الجزء الثامن: الزاوية السياسية

117 7 4
                                    


الميول الجنسية..

لم اسأل نفسي عمّا هي، عمّا أرغب به بالفعل، عما أنجذب له أكثر من غيره.. لم أفهمها أبدًا.

تعرفت على كريم الحلاق في يوم عشوائي ما، وعلى سهاد في يوم عشوائي آخر، وأما مونرو فقد كان القدر من عرفنا. هذا ما أقنع نفسي به.
ثلاثتهم جعلوني أشعر بالإنجذاب، لشيء غير ملموس يتحكم بجسدي كالخيوط التي تشد على جسد دمية.

أدرك جاذبية النساء وقوتهم عليّ، لكن في حياتي كلها لم أمنع نفسي عن التفكير بالرجال، بالطبع كنت ألتزم بتحفظي عن مشاركة هذه الحقيقة لكل من له أذنان، لكن في الوقت ذاته، لم أجد شيئَا يستطيع أن يحدني عن الشعور بما أشعر به.

في مرة من المرات، تشاركنا أنا وأصحابي محادثة غريبة جعلتني أفكر بعدها بفعلية وجود هذه الميول في مكان ما داخلي..

كنا مجتمعين في الباحة الخلفية لبيت عامر, أنا وأربعة من الأصحاب. أشتدت شرارة نقاشاتنا عندما أحضر عامر أبريق الشاي من مدخنة الفحم ووبدأت الأصوات تُعلى تدريجيًا.

كان سلمان يقرأ الجريدة بصوت عالي لنسمعه جميعنا ونعلق على الفقرات التي تثير إهتمامنا. قبل أن يصل للصفحة الأخيرة كان هنالك خبر لابد وأنه شدّ إهتمامه حيث تقلصت عينيه وتفرقت شفتيه دالة على عدم فهم أو قرف.

"يُقال هنا... أيها المستمعين الكِرام أن مظاهرة صغيرة وقعت في ولاية فيلادلفيا في الولايات المتحدة الأمريكية بشأن أعمال العنف والكره ضد المثليين, ما هذا أنا لا أعلم لم جريدتنا المحلية شعرت برغبة بوضع هذا الخبر هنا" حك سلمان رأسه وأخذ رشفة من كوب الشاي الخاص به.

لم يعلق أحد, ربمّا شعروا بالملل أو لم يسمعوه جيدًا, حالما أنتهى سلمان من شايه, وضع الجريدة جانبًا وتحدث بالجديّة المعتادين عليها:

"إذًا ماذا ستفعلون لو رأيتم أحد المثليين الجنسيين في الشارع يتعرض للضرب فقط لأنه يحب أن يأخذ القضيب في المؤخرة؟" رمى سلمان بالقنبلة ووضع ساق فوق الأخرى منتظرًا إجابة من كل واحد.
"هل أنتم توافقون الحزب الجمهوري التقليدي الفيلاديلفي بمحاربة المثلية وجعلها غير قانونية أم الحزب الديموقراطي اليساري الفيلاديلفي بالقبول بها؟"

"ولم سأهتم؟" كان علي أول من يجيب, بنبرة تدل على إنزعاج وعينين مغلقتين بإحكام, بدا كأنه يريد إكمال حديثه لكنه فقط لم يقوى على ذلك.
لم أعرف علي شخصيًا, كان صديق لعامر مما أضطرني أن أصبح صديقًا له أيضًا, لذلك لم أكن بدراية عمّا يفكر به تحديدًا.

"أظن بأنه يقصد إن كنّا سنعتدي عليهم لغويًا أو جسديًا, أو ندافع عنهم ونحميهم من الأذية, كوننا شباب ندّعي بكوننا يساريين الفكر"
وضّح عامر الفكرة وهو يحرك يديه ثم شابكها في حضنه, لطالما أحببت هذه العادة خاصته, قوست شفتاي للأسفل وهززت رأسي حالما لاحظت أنه أنتبه لي.

Thieves & Olive Treesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن