مرت على علاقتنا ستة أشهر عندما سألتني سهاد ذات مرة وهي طريحة الفراش, عارية الجسد وناعسة العينين:"أخبرني عن حبك الأول"
لم أفهم سؤالها في بادئ الأمر حتى كررته, كنت مشغولًا بمراقبة شعرها الأسود النفطي يجامل البياض الناصع لقماش الوسادة الناعسة. همهمتُ مراوغةً للوقت ورفعت جسدي عن السرير, أستندت بمعصمي وأقتربت من وجهها, طبعت قبلة على حاجبها الأيسر, ثم جفنها, ثم شفتيها, تسللت يدي لمعدتها, أتحسسها بأطراف أصابعي صعودًا ونزولًا فأبعدتني وهي تضحك ثم أحتجت بغضب مصطنع بأنّي أتجنب الرد.
رميت رأسي على الوسادة بأستسلام وزفرت الهواء, أتذكر تلك الليلة العاصفة وأوراق الأشجار الهزيلة تحلق كالعصافير في سرب ثم تهم ساقطة في منتصف بقعة ماء نتجها المطر. أتذكر البرودة, وألم الكرة المحلقة التي ضربت رأسي وأدت لسقوطي على مؤخرتي ككلبٍ صغير.
"كنت أبلغ الخامسة عشر... كنت أبيع العلكة في حديقة عامة بالليل. وإن كنت تتسائلين لم, فقومي بتأجيل سؤالك لوقت لاحق"
نظرت لها قبل أن أكمل, كانت متمسكة بذراعي العارية بكلتا يديها الصغيرتين وشبح أبتسامة يخيم على شفتيها. أكملت:
"ضربتني كرة على رأسي ووقعت, تطايرت العلكة وسقطت في... في بقعة من المياه القذرة التي خلفتها الأمطار و.." شرحت الأمر بيداي, كل صورة في ذاكرتي بدت تتراوى أمامي بوضوح, صمتّ ونظرت للسقف, صدمتني مشاعري مرّة واحدة كقطار مسرع, رغبت بالسكوت لكن يديها قامت بهزي بفضول. "أردت البكاء لكنّي كنت فتى عنيد ويابس الرأس, لا أرضى بالمذلة" أولت من حجم كلماتي بسخرية لكنها أخذتها بجديّة.
"ولا تزال كذلك." قالت بنبرة خجولة وهي تعض ذراعي بأسنانها الصغيرة.
"أمسكت الكرة, نهضت بغضب ورغبة بالشجار تغلغت في دمي. أتى فتى مسرع ناحيتي ولحقه فتيان آخرون, كان طويل القامة, يرتدي سروال رياضي قصير ضيق و... وقدميه مفتولة العضلات! بالنسبة لعمره على الأقل. أبطئ من سرعته حينما رآني وأخذ بالإعتذار, صعقت وقتها لأنّي كنت الخائف من حجم عضلاته, ظننت أنه سيميتني. لكن من شدة حقني, رميت الكرة فأتت بمنتصف عورته, أنكمش كالنملة وخفت أن يصفعني, إلا أنه أخذ بالضحك بعدها وهمّ بإلتقاط أكياس العلكة المدمسة بالطين من الأرض"
"أحب رؤيتك تتحدث"
أبتسمت لها وأكملت, على الرغم من المرارة في فمي:
"حينما رأى العلكة خاصتي قد تلفت, أخرج مبلغ من جيبه, بل من سرواله الداخلي, لا أعلم أين كان يضعه إلا أنه نبش طويلًا عنه, كان مضحك ومقرف لا أصدق... أعطاني أياه, وأجبر أصدقاءه على الدفع لي أيضًا, كان المبلغ أكبر مما أستحق بأضعاف لم أقبل في بادئ الأمر لو لم يهدنني بأن يضربني بالكرة مرة أخرى. لا أعلم..."
أنت تقرأ
Thieves & Olive Trees
Romanceتائه بين الماضي والحاضر وكالأرض العطشى التي تنتظر المطر، يدخل زيد بعلاقة مع امرأة تكبره سنًا ثم مع شاب أثر نزوة لا يجيد الهرب منها، وبين إضطراباته بين العلاقتين يحاول أن يبرر مشاعر تلازمه منذ عشر سنين لصديق مراهقته الذي أختفى وأضنى فؤاده.