🍓الفصل الحادي عشر/ج2🍓

1.1K 44 0
                                    





🍓الفصل الحادي عشر🍓
"الجزء الثاني"

استيقظ الكاسر من نومه كمن يصحو من غيبوبة طويلة فيجد ذهنه فارغا تائها بلا ذاكرة ولا اسم ولا تفاصيل مشوِشة، صفاء فقط هو كلّ ما كان يملأ ذهنه في تلك اللحظة التي فتح فيها أهدابه لتطالعه شمس الضحى الخجولة

شعور غريب بالراحة كان يتخم جسده وحالة من الرضا كانت تملأ روحه بخفّة محلّقة به إلى عالم عجيب من النشوى
مسّد الكاسر على صدره الذي فجأة بدأت نبضاته تستيقظ واحدة تلو أخرى تطرق على بيبانه بينما تفاصيل الساعات القليلة الماضية تعود لتضرب ذاكرته بقوّة وكأنّه يحياها من جديد

لهفته، جوعه، اشتياقه، جموحه وشغفه، مقابل نعومتها لينها طاعتها ارتعاشاتها خجلها و... دموعها... وآه من دموعها
تلك الدموع التي لم تزده إلا جموحا وهي تؤجج من نيران شوقه كحطب سريع الاشتعال دون أن يمتلك أن لا يفكّر في سببها، تلك الدموع التي جعلته همجيّ التصرّفات رافضا السؤال عن سببها خشية من إجابة قاصمة لظهر غيرته فتزيده جنونا، فزوجته لم تكن عذراء لتتمنع أو تبكي خشية من ألم، بل لقد كانت متزوّجة لسنوات فأيّ سبب قد يجعلها تبكي إلّا سببا كذاك، بل... ذكرى لـ... ذاك

والآن وبينما هذه الفكرة التي هرب منها بالأمس تضرب وعيه بقوّة نظر لجانبه بعنف ونظرة متّهمة تملأ عينيه رغم علمه منذ أن استيقظ أنّها لم تعد بجانبه، فضرب بكفّه بغضب على الوسادة الباردة حيث كانت ترقد بينما عيناه تتوهّجان بنيران مشتعلة توشك على إحراقها
أتراها كانت تحبّه؟
ألا زالت حزينة على فقده؟
ألهذا لم تتزوّج من بعده كلّ هذه السنوات؟
أكانت تتمنّع عليه كما فعلت معه هو ليلة أمس؟ تغرقه بدموعها كما أغرقته هو؟ أنالها مرتعشة باكية كما نالها هو؟ أذاب في نعومتها في رقّتها كما ذاب هو؟ ألامسته بأطراف أناملها هامسة باسمه توسّلا كما توسّلته هو؟ أم تراها... فعلت أكثر؟

ربّما تكون بادلته شوقه بشوق، قبلته بقبلة، لهفته بلهفة، سعادته بسعادة، كما لم تفعل معه هو!
بغضب عارم وهياج فكّر الكاسر بحقد، لماذا... لماذا إن كانت لا تزال على ذكراها باقية تزوّجته؟! بل... قطّب الكاسر مفكّرا، بل لماذا قبلت به هو دونا عن غيره؟ ألأنّه لديه ما يكفيه من الأولاد ولن يطالب بالمزيد؟!

حسنا هو سبب منطقيّ مقنع... هو لن يفعل، لن يطالبها بأطفال أمر إنجابهم ليس بيدها هي ولكنّه حتما... حتما سيطالبها بإخلاص لا تشوبه شائبة لا برؤيا لحيّ أو ذكرى لميّت، سيطالبها بقلبها نقيّا راضخا كلّه له حتّى وإن اضطرّه الأمر أن يجتثّه مقتلعا إيّاه من جذوره!
نعم سيفعل، ولكنّه ولكي يفعل عليه أن يجدها أوّلا

وقف الكاسر بسرعة وستر النصف السفلي من جسده قبل أن يخرج من الغرفة بحثا عنها بعيونه الغاضبة المحترقة، فأين قد تكون في هذا الوقت ولم هي ليست بجانبه والسّاعة لم تتجاوز بعد السادسة صباحا؟
ما إن خطا الكاسر بقدميه الحافيتين إلى صالة الجلوس الصغيرة حتّى اضطربت عيناه بصدمة وتوقّفت أنفاسه وتجمّد جسده كردّة فعل تلقائيّة

بين عينيك ذنبي وتوبتي (ج3 من سلسلة مغتربون في الحب) لِـ "نيڤين أبو غنيم"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن