللي عملته زمان .. شفت بقى هما عاوزين ايه ..؟!"
" مش عارف اقولك ايه يا باسل .. بس اللي انت فيه ده مش حل .."
صمت باسل وهو يشيح بوجهه نحو نافذة المطعم بينما تقدم نزار وعصام نحوهم حيث هتف نزار وهو يجلس في مقعده امامهم :
" مساء الخير .."
اجابه باسل بهدوء :
" مساء النور .."
وفعل كذلك فؤاد ..
سألهما نزار عن احواليهما وبدئوا يتحدثون سويا بينما شعر عصام بنزار يدعس على قدمه كتنبيه له كي يبدأ حديثه ..
" صحيح عملت ايه فموضوعك يا باسل ..؟!"
اجابه باسل بهدوء :
" مفيش جديد .. ابويا وامي على نفس رأيهم .."
ثم اكمل بتهكم :
" بيهددوني انهم يسحبوا مني الشركات .."
نظر عصام اليه للحظات قبل ان يهتف بجدية :
" طب متتجوز ..؟! حتى لو لفترة مؤقته .."
نظر فؤاد اليه بتركيز بينما رد باسل :
" ايه اللي بتقوله ده يا عصام ..؟!"
رد عصام بجدية :
" يابني مش هما بيعملوا كل ده عشان تتجوز وتستقر بحياتك .. ؟! طب انت اتجوز .. خليهم يسكتوا .. "
هم باسل بالحديث لكن عصام قاطعه بسرعة :
" اسمعني الاول .. اتجوز مؤقتا .. فترة كده تخلص فيها من زنهم .. كم شهر وبعدين طلقها وقولهم محصلش توافق بينا .. "
" ساعتها هيقولوا اتجوز غيرها .. وكمان انا مش خايف منهم عشان امشي كلمتهم .."
قالها باسل بقوة ليرد نزار بخبث :
" بس الشركة فإيديهم .. يعني ابوك لو حطك فدماغه ممكن يسحب منك كل حاجة .. "
قال فؤاد بدوره :
" انا شايف انوا كلام عصام منطقي جدا .. اتجوز لفترة وخليهم يهدوا عليك شويه .. وطلق بعدين وارجع زي مانت .. "
" وبردوا هيقولوا ارجع اتجوز تاني .. ده اصرارهم هيزيد ساعتها وممكن يقولوا انوا ده نتيجة سوء اختياري ويفرضوا عليا وحدة على مزاجهم .."
تدخل نزار في حديثه قائلا :
" مانت الكام شهر دول هتضبط امورك وتعمل شغل خاص بيك وتطلع من تحت سيطرتهم .."
ابتسم باسل بتهكم وقال :
" ماشاءالله ضبطتوا كل حاجة .. مش ناقص غير اجيب العروسة .."
ثم سألهما بسخرية :
" ودي مين بقى اللي هترضى بجوازة زي دي ..؟!"
رد فؤاد :
" احنه فأمريكا يابني .. فيه مليون واحده امريكانيه ترضى بالاتفاق ده .. "
هم زياد بالرد الا ان نزار قال بسرعة :
" لا امريكانية ايه بس .. ؟! ابوه هيقلب عليه اكتر .. لازم تكون وحدة عربية ومسلمه .."
حل الصمت المطبق بينهم بينما اكمل نزار :
" وطبعا ده صعب .. مفيش وحده هنا ممكن تقبل بحاجة زي دي .."
نظر اليه الجميع بوجوم بينما عقل باسل يردد كلمات عصام واقتراحه داخل رأيه والغريب انه لم يشعر بالراحة ناحية هذا الاقتراح ..
افاق باسل من شروده على صوت عصام يقول :
" ممكن نشوف وحده هنا محتاجة فلوس .. فيه عرب كتير هاجروا هنا وعايشين بالعافية .."
" فكرة .. بس البنت لازم تكون محل ثقة .."
قالها نزار بجدية ليهتف عصام مدعيا التردد :
" انا اعرف وحدة كده .. ممكن تفيدنا وانا واثق بيهه جدا .. "
" مين ..؟!"
سألته فؤاد بسرعة ليرد عصام بتوتر مصطنع :
" منا خايف من نزار ليدايق .."
رفع نزار حاجبه مدعيا الجهل :
" ادايق ليه ..؟! هو انا اعرفها ..؟!"
اومأ عصام برأسه وهو يجيبه :
" انا بتكلم عن ميرنا .."
انتقص نزار من مكانه وهو يصرخ بقوة :
" نعم ..؟! انت اتجننت ..؟!"
" فيه ايه يا نزار .. ؟! اهدى شويه .. ومين ميرنا دي ..؟!"
قالها فؤاد بسرعة بينما باسل يراقب الوضع بوجوم فكل ما يحدث لا يعجبه ..
" ميرنا دي تبقى جارته من زمان .. بيعرفوا بعض من وهما اطفال وكمان راضعين على بعض .."
قالها عصام بجدية بينما صاح باسل :
" ميرنا لا .. انا مستحيل احطها فموقف زي ده .. دي تعتبر اختي .."
" مهي محتاجة فلوس .. وممكن باسل يتجوزها مقابل انوا يديها الفلوس اللي هتعمل بيهه عملية ابوها .. ابوها بقاله سنين بيموت ومش قادر يعمل العملية بسبب تكلفتها .."
صمت نزار مدعيا التفكير قبل ان يقول :
" ومين قال انها هتوافق .. ؟! "
نهض باسل من مكانه وقال بجمود :
" مش لما اوافق انا الاول .."
ثم حمل هاتفه وسترته وخرج من المطعم ليستأذن فؤاد وهو يتبعه بينما هتف نزار :
" برافو يا عصام .. حقيقي اقنعتني بطريقتك فالكلام .."
" تربيتك يا باشا .."
قالها عصام بتهكم بارد قبل ان يسأله :
" بس انت ليه خليتني اقوله انها اختك فالرضاعة وكده ..؟!"
رد نزار بجدية :
" عشان يعرف انها قريبة مني ومتربية معايا يعني مصدر ثقة .."
ابتسم عصام بسخرية ثم قال :
" بس شكله مش هيوافق ..."
رد نزار بثقة :
" هيوافق .. غضبا عنه هيوافق .."
" طب وميرنا..؟!"
رمقه نزار بنظرات غامضه وهو يردد :
" هتوافق هي كمان .. حتى لو غصبا عنها مع اني اشك اني هضطر اغضبها .."
............................................................................

عروسي الكاذبة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن