الجزء الحادي عشر: ألتقينا؟

30 5 4
                                    


يقول كريم منصور..
أنا والليل متشابهان، ظلام في ظلام وقطرة من الضي، قطرة وضاعت بين الغيوم وصدري بقى منجمًا للهموم!

أستمعت لهذه الأغنية كالصلاة الصوفية على مسجل والدي القديم، فاهي مفتوح بإنسحار بينما أخذ قلبي يحلق بوجدان عصفور تعلم الطيران حديثًا. وقتها كنت قد عدت جريًا لمنزلي بعد أن قبلني مونرو وتبخر.

لا ألومه، فأنا المحموم لسعتني حشرة الهيام وأسكرتني وتبخرتُ أيضًا، أغمضت عيني بأجفاني الرطبة وخزنت الثواني تلك في ذهني وطردت كل شيء غيرها.

أنا والليل والكأس وصورهم.. عايش بالأمل، باقٍ أنتظرهم..

وبختني أمي على إستماعي لأغنية السكارى كما أسمتها، لكنها جلست بجانبي بعد حينة من ألحان الكمان الباكية، وأخذت تستمع بصمت وخدها الأحمر مستند على كفها. تلك الأغنية مست شيء في قلبي وقلبها كلانا لم يستوعبه، أبتسمنا لبعضنا، هزت رأسها بغير رضى لكنها أستسلمت لفؤادها وصمتت.

أمي حبيبتي، أنا سكراااااان!

تلك القبلة يا أمي طيرت عقلي، أرجفتني، قتلتني، بحق عينيك الحنينتين، أنا مغرم!

أنا والليل، أنا والليل
أنا الليل وهو قطرة الضوء!

حمل ذاك اليوم أجمل ذكرى قضيتها مع حبيبتي أمي وحبيبي المتبخر.

في اليوم الذي تلاه وبعد إنسدال ستارة الليل وأنا على وشك الولوج لفراشي، دق الجرس. فتحت الباب وكان مونرو واقف ورأسه منحني للأسفل، قبضتيه مضمومتين بإحكام، تزاحمت الظلال فوق ملامحه الفتية، أول مرة يأتيني لمنزلي.

جاء الضي بنفسه..

أخذنا نسير سويًا نحو ضفة النهر في نهاية المنطقة كما كان شيمنا، عكس المعتاد، كنتُ هادئ النبض، لم أشعر بالقلق ولا الإحراج كعادتي عندما نمشي سويًا، فقد أستعار هو الدور مني، صامت كمن بلع جمرة من نار، كتفيه العريضين منحنيين للأمام، مذلول. كنت أود أن أخبره أني بالحقيقة أسعد إنسان بعد أن تلاقت شفتينا وتصافحتا بتلك العدوانية الشبابية!

يا لها من تراجيدية إن كنت لا تشعر بالمثل..

"كانت غلطة"
وقف شعر جسدي بأكمله..
"كانت غلطة وأنا أعتذر، لا أعلم.."
صفرت أذناي بأنين..
"لا أعلم ما أنتابني، لم أقصد أن تحدث بهذه الطريقة"
أرتفع صوته أكثر مع تبريراته المزيفة وأنا أغلي وأحترق، ملتزمًا الصمت.
"كانت أكبر غلطة.. لا تنظر إلي بسوء، كنت غاضب، لم يكن من حقي.."
وقفت على حافة الضفة، صادًا ظهري إليه، لم أسمع بعد ما كان يقول، شعرت بمعدتي تحترق، رغبت بالتقيء حتى تنسى أذناي ما سمعتاه منه.
"زيد أنظر إلي" وقف أمامي وجرني من يدي، أبعدتها، جرني مرة أخرى فدفعته، كاد أن يقع.. عينيه المدورتين يرتجافان في محجريهما، الدموع تكسوهما كالغطاء الخجول، إلا إن كبريائه أجبره على رفع رأسه بإختيال كيلا تنزفان.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 7 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Thieves & Olive Treesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن