الفصل الثاني

2.6K 155 33
                                    

الفصل الثاني

بعد مرور عام..

آثرت الوحدة ليس حباً فيها وإنما هروباً من زيف البشر، لأشفي جراحاً عميقة بالروح وأفكر في مجريات أموري، أصحح أخطائي فأعود أنا_ هذه الفتاة التي عهدتها دوماً_من ترى العالم من خلال عيون أبيها صاحب القلب الكبير، الصدر الحانِ الذي ما إن أحتاج إليه حتى أرتمي بين ذراعيه فأجد الملجأ والسكن لأفتخر دوماً أني.... مُدللة أبي.

تراجع في مقعده يسند رأسه إليه وهو يمرر أنامله على حروفها بحنان، تنهد بعمق مغلقاً ذلك الذي ظنه كتاب أحمر ليكتشف أنه مجلد لذكريات هذه الفتاة التي تعلق بها، تخُط فيه مشاعرها فتسلب قلبه بالكامل كما سلبت لبه من قبل، لقد بات يحفظ كلماتها وكأنها حُفرت بوجدانه، يبحث بينهم عن أي دليل يقوده إليها ولكن لا فائدة.. لم يجدها حتى الآن وربما لن يجدها قط، يدرك انه أضاع فتاة أحلامه وأنه لن يرتضي دونها رفيقة لروحه التي تعلقت بها بالكامل وجعلته عاجزاً عن الكتابة حتى، يبحث عنها في كل مكان دون جدوي، لا يبالي بتذمر جلال الذي يطالبه دوما برواية جديدة ولا يهتم لشيء سواها، ربما سيعتزل الكتابة وربما سيظل دوما العازب الأشهر في المدينة ويُغضب جده ولكنه أبدا لن يفقد الأمل في العثور عليها، فتاته الغامضة الرائعة..تري أين هي الآن؟ وماذا تفعل؟
_______________

كان تسير شاردة في أفكارها تعتلي ملامحها نظرة حزينة تعبر عن فحوي هذه الأفكار حين أفاقت من شرودها على صوت يناديها توقفت وإستدارت لتتبدل ملامحها على الفور وتعلو ثغرها ابتسامة رقيقة وهي ترى هذا الرجل العجوز الذي يقترب منها وما ان أصبح أمامها حتى قال من بين أنفاسه اللاهثة:
_تعبتيني من الجري وراكِ يادكتورة.

أمسكت يده وقادته تجاه مقعد عريض لتجلسه وتجلس جواره قائلة:
_معلش ياجدي، خد نفس الأول.. مخدتش بالي والله.

طالعها بنظرة متفحصة تنفذ دوماً إلى أعماقها وهو يقول:
_كل ده ومخدتيش بالك،ده انا ناديت عليكِ كتير، أكيد كنتِ سرحانة، ها.. قوليلي الجميل سرحان في ايه؟

_أبدا مفيش حاجة.

أطرقت برأسها أرضا تدرك أنه سيدرك كذبتها إن إستمر في النظر إليها هكذا وربما بدأت في البكاء  لتردف قائلة:
_شوية مشاكل بس في الشغل.

وجدت أنامله ترفع ذقنها لتقابل عيناها عينيه العميقتين وهو يقول:
_مشاكل ايه اللي في الشغل تخلي العيون الحلوين دول يدمعوا، انتِ هتخبي على جدو رءوف يابنتي؟

وجدت الدموع تغادر مقلتيها لا إرادياً ليأخذ الجد هذا المنديل الذي لا يفارق جيب بذلته ويمنحها إياه فاخذته تمسح عيونها قائلة بصوت متهدج:
_أنا آسفة ياجدي، مش قصدي والله أنا بس مش عايزة أشيلك همي.

_ياعبيطة وانتِ لو محكيتيش لجدك رءوف وخرجتي اللي في قلبك هتحكي لمين بس؟

تنهدت قائلة في حزن:
_والله ياجدي وجودك في حياتي هون علية كل حاجة، مش عارفة من غيرك كنت هعمل إيه؟

ذات الكتاب الأحمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن