تائه بين الماضي والحاضر وكالأرض العطشى التي تنتظر المطر، يدخل زيد بعلاقة مع امرأة تكبره سنًا ثم مع شاب أثر نزوة لا يجيد الهرب منها، وبين إضطراباته بين العلاقتين يحاول أن يبرر مشاعر تلازمه منذ عشر سنين لصديق مراهقته الذي أختفى وأضنى فؤاده.
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
"أظن أنكِ أول من أحببت" لعنني الله كم أكذب!
تجنبت النظر لعيني مباشرةً, أطرقت رأسها للأسفل وعقدت حاجبيها بتساؤل, "ماذا عن نوني؟"
"لا أصدق بأنّي أحببت نوني حقًا. كنتُ مجرد فتى. هل هذا يُحسب كـ حب؟!" أكاد أن أجن! ما الذي أقوله أصلًا؟ نوني نوني..! ما داعي هذا الموضوع الآن؟! سألتني إن كنتُ أحبها وها أنا أحاول ارضائها بأي طريقة ولا يعجبها!
صمتت لوهلة, كانت تبدو كمن يحاول إيجاد إجابة لكنّي شعرت بأن شيء ما آخر بها قد ضللته بهذه الهمهمة الطويلة, قررت أن أنتشلها من بحر أفكارها.
"لا يهم.. أنت هنا, وأنا أحبكِ, هذا كافي بالنسبة لي. حتى وإن أحببت نوني في ما سبق, فلا أظن بأنّي أحببتها بالطريقة التي أحبكِ بها الآن أفهمي!"
"أظن أنه يُحسب." قاطعتني سهاد فجأة بطريقة جعلتني أفهم أنها لم تكترث بكلامي السابق على الأطلاق, "وبنظري أجده أنقى أنواع الحب, فمثلما أخبرتني سابقًا, أنت لم تحبها لغنائها ولا لجمالها, بل لنقاوتها وخجلها, كنت طفلًا, هذا صحيح. لكن لا يعني بالضرورة أن حبك آنذاك لم يحسب. أنا سعيدة كونّي ثاني من تحب, حتى وإن كنت الثالثة أو الرابعة. لا يهمني. كل ما أريده منك هو ألا تستهين بي وألا تستهين بمشاعري تجاهك، ولا تقلل من قيمة مشاعرك تجاه من أحببت يومًا حتى لو بعد سنين!"
أصمتي! أنتِ لا تعرفين شيئًا!
"أنا آسف حقًا-" كررتها للمرة الخامسة على الأقل، كابحًا سخطي بصعوبة. على ما يبدو أن جلّ ما أقوله لا يعتبر صادقًا على الأطلاق، أنا الأحمق الوحيد الذي يقول الكذبة ويصدقها.
"أحبك حبًا لا أفقهه يا زيد، وهذا يخيفني.. قلما أفهم نفسي حين أكون بقربك.. أرجوك أخبرني بالوقت الذي تمل فيه من هذا الجنون ثم أرحل أينما تريد. أخبرني ولا وتتركني فحسب في دهاليز الضياع"
نظرت لها مطولًا دون أن أنبس ببنت شفة, لم أتخيل ولو قليلًا إنها قد تتفوه بمثل هذا الكلام, حثّت بي الرغبة لأنهض وأركض مبتعدًا حتى أسقط ببالوعة ما، ففي تلك اللحظة بالضبط تذكرت أنني أنتمي هناك.