الفصل الخامس

7.6K 267 16
                                    

الفصل الخامس ..
دلفت ميرنا الى مكتبها بخمول .. جلست عليه ووضعت رأسها بين كفيها تحاول السيطرة على ذلك الصداع الذي يفتك به .. لقد تركت الحبوب المهدئة والمنومة ليومين والنتيجة انها أصبحت غير قادره على النوم او السيطرة على اعصابها فأصبحت قلة النوم سببا رئيسيا في ذلك الصداع المزمن الذي يدمر روحها و أعصابها باتت على المحك فهي أصبحت تتشاجر مع نفسها احيانا وتنهار باكية احيانا اخرى ..
تذكرت ان اليوم هو ثالث يوم لها في الشركة وعليها ان تعترف انها بالرغم من عدم مقدرتها على مواكبة الاجواء هنا الا انها تشعر بالامتنان الشديد لباسل الذي وفر لها عملا كهذا في شركته الفخمة والاهم انه اهتم بها حيث كان ذلك واضحا من مراعاة رئيس قسمها لها وتعامله اللطيف معها اضافة الى سكرتيرته التي لم تتركها لحظة قبل ان تطمئن عليها وعلى فهمها لكل شيء ثم جاءتها في اليوم الثاني تتأكد من راحتها وعدم وجود اي مشكله في العمل لديها ..
عليها الاعتراف بأن هذا الاهتمام راقها بشدة وحمدت ربها الى دخول باسل الى حياتها من جديد .. باسل الذي لم تره منذ لقائهما قبل يومين في مكتبه فهي في مكتبها وهو كذلك لكنه استمر في الاطمئنان عليها عن طريق سكرتيرته ..
رفعت رأسها وعادت به الى الخلف واخذت تدلك جانبيه بأناملها حينما سمعت صوتا يسألها بإهتمام :
" انتِ كويسة ..؟!"
انتفضت من مكانها لا اراديا بسبب المفاجئة قبل ان تسيطر على اعصابها المضطربة وهي تراه امامها بطلته المميزة ونظراته القوية ..
" انت بتعمل ايه هنا ..؟!"
سألته بتوتر ليقترب منها وهو يبتسم بغموض :
" جاي اشوف باسل .. "
ارتعبت ملامحها لا اراديا ولاحظ هو ذلك بوضوح فأكمل بإبتسامة خبيثة :
"برافو لعبتيها صح .. الشغل كان فكره كويسة جدا .. مع انوا ممكن كنتي تاخدي الاتنين .. الشغل والفلوس .."
رفعت أنظارها نحوه بحدة وقالت ببرود لا تعرف من أين أتاها :
" الوظيفة دي خدتها من غير أساليب ملتوية .. خدتها بوضوح من غير خداع ومن غير ما ابيع نفسي .."
اكملت بعد لحظات بنفور :
" اما الفلوس فدي حاجة تانيه .. دي تمن بيعة .. بيعة انا البضاعة فيها .."
" كلامك ده بناء على ايه ..؟! بناء على انوا باسل عارف انوا بابا مش عيان ولا حاجة ..؟! عارف انوا بابا اصلا ميت .. مش هقول عارف الماضي ولا لا .. بس هقولك كفاية انوا يعرف ده .."
رمقته بنظرات منصدمة من اسلوب تهديده ذلك قبل ان تهتف بألم :
" الكدبة دي انت اللي كدبتها مش انا .. وانا معرفتش افضحها .."
شعر نزار بإستعجاله فهي من الممكن ان تجن وتخبر باسل بكذبتها فقال مغيرا الموضوع :
" بس حلو مكتبك .. بداية جديدة ليكي .. برافو بجد .."
رمقته بنظرات زائغة قبل ان تقول :
" باسل لازم يعرف انوا ابويا مات من زمان .. مش لازم يفضل مخدوع فيا .."
تجمد الكلام على شفتيه للحظات قبل ان يهتف اخيرا :
" فكرة كويسة .. قوليله يلا .."
نظرت اليه بدهشة وهي تفكر انه غير مهتم بنظرة صديقه له ولا موقفه منه لكنها وجدته يكمل بهدوء خبيث :
" بس حطي فبالك انوا ردود افعالي هتبقى مش مضمونه .. انا هعمل حاجات مش هتخطر على بالك .. "
ابتلعت ريقها وهي تهتف بإضطراب :
" انت بتهددني ..؟!"
منحها ابتسامة باردة قبل ان يقول :
" الموضوع بسيط يا ميرنا .. اتصال صغير بعيلتك وتحديدا اخوكِ الكبير وهو هيجي يتصرف معاكي بقى ..
تخيلي بقى مقدار فرحته لما يلاقي اخته الهربانه منه من سبع سنين .. اخته اللي مستني الوقت يجي عشان يغسل عارها بإيديه .."
ادمعت عينيها وهي تهتف بنبرة مرتجفة :
" أنتَ ليه بتعمل كده ..؟! حرام عليك .."
ابتسم متهكما وقال :
" انا مكنتش حابب اوصلها لكده .. بس طول مانتِ بتعاندي انا هضطر استخدم اساليب تانيه معاكي .. مش انتي بعتيني ورحتي اطلقتي مني ولعبتي على باسل وخليتيه يشغلك .. انا بقى هوريكي ازاي هقدر اخليكي ترجعي ليا وتمشي تحت طوعي .."
اخرج من جيبه فلاش صغير وقال :
" ابقي اسمعيه لوحدك فالبيت .. بلاش تسمعيه دلوقتي لانك مش هتستحمليه .."
انحنى نحو وجنتها وطبع قبلة بطيئة عليها قبل ان يبتعد عنها فتلتقي عينيه بعينيها لينظر اليها بهدوء غريب ..
سمعا صوت خطوات تتقدم من الباب فإبتعد عنها بينما هي واقفة في مكانها تنظر الى الفلاشة التي بحوزتها بجمود ..
" اهلا باسل .."
قالها نزار بسعادة مصطنعة وهو يحييه ليبتسم باسل بهدوء ويقول :
" اهلا نزار .. عامل ايه ..؟! مش عوايدك تنورتي هنا يعني ..؟!"
ابتسم نزار ورد وهو يشير الى ميرنا التي التفتت لباسل اخيرا :
" جيت اطمن على ميرنا .. انت عارف انها اختي وملهاش حد غيري هنا .."
اومأ باسل برأسه متفهما وهو يقول :
" اهلا بيك فأي وقت .."
ثم سأل ميرنا وهو ينظر الى شحوبها الشديد بإستغراب :
" ازيك يا ميرنا ..؟!"
رمشت ميرنا بعينيها وهي تجيبه بتوتر :
" بخير الحمد لله .."
قال نزار وهو يبتسم لكليهما :
" يلا اروح انا بقى عشان عندي شغل مهم .."
ثم ودع باسل بحرارة وخرج تاركا باسل مع ميرنا لوحده ..
" انتي كويسة يا ميرنا ..؟!"
سألها باسل بقلق من هيئتها المضطربة لتحاول السيطرة على اعصابها وهي تجيبه بخفوت كالمعتاد :
" كويسة الحمد لله .."
قال بجدية :
" جيت عشان افكرك بحفلة الليلة .. هتكوني موجوده مش كده ..؟!"
نظرت اليه بصمت ورغبة شديدة بالرفض جائتها لكنها لم تستطع ذلك بسبب احراجها فردت بهدوء :
" ان شاءالله .."
ابتسم برزانه وقال :
" هعدي عليكي بنفسي الساعة سبعة .."
همت بالرفض فهي تريد ان تذهب لوحدها لكنه اكمل بجدية :
" النهاردة مسموح ليكي تخرجي الساعة وحدة عشان تلحقي ترتاحي وتجهزي .."
هزت رأسها دون رد ليبتعد عنها ويخرج من مكتبها تاركا اياها تتخبط كليا بسبب جميع ما يحدث معها ..
..............................................................
مساءا ..
في فيلا عائلة صفوان ..
كان الحفل على وشك ان يبدأ والضيوف بدئوا يتوافدون .. الحفل كان ضخما للغاية جمع العديد من الضيوف الذي ينتمون لنخبة المجتمع ..
حيث العائلة واقربائهم الذين يقنط بعضا منهم في امريكا .. الاصدقاء من العرب والاجانب والذين تجمعهم صداقة جيدة وبعضها وطيدة للغاية مع عائلة صفوان ..
وقفت جومانة في منتصف قاعة الحفل محاطة بصديقتيها تنتظر حلول الوقت الذي سوف يحظر فيه اياد منصور الى الحفل .. نظرت صديقتها اليها وقالت بضيق بلكنتها الاجنبية :
" كفي عن النظر الى بوابة الدخول يا فتاة .. سوف يأتي .. لن يهرب .. اطمئني .."
بينما هتفت الاخرى بتهكم :
" بالتأكيد لن يهرب عزيزتي جومانة .. فالمبلغ الذي سوف يناله يستحق ان يأتي راكعا على قدميه إليك .."
احتدت نظرات جمانة وهي تلتفت نحويهما وقالت :
" لا اسمح لك بقول هذا الكلام يا ميري .. اياد الذي تتحدثين عنه من اهم المطربين لدينا في بلادنا ومبلغ كهذا يأخذه بشكل يومي واحيانا يأخذ اضعافه .."
ثم تحركت مبتعده عنهما لتهتف صديقتها الاخرى بتأنيب :
" لم يكن عليكِ قول هذا .."
تنحنحت ميري بحرج وقالت :
" لم اقصد يا لورا .. انها حساسة للغاية خاصة فيما يخص اياد منصور .."
ثم اردفت بخفوت :
" أخشى انها واقعة في غرامه وهذا اكثر ما يخفيني .."
صمتت لورا وهي تفكر لا اراديا بكلام صديقتها وتشعر بنفس الخوف على جومانة لكنها قالت بسرعة :
" بالتأكيد هذا غير صحيح .. لا تجني انها مجرد معجبة به ..هي ربما معجبة به بشكل مبالغ فيه لكنها في النهاية معجبة .."
ثم اكملت وهي تنظر الى جومانة والتي تقف بأحد اركان الحفل تحمل بيديها كأسا من العصير وتنظر امامها بوجوم :
" دعينا نذهب اليها ونصالحها .."
هزت ميري رأسها متفهمة ثم سارت خلف لورا كي تصالح جومانة ..
...........................................................................
طرقت على باب جناحه بخفة ليأتيه صوته سامحا لها بالدخول ..
فتحت الباب ودلفت الى الداخل لتجده يرتدي سترته ..
اخذت تنظر اليه بحب بينما اكمل هو ارتداء سترته وغلق أزرارها ليجدها تقف امامه وهي ترتدي فستان اقل ما يقال عليه انه رائع .. كان فستانا خياليا صمم خصيصا لأجلها من اهم مصممين العالم .. جمالها المثير ظاهر بوضوح كالعادة بشكل يثير رغبة اي رجل ..
عليه ان يعترف انه لا يحب طريقة لبسها المغرية هذه بالرغم من كونه لا يغار بالمعنى المتعارف عليه للغيرة او يهتم ..
لكن رجولته تحتم عليه ذلك فهي مهما كانت زوجته وتحمل اسمه .. كان يمتلك شعورا متناقضا بين رغبته في اخبارها بتغيير الفستان او الصمت افضل من تلك التهيؤات التي ستحتل عقلها حيث سوف تظن انه ببساطة يغار عليها ..
وجدها تتقدم نحوها وهي تهتف بسعادة :
" قلت اجيلك عشان ننزل سوا .."
رمقها بنظرات جامدة وقال :
" انزلي لوحدك .. انا رايح مشوار مهم وراجع .."
تطلعت اليه بدهشة وقالت :
" يعني ايه انزل لوحدي ..؟! انت جوزي ولازم انزل معاك .."
رد بسخرية :
" هي كانت الحفلة الملكية .."
اردف بعدها ببرود :
" روحي انتي وانا هكمل مشواري وارجع .."
" والحفلة وبنت اخوك ..؟!"
سألته بحنق ليجيب بضيق :
" الحفلة قدامها فوق النص ساعة عشان تبدأ .. وانا هكون عندها قبل الوقت ده .."
ضغطت على شفتيها بقوة كي تداري ضيقها بينما قال وهو يسير ناحية الباب :
" ابقى غيري فستانك ده .. او لاقي الحل للفتحة الكبيرة بتاعته .. عيب فحقك تظهري قدام الضيوف المهمين بالشكل المبتذل ده .."
اعتصرت قبضة يدها بقوة وهي تشعر برغبة كبيره في قتله ..
طرقت على الارض بكعبها العالي وهي تتبعه لتجده هبط الى الجانب الاخر حيث سوف يخرج من الجهة الخلفية للفيلا ..
فكرت ان تنتظره حتى يعود وتجبره على ذلك لكنها قررت ان تهبط الى الحفلة بثقة كما اعتادت ان تفعل وهي تعد نفسها في داخلها انها ستأخذ حقها كاملا ..
وبالفعل هبطت الى الطابق السفلي وبدأت تحيي  المدعوين بإبتسامتها المعهودة ونظراتها الواثقة ..
تقدمت نحو اخت زوجها وقالت :
" نزلتي بدري يعني يا جنى .. ؟! "
ردت جنى بهدوء :
" عادي ابتديت اجهز من بدري .."
تأملتها ماريا بنظرات باردة من رأسها حتى اخمص قدميها ثم قالت :
" جميل فستانك بس كان ممكن تختاري حاجة سبيشال وشيك اكتر.."
منحتها جنى ابتسامة باردة وقالت بلا مبالاة :
" انا مش محتاجة البس حاجة سبيشال عشان اجذب الناس يا ماريا .. انا سبيشال لوحدي من غير حاجة .."
ظهرت التكشيرة على وجه ماريا بوضوح لتكمل جنى بخبث :
" عن اذنك اروح اشوف جومانة و  راسل .."
ثم اتجهت نحو جومانة وراسل اخيها وقالت لإبنة اخيها التي تضحك بسعادة :
" اجمل ضحكة لأجمل جومانة فالكون .."
احتضنتها جمانة بحب بينما قال راسل لوالديه اللذان جاءا نحويهما بصحبة حفيدهما عمر :
" اهلا .. العيلة تجمعت هنا وسابت الضيوف .."
قالت نورا وهي تنظر الى كنتها التي تتحدث مع احد المدعوين :
" ماريا قايمة بالواجب .."
سألت جومانة وهي تقترب من جدها بفضول :
" مش هتقلي جبتلي هدية ايه يا جدو ..؟!"
احتضنها الجد وقال بحب :
" هديتك مفاجئة يا روح جدو .."
سمع صوت حفيده الصغير يهتف وهو يمط شفتيه بضيق :
" انا فعيدملادي اللي جاي هعمل حفلة زي دي وهعزم كل اصحابي ..."
قالت نورا جدته وهي تربت على شعره :
" هنعملك احلى حفلة .."
كانت ماريا تتحدث مع احد معارفها حينما وجدت العائلة بأكملها يقفان سويا ويتحدثان بسعادة ..
سارت نحويهما بعدما انهت حديثها مع ذلك الشخص ثم قالت بعدما وقفت معهم :
" كده بردوا ... كلكم سايبين الحفلة وواقفين هنا بتضحكوا .."
رد راسل بصوت بارد :
" الباب قدامنا اهي .. اول ما يفوت حد بنروح نستقبله .."
ثم اكمل بسخرية :
"" وبعدين انتي موجوده يا ماريا .. وواضح انك مش محتجانا اصلا .."
رمقته ماريا بنظرات كارهة وهي تفكر ان راسل هذا اكثر ما يزعجها في العائلة ..
ابتسمت له وهي تقول بخبث :
" صح انا كفاية اوي .. صحيح يا انكل هو باسل لسه مجاش ..؟!"
تطلع اليها جميعهم بتعجب فهم يظنون انه ما زال يتجهز فالاعلى ليسألها حماها :
" ليه هو فين ..؟!"
تنحنت بحزن مفتعل وهي ترد :
" معرفش .. خرج وسابني .. بيقول انوا عنده مشوار مهم ومش عارف هيرجع امتى .."
تطلعت اليها جومانة بعدم تصديق وقالت :
" سابني وخرج ..؟! ازاي يسيبني لوحدي .."
" معلش يا جومانة .. هو مش مجبر يفضل على طول جمبك يعني .."
كادت جومانة ان ترد لولا تدخل راسل الذي قال :
"هو طول عمره جمبها يا ماريا بس اكيد فيه حاجة مهمة هيخلصها ويرجع .."
نقلت جمانة بصرها بين والدتها وعمها بضيق قبل ان تنسحب مع عمتها جنى بإتجاه احدى صديقاتها ..
................................................................
وقفت ميرنا امام المراة تتأمل فستانها البسيط بحيرة .. كان فستانا رقيقا ناعما ذو لون اسود .. ذو اكمام مربعة تغطي الربع الاول من ذراعها .. ينسدل الى جسدها بنعومة حيث يلتصق بجسدها في بادئ الامر حتى يصل الى خصرها ليتسع قليلا حيث ينتهى عند ركبتيها ..
كان الفستان سادة يخلو من اي تطريز بإستثناء بعض اللمعة الخفيفة في منطقة الصدر ..
ارتدت معه حذاء كعبه عالي اما شعرها فتركته منسدلا على ظهرها بعفوية والمكياج الناعم يغطي وجهها الذي حاولت قدر المستطاع ان تغطي شحوبه ..
سمعت صوت هاتفها يرن مخرجا اياها من شرودها لتتجه نحوه وتحمله فتجد باسل يرن عليها ..
عرفت انه ينتظرها في الاسفل فتوترت كليا وهي تضغط على زر الرفض ثم تتجه الى حقيبتها وتحملها و تنزل اليه في الاسفل بعدما اغلقت باب شقتها جيدا ..
اما باسل فكان ينتظر قدوم ميرنا بفارغ الصبر ليلمحها وهي تسير نحوه ليجدها غاية في الرقة بالرغم من ذلك الالم الذي يسكن عينيها والشحوب الذي يسيطر على ملامح وجهها طوال الوقت ..
منحها ابتسامة هادئة بعدما شعر بتوترها وهي تقترب منه بينما وقفت هي امامه وقالت بخفوت :
" مساء الخير .."
رد وهو يتأملها كليا :
" مساء النور ..."
تنحنحت بحرج من نظراته ليبتعد عنها وهو يتجه نحو باب السيارة من الجهة التي بجانب جهة السائق ويفتحها لتلج ميرنا الى الداخل وتجلس في مكانها وفعل باسل المثل قبل ان ينطلق بسيارته الى الحفل ..
كان السكون مطبقا عليهما فلم يتحدث ايا منهما بكلمة .. وصلا اخيرا بعد اقل من نصف ساعة ليهبط باسل من مكانه ويتجه نحو ميرنا ويفتح الباب لها في الوقت الذي كانت ميرنا تستعد للنزول وحدها ..
هبطت ميرنا من السيارة وهي ترمقه بنظرات مترددة ليبتسم بهدوء وهو يقول :
" يلا بينا .."
سارت بجانبه وهي تشعر برغبة شديدة في الهروب ..
ولجت الى داخل الحفل بجانبه لتبدأ الانظا بالاتجاه نحوها ..
كان الجميع يتسائل عن هوية الفتاة التي دلفت مع باسل الى الحفل وتسير بجانبه بينما يسيطر على ملامحه النظرات الهادئة والابتسامة المرحبة الموجهة لكل من يراه في طريقه ..
لمحتهما عائلته فشعر والده بالغصب بينما كادت ان تنفجر ماريا من شدة الغل ..
تقدم باسل نحو عائلته بعدما همس لميرنا :
" تعالي اعرفك على عيلتي .."
سارت معه على مضض ليجذبها من كفها ويقول وهو يقدمها لوالده:
" ميرنا يا بابًا .. زميلتي من ايام الجامعة وموظفة عندي دلوقتي .."
رمقتها ماريا بنظرات حاقدة بينما رد والده على مضض :
" اهلا يا ميرنا .."
ردت ميرنا بحرج :
" اهلا بحضرتك .."
رسمت نورا والدته بسمة هادئة وهي ترد :
" اهلا حبيبتي .."
" اهلا بيكي .."
قالتها ميرنا بخفوت بينما رد باسل :
" نسيت اعرفك .. دول امي وابويا .. جنى اختي وراسل اخويا .. جومانة بنت اخويا وماريا والدتها .."
بالكاد سيطرت ماريا على اعصابها وهي تسير مبتعده عنهم بحقد بينما همست ميرنا بحرج :
"اهلا وسهلا .. تشرفت بيكم .."
ابتسمت جنى وهي تقول:
" الشرف لينا يا حبيبتي .."
بينما حياها راسل بأدب ..
صاح احدهم بعد لحظات على باسل لتهمس له ميرنا :
" تقدر تشوفه .."
لتتدخل جنى قائلة :
" سيبها معايا وروح شوف ضيوفك .. متقلقش .."
ثم اكملت جنى وهي تحاول ازالة الحرج عن ميرنا :
" تعالي معايا شويه .."
سارت ميرنا معها وهي مضطرة لذلك وقد باتت الاجواء تخنقها بشدة ..
مكان مغلق مع العديد من الناس يبدو الامر صعبا ومرهقا جدا بالنسبة لها ..
وقفت بجانب جنى التي اخذت تعرفها على بعض الاصحاب حينما التفتت فجأة الى الخلف لتجد ماريا ترمقها بنظرات غير مريحة اثارت الرعب داخلها ..
.........................................................
كانت ميرنا تقف بجانب جنى واحدى صديقاتها تستمع الى احاديثهما بوجه هادئ وقد وجدت في احاديثهما وضحكاتهما و عفويتهما فرصة لاعادة ذكريات الماضي حينما كانت تفوقهم بالمرح والعفوية ..
وقتها كان كل شيء جميلا رائعا اما الان فحياتها باتت عبارة عن مأسي تلحق بعضها بسرعة  ..
رأت باسل يتقدم نحوها وهو يبتسم بخفة قبل ان يصل اليها ويقف بجانبها ويرحب بصديقة اختها التي قالت باعجاب :
" البارتي حلوة اوي يا باسل .. حقيقي حبيت الترتيبات المبدئية .."
رد باسل برزانه :
" شكرا .."
انحنى نحو ميرنا وهمس بجانب اذنها :
" تحبي تبقى لوحدك  ..؟!"
التفتت نحوه بدهشة وقد التقت عينيها المذهولين بعينيه الدافئتين للغاية هذه المره ..
ارتبكت كليا وقالت :
" مش ضروري .."
قاطعها وهو يجذبها من كف يدها ويسير بها نحو الطاولة البعيدة بعث الشي والمنعزلة قليلا بينما هي تسير بجانبه دون ادنى محاولة للرفض ..
وقفا بجانب بعضيهما لتتفاجئ ميرنا انه لن يتركها لوحدها بل سيكون بجوارها و الغريب انها وجدت نفسها مرتاحة لهذا الوضع بشدة ..
صمتت كالعادة حينما قلل بهدوء :
" عجبتني المنطقة اللي عايشه بيهه .. هادية جدا .."
ردت ميرنا بجدية :
" فعلا هادية اوي .."
عاد الصمت بينهما قبل ان تتذكر ميرنا شيئا فتستدير نحوه وتسأله :
" انت عرفت عنواني منين ..؟!"
منحها ابتسامة ساخرة وهو يرد :
" مش عنوانك بس ..  حتى رقم تليفونك .."
سألته مستنكره :
" ازاي ..؟! جبتهم ازاي ..؟؟"
غمز لها وهو يهتف بثقة :
" ده شغلي  .."
انهى كلماته تلك وهو يبتسم بغموض اثار انزعاجها كثيرا ..
...................................................
كانت ميرنا ما زالت تقف بجانبه حينما لمحت نزار وعصام يتقدمان نحويهما ..
رحب بهما باسل بحرارة ثم حياها كلا من نزار وعصام لترد تحيتهم ببرود ..
اخذوا يتحدثون سويا حينما شعرت بنزار يقف بجانبها ويهمس لها :
" فتحتي الفلاشة ..؟!"
هزت رأسها نفسا ليهتف بدوره :
" متنسيش كلامي وافتحيه .."
ثم اكمل وهو يرميها بنظرات متهكمة :
" جميل الفستان والشعر .. بقيتي بتخرجي من قوقعتك اللي قرفتيني بيهه .. نفسي تفضلي كده حتى بعد ما تفتحي الفلاشة وتشوفي المفاجئة اللي فيها .."
شعرت بالاختناق فخرجت بسرعة نحو الحديقة لينتبه باسل بالطبع فينتظر قليلا حيث لا يستطيع تركهما فجأة ويلحق بها وقد شعر بالقلق من شحوب وجهها ...
كانت ميرنا تقف في احد اركان الحديقة تأخذ نفسا عميقا عدة مرات وقد بدأ الصداع يسيطر عليها ..
تذكرت امر تلك الفلاشة فارتعبت كليا مما قد تحتويه ..
لم تستطلع فتحها حينما عادت ولا تعرف كيف ستفتحها وهي متأكده انها تحوي على شيء ما يسيء اليها ..
اغمضت عينيها بألم وكادت ان تبكي غير منتبهه لتلك التي اخذت تراقبها بغيظ قبل ان تشير الى الخادمة لتنفذ ما طلبته ..
كادت ميرنا ان تتحرك بعدما استدارت الى الخلف لتتفاجئ باحدى الخادمات تتقدم نحوها وهي تهتف بإنكليزية واضحة :
" السيد باسل يبحث عنك يا انسه .. "
" انا هنا .. لقد خرجت قليلا لإستنشاق الهواء .."
ردت الخادمة بجدية :
" كان قلقا عليكِ .. حيث قال انك تبدين مرهقة .. اظنه يبحث عنك في الحديقة الخلفية .. تعالي معي .."
سارت ميرنا خلفها وهي تشعر بالاحراج الشديد بسبب تركها لباسل فجأة ..
كانت تسير خلف الخادمة حينما وصلت الى الحديقة الخلفية التي بدت مظلمة بشكل أرعبها فهتفت بخوف :
" اين هو ..؟!لماذا جئنا الى هنا بدلا من أن يأتي هو الى القاعة .."
استدارت الخادمة نحوها وهي ترمقها بنظرات غامضه لم تنتبه لها ميرنا بسبب الظلام لتهمس اخيرا وهي تقترب منها حتى كادت ان ترتطم بها :
" من الجيد ألا تتجاوزي على حق غيرك وتأخذي ما هو ليس لك .."
نظرت اليها ميرنا بعدم فهم وسألتها بنبرة خائفة :
" تقصدي ايه ...؟!"
ودون رد كان تدفعها نحو الحائط وتقبض على رقبتها بقوة خانقة اياها دون رحمة ..
يتبع

عروسي الكاذبة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن