🍓الفصل الواحد والأربعون🍓

1.2K 40 3
                                    





🍓الفصل الواحد والأربعون🍓
( الجزء الثاني )



بوجهه المتجهّم وتقطيبة حاجبيه التي ما عادت تفارق وجهه يبحث عن ورقة يحتاجها لإنهاء كلّ أموره في العقبة فها قد وصل كتاب نقله أخيرا إلى عمّان كما طلب ليكون قريبا من أولاده دائم التواجد معهم دون أن يرمي مسؤوليتهم هذه المرة إلى أيّ أحد حتّى والدته، ولكن يبقى النمر مشكلته الأساسيّة مضطر أن يبقيه مع أمّه لبنى صاغرا نهارا حيث لا أحد في البيت موجود ليعتني معه، متحمّلا مكالماتها الكثيرة التي بلا داعي وشكاويها التي لا تنتهي ومطالباتها الماديّة التي يعرف أنّها مبالغ بها، هذا عدى عن آمالها التي أصبحت صريحة بعودة تراها حتميّة إليه، فهو وأولاده محتاجون إليها وأهلها غير مجبورين بفوضى ابنه فيحتملوه
حمقاء لا تعلم أنّ من سما للثريا ليس من الممكن أن يخطو بقدميه فوق الثرى مرّة أخرى، أنّ من ذاق الجنّة ونعيمها، لن يفعل ما يقرّبه من الدنيا وجحيمها
يائسا من البحث جلس أخيرا يزفر أنفاسه بحيرة وضيق
يحتاجها، في كلّ تفصيلة من تفاصيل حياته يحتاجها و... يفتقدها
كيف تُراها غزت حياته بكلّ تفاصيلها خلال فترة وجيزة وبكلّ هذه السيطرة لا يعلم
لقد اكتشف خلال الأيّام الماضية أنّها قد تدخّلت بتفاصيل كلّ أبجديات حياته، أنّها أعادت تنظيمها بطريقتها وبثّت فيها من روحها
أشياءه... غرفته... بيته... بل حياته بأسرها

أصبح كلّ شيء من بعدها كمدينة خاربة لا يعمّها إلّا الفوضى، فوضى مهما حاولت ابنته أو حتّى والدته التخفيف منها لا تنجحان إلّا بمواراتها، ومهما حاول هو ادّعاء أنّ كلّ شيء على ما يرام تأتي تلك اللحظات التي يسلّم بها أنّه يحتاجها، يريدها في حياتها، وأنّه.... كان أحمقا غبيّا عندما بعنت قد استنغنى عنها بسهولة، عندما ظنّ أنّه لا يزال صاحب القرار والكلمة الأخيرا وأنّه... قادر!!
بغضب بقهر بضيق أمسك بالوسائد بجانبه وقذفها بعنف أرضا
يحتاجها... يفتقدها... و...
بعنف وقف الكاسر ينظر حوله من جديد
اللعنة
أين تُراها كانت تضع الأوراق المهمّة الخاصّة به... أين!!
آآآهٍ لو كانت بين يديه الآن لكان...
صوت فتح الباب وانصفاقه أثار انتباهه، فتوجّه نحوه بخطوات عريضة متسارعة وكما توقّع لقد كانت ابنته، فباغتها بسؤال متعجّل عن مكان إخفاء لميس للأوراق المهمّة فنظرت إليه بحيرة واضطراب وأجابته: مش عارفة، ولا مرة انتبهت، بسّ أكيد بالغرفة، بأيّ جارور
بغيظ أجابها: ما ضلّ جارور ما دوّرت فيه، كلهم فتّشتهم
بارتباك نظرت إليه وبتردّد اقترحت تقول: طيب... ليش ما ترنّ عليها تسألها؟
بصدمة نظر إليها وسألها: أرنّ عليها
ببساطة هزّت ابنته كتفيها وأجابته: آه شو فيها!
للحظة ارتبك الكاسر وباللحظة الأخرى اضطربت نبضاته وبالثالثة... ثارت!
يتّصل بها! أي... يكلّمها و... يسمع صوتها
ولكن... أيصحّ ذلك؟ لقد... طلّقها
ولم لا؟ ها هو يكلّم لبنى أحيانا عندما يضطر لأجل سبب يخصّ أحد الأولاد
ولكن هل هو مضطر؟
بحرارة قلبيّة وجد نفسها يتمنّى، ألا ليته يمتلك منها ولو ولد!
بتعنّت أقنع نفسه، ولم لا؟ فالورقة أيضا مهمّة وهو يحتاجها بشدّة... ملحّة
بعزم دخل الكاسر إلى غرفته وأمسك بالهاتف، ثمّ بحث فيه عن التطبيق الذي اعتاد مكالمتها به وهو بعيد، ورغم ضنى روحه اختار اتّصالا غير مرئيّ وقام بالاتّصال
تووت... توووت... تووووت
رغم كآبة الرنين ورتابته إلّا أنّه قد استطاع تأجيج لهفته وإشعال أنفاسه فتقطّعها بشكل مخزي
ساخطا من نفسه أنهى الاتّصال
أحمق وضعيف، ما هو إلّا اتّصال، سؤال وجواب، سلام ووداع، فما الداعي لكلّ هذه اللهفة
اثقل!
هكذا أمر نفسه، ثمّ أكمل مؤكّدا جلده لذاته
استرجل وكن على قدر قراراتك مهما بلغت حماقتها ومهما تبدو لك الآن ظالمة خاطئة
بقوّة وعزم شحذ همّته من جديد وأخذ نفسا عميقا ثمّ عاود الاتّصال
انقطاع صوت الرنين البطيء قطع بالمثل أنفاسه وأخيرا ها هو صوتها يصفعها من جديد فتتسارع متخبّطة وبلا قيد: كاسر شو فيه؟ شو صار؟!!
صوتها... آهٍ منه
ألم يكن هو ذاته ما جذبه أوّل ما جذبه إليها؟
روحه رغما عنه حلّقت ترفرف عند ذكرى أوّل مرّة تحدّث إليها عبر هاتف منال، أول مرّة رآها بها وما بينه وبينها باب مفتوح، لا يعلم من منهما دعا الآخر ومن منهما الذي لبّى، ولكن... مهلا، فهذه لم تكن حقّا المرّة الأولى، فلماذا يصرّ دوما هو على النسيان، وكأنّما تلك المحترقة المشوّهة ليست هي ذاتها لميس زوجته

بين عينيك ذنبي وتوبتي (ج3 من سلسلة مغتربون في الحب) لِـ "نيڤين أبو غنيم"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن