الجزء الأول: مقهى الوردة

631 22 11
                                    


'السارقون وأشجار الزيتون'


كل ما أريد قوله في هذا النص هو أنّي لم أعد أحتمل الحياة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


كل ما أريد قوله في هذا النص هو أنّي لم أعد أحتمل الحياة.
وداعًا.. أنا ذاهب لأموت.

ليس هنا، لن أدفن تحت تراب هذا البلد الحقير، سأعبر نصف الكرة الأرضية وأقتل نفسي، بعيدًا عن الذكريات المتصدئة، عن أصدقائي الذين غدوا أشباحًا، عن حبيبٌ ظالمُ أضاع عمري بالإنتظار.. ولن أدفن بجانبكِ يا أمي، سامحيني!

الإعتراف الوحيد الذي سيخرج مني هو أنّي مع الأسف أحببت. أحببتُ شخصًا واحدًا والآخرون ليذهبوا للجحيم. من الليل أصحو، تنزّ جروحي صارخةً بأسمه، مسّني الجنون، أجرّح صمت السكون بحروفك.. ألم تسمعني!‍؟

اهترئت المقاعد وأحترقت أباريق الشاي، أنتظرت وضاع عمري في محطات الأمنيات، أي قطار سيأخذني أليك؟ بقيت وحدي مع رماد الوحدة، ضجرت من الليالي الساكنة، السقوف فوقي تقطر الموت، ماذا ستقول لموال صبري؟ كيف ستبرر للساعة الميتة أنك علقت في إزدحام النسيان؟

وجسدك.. ألا يشتاق لي؟ ماذا عن الأحضان التي طرزت أجسادنا سويًا بنقشات الرغبة الملتهبة؟ والليالي التي قضيناها نغزل لحد الصباح بخيوط النعاس؟

أرتكبت العديد من الخطايا، سامحني!
كلها أرتكبت بسببك. أنا لا ألومك، حاشاك، أنا أشرح لك أن كل خطوة خطوتها بعد رحيلك كانت تمنيًا لإعادتك إلي.

وها أنت عدّت، أليس كذلك؟


حقائب سفري مجهزة قرب الخزانة والشقة التي لطالما أغرقتها الفوضى كانت شبه فارغة. نظرت للمكان حولي بشيء من الغرابة والسكينة, وإلى المكتب الذي توسطته الرسالة الأخيرة التي ستُرسل إليك أو لن ترسل. المساحة الصغيرة التي شغلتُها لسنين بدت تتملص من ذاكرتي دون إرادتي, كأنّي لم أسكن هنا مطلقًا, كأنّي لم أنم على هذا السرير, أقف أمام تلك النافذة أو أجلس على ذلك المكتب لأتغوط بالكلمات وأتلاعب بها كي ينتهي بها المطاف مسافرة لجهة أخرى من البلاد. هذا المكان لم يعد لي بعد الآن. هذا البلد لن يتذكرني، ولن أتشرف بتذكره أصلًا!

أمام مرآة الحمام, سرحت شعري للخلف بالمشط الصغير ذو الرؤوس الخشنة, حدقت طويلًا حتى جزعت من رؤية وجهي, كنت أحاول إبتكار تسريحة جديدة لكنها لم تناسبني على الأطلاق, رميت المشط في حوض المغسلة وهرولت خارج الحمام, ألتقطت معطفي وخرجت بسرعة قبل أن أعدل عن قراري وأمكث في المنزل.

Thieves & Olive Treesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن